خطبه الجمعة مكارم الأخلاق
بسم الله الرحمن الرحيم
الخطبة الأولى :
الحمد لله الذي هدانا لهذا، و ما كنا لنهتدي
لولا أن هدانا، وما توفيقي و لا اعتصامي ولا توكُّلي إلا على الله، وأشهد
أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له إقرارا بربوبيته و إرغاما لمن جحد به
وكفر، وأشهد أن سيدنا محمدا صلى الله عليه وسلم رسول الله سيد الخلق
والبشر، ما اتَّصلت عينٌ بنظر أو سمعت أذنٌ بخبر، اللهم صلِّ وسلِّم وبارك
على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه وعلى ذرِّيته ومن والاه ومن تبعه إلى يوم
الدين، اللهم ارحمنا فإنك بنا راحم، ولا تعذِّبنا فإنك علينا قادر، والطُف
بنا فيما جرت به المقادير، إنك على كل شيء قدير، اللهم علِّمنا ما ينفعنا، و
انفعنا بما علَّمتنا و زدنا علما، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتَّبعون
أحسنه، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين.
خلق رسول الله صلى الله عليه و سلم :
أيها الأخوة المؤمنون، سئلت السيدة عائشة رضي الله عنها عن خلق رسول الله صلى الله عليه و سلم فقالت:
(( عَنْ رَجُلٍ مِنْ بَنِي سُوءَةَ قَالَ قُلْتُ
لِعَائِشَةَ أَخْبِرِينِي عَنْ خُلُقِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَتْ أَوَ مَا تَقْرَأُ الْقُرْآنَ وَإِنَّكَ
لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ قَالَتْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَ أَصْحَابِهِ فَصَنَعْتُ لَهُ طَعَامًا وَصَنَعَتْ
لَهُ حَفْصَةُ طَعَامًا قَالَتْ فَسَبَقَتْنِي حَفْصَةُ فَقُلْتُ
لِلْجَارِيَةِ انْطَلِقِي فَأَكْفِئِي قَصْعَتَهَا فَلَحِقَتْهَا وَقَدْ
هَمَّتْ أَنْ تَضَعَ بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَكْفَأَتْهَا فَانْكَسَرَتْ الْقَصْعَةُ وَانْتَشَرَ
الطَّعَامُ قَالَتْ فَجَمَعَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ وَمَا فِيهَا مِنْ الطَّعَامِ عَلَى النِّطَعِ فَأَكَلُوا ثُمَّ
بَعَثَ بِقَصْعَتِي فَدَفَعَهَا إِلَى حَفْصَةَ فَقَالَ خُذُوا ظَرْفًا
مَكَانَ ظَرْفِكُمْ وَكُلُوا مَا فِيهَا قَالَتْ فَمَا رَأَيْتُ ذَلِكَ فِي
وَجْهِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ))
[ ابن ماجه عن عائشة]
هذا خلق رسول الله.
أخلاق المؤمنين :
سئُلت مرة ثانية عن خلق رسول الله صلى الله
عليه و سلم فقالت:أما تقرأ القرآن؟ قيل لها: بلى، قالت: كان خلقه
القرآن..." و سئُلت مرة ثالثة عن خلق رسول الله صلى الله عليه و سلم فقالت:
أتقرأ سورة المؤمنون، هكذا كان خلق رسول الله..."
﴿ قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي
صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ *
وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ
حَافِظُونَ * إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ
فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ ﴾
[سورة المؤمنون: 1-6]
إلى آخر الآيات، قال تعالى:
﴿ وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى
الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا *
وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا * وَالَّذِينَ
يَقُولُونَ رَبَّنَا اصْرِفْ عَنَّا عَذَابَ جَهَنَّمَ إِنَّ عَذَابَهَا
كَانَ غَرَامًا * إِنَّهَا سَاءَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقَامًا * وَالَّذِينَ
إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ
قَوَامًا * وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آَخَرَ وَلَا
يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا
يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا ﴾
[سورة الفرقان: 63-68]
إلى آخر الآيات، هذه أخلاق المؤمنين وردت في
أكثر من موضع في كتاب الله، فإذا كنت أيها الأخ الكريم معنيا بهذا الخطاب،
إذا قرأت قوله تعالى:
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا ﴾
[ سورة الأحزاب : 9 ]
و كنت معنيا بهذا الخطاب، أي كنت مؤمنا فهذه أخلاق المؤمنين، وما نسبة الأخلاق إلى الدين؟
الأخلاق الكريمة ترفعك في حيِّز الدين :
أخوة الإيمان، نسبة الأخلاق إلى الدين كنسبة
محرك الطائرة إلى الطائرة، قد نُعنى بمقاعدها، و قد نعنى بنوافذها، و قد
نعنى بمرافقها و قد نعنى بجوها المكيف، فإذا أهملنا محرِّكاتها ستبقى على
الأرض جاثمة لا تطير، لأن سبحانه و تعالى يقول:
﴿ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ ﴾
[ سورة فاطر: 10]
لا ترفعك في حيِّز الدين إلا الأخلاق الكريمة، هذا هو عنوان المؤمن:
(( بُنِيَ الْإِسْلَامُ عَلَى خَمْسٍ شَهَادَةِ أَنْ
لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ وَإِقَامِ
الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ وَالْحَجِّ وَصَوْمِ رَمَضَانَ ))
[البخاري عَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا]
هذه دعائم الإسلام، و ليست هي الإسلام، الحديث دقيق جداً:
(( بُنِيَ الْإِسْلَامُ عَلَى خَمْسٍ شَهَادَةِ أَنْ
لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ وَإِقَامِ
الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ وَالْحَجِّ وَصَوْمِ رَمَضَانَ ))
[البخاري عَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا]
كأن الإسلام بناء شامخ، دعائمه الصلاة و الصوم
و الحج و الزكاة و الشهادتان، فإذا أُقيمت الدعائم و لم يُقم فوقها
البناءُ فما قيمة هذه الدعائم؟ النبي صلى الله عليه و سلم كما وصفه
الواصفون وهو قدوة لنا، و اللهُ سبحانه و تعالى يقول:
﴿ لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ ﴾
[ سورة الأحزاب: 21]
النبي كان أحسن الناس أخلاقاً :
وصفه الواصفون فقالوا: ما كان أحد احسن خلقا من رسول الله، ما دعاه أحدٌ من أصحابه أو من أهله إلا قال: لبيك، قال تعالى:
﴿ وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ ﴾
[ سورة القلم: 4]
ووصفه بعضهم فقال: كان عليه الصلاة و السلام
من أشد الناس لطفا، و ما سأله سائل إلا أصغى له، فلم ينصرف حتى يكون السائل
هو الذي ينصرف، وما تناول أحد بيده إلا ناوله إياها فلم ينزع حتى يكون
صاحبُه هو الذي ينزع، لم يكن أحد يصافحه إلا أقبل عليه بوجهه ثم لم يصرفه
عنه حتى يفرغ من كلامه، و ما خُير النبي عليه الصلاة و السلام بين أمرين
إلا اختار أيسرَهما ما لم يكن إثما، فإن كان إثما كان أبعدَ الناس عنه، وما
انتقم لنفسه إلا أن تُنتهك حرمات الله فينتقم لله عز وجل.
كيف فهم الصحابة الكرام الإسلام ؟
يا أخوة الإيمان، الصحابة الكرام حينما
تعرَّفوا إلى الله عز وجل سمت نفوسُهم، فصاروا كالكواكب الدرِّية، فصاروا
كالنجوم اهتدى الناسُ بهم لأنهم فهموا الدين خلقا كريما و عدالةً و إنصافا و
رحمة و حلما و عفوا و كرما و سخاءً وورعا و عفافا، حينما فهم الصحابةُ
الكرام الدين هكذا دخل الناسُ في دين الله أفواجا، يا جعفر:
((عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ ابْنَةِ أَبِي أُمَيَّةَ
بْنِ الْمُغِيرَةِ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
قَالَتْ لَمَّا نَزَلْنَا أَرْضَ الْحَبَشَةِ جَاوَرْنَا بِهَا خَيْرَ
جَارٍ النَّجَاشِيَّ... فَكَانَ الَّذِي كَلَّمَهُ جَعْفَرُ بْنُ أَبِي
طَالِبٍ فَقَالَ لَهُ أَيُّهَا الْمَلِكُ كُنَّا قَوْمًا أَهْلَ
جَاهِلِيَّةٍ نَعْبُدُ الْأَصْنَامَ وَنَأْكُلُ الْمَيْتَةَ وَنَأْتِي
الْفَوَاحِشَ وَنَقْطَعُ الْأَرْحَامَ وَنُسِيءُ الْجِوَارَ يَأْكُلُ
الْقَوِيُّ مِنَّا الضَّعِيفَ فَكُنَّا عَلَى ذَلِكَ حَتَّى بَعَثَ اللَّهُ
إِلَيْنَا رَسُولًا مِنَّا نَعْرِفُ نَسَبَهُ وَصِدْقَهُ وَأَمَانَتَهُ
وَعَفَافَهُ فَدَعَانَا إِلَى اللَّهِ لِنُوَحِّدَهُ وَنَعْبُدَهُ
وَنَخْلَعَ مَا كُنَّا نَعْبُدُ نَحْنُ وَآبَاؤُنَا مِنْ دُونِهِ مِنْ
الْحِجَارَةِ وَالْأَوْثَانِ وَأَمَرَنَا بِصِدْقِ الْحَدِيثِ وَأَدَاءِ
الْأَمَانَةِ وَصِلَةِ الرَّحِمِ وَحُسْنِ الْجِوَارِ وَالْكَفِّ عَنْ
الْمَحَارِمِ وَالدِّمَاءِ وَنَهَانَا عَنْ الْفَوَاحِشِ وَقَوْلِ الزُّورِ
وَأَكْلِ مَالَ الْيَتِيمِ وَقَذْفِ الْمُحْصَنَةِ وَأَمَرَنَا أَنْ
نَعْبُدَ اللَّهَ وَحْدَهُ لَا نُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا وَأَمَرَنَا
بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَالصِّيَامِ قَالَ فَعَدَّدَ عَلَيْهِ أُمُورَ
الْإِسْلَامِ...))
[أحمد عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ]
الملك النجاشي قال له: ما هذا الدين الذي جاء نبيكم به و فارقتم به دين آباءكم و ديننا:
((عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ ابْنَةِ أَبِي أُمَيَّةَ بْنِ
الْمُغِيرَةِ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَتْ
لَمَّا نَزَلْنَا أَرْضَ الْحَبَشَةِ جَاوَرْنَا بِهَا خَيْرَ جَارٍ
النَّجَاشِيَّ... فَكَانَ الَّذِي كَلَّمَهُ جَعْفَرُ بْنُ أَبِي طَالِبٍ
فَقَالَ لَهُ أَيُّهَا الْمَلِكُ كُنَّا قَوْمًا أَهْلَ جَاهِلِيَّةٍ
نَعْبُدُ الْأَصْنَامَ وَنَأْكُلُ الْمَيْتَةَ وَنَأْتِي الْفَوَاحِشَ
وَنَقْطَعُ الْأَرْحَامَ وَنُسِيءُ الْجِوَارَ يَأْكُلُ الْقَوِيُّ مِنَّا
الضَّعِيفَ ...))
[أحمد عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ]
هكذا كنا في الجاهلية، و الجاهلية ليست فترة
زمنية، و لكنها علاقات منحطة، فحيثما عادت هذه العلاقات عادت الجاهلية،
ليست فترة انقضت، لا، إذا عبدنا غير الله و أتينا الفواحشَ، و فعلنا ما
حرَّم الله و أكل القويُّ منا الضعيفَ و قطعنا الرحم و أسأنا الجوارَ و خنا
الأمانة، إذا فعلنا هذا فنحن في جاهلية، لكنها أكبر من الجاهلية الأولى،
لأن هذه الجاهلية مع كتاب الله، هذه الجاهلية و كتابُ الله بيننا يُتلى،
هذه الجاهلية و العلم بيننا ينتشر، قال له:
((عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ ابْنَةِ أَبِي أُمَيَّةَ بْنِ
الْمُغِيرَةِ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَتْ
لَمَّا نَزَلْنَا أَرْضَ الْحَبَشَةِ جَاوَرْنَا بِهَا خَيْرَ جَارٍ
النَّجَاشِيَّ... فَكَانَ الَّذِي كَلَّمَهُ جَعْفَرُ بْنُ أَبِي طَالِبٍ
فَقَالَ لَهُ أَيُّهَا الْمَلِكُ كُنَّا قَوْمًا أَهْلَ جَاهِلِيَّةٍ
نَعْبُدُ الْأَصْنَامَ وَنَأْكُلُ الْمَيْتَةَ وَنَأْتِي الْفَوَاحِشَ
وَنَقْطَعُ الْأَرْحَامَ وَنُسِيءُ الْجِوَارَ يَأْكُلُ الْقَوِيُّ مِنَّا
الضَّعِيفَ فَكُنَّا عَلَى ذَلِكَ حَتَّى بَعَثَ اللَّهُ إِلَيْنَا
رَسُولًا مِنَّا نَعْرِفُ نَسَبَهُ وَصِدْقَهُ وَأَمَانَتَهُ وَعَفَافَهُ
فَدَعَانَا إِلَى اللَّهِ لِنُوَحِّدَهُ وَنَعْبُدَهُ وَنَخْلَعَ مَا
كُنَّا نَعْبُدُ نَحْنُ وَآبَاؤُنَا مِنْ دُونِهِ مِنْ الْحِجَارَةِ
وَالْأَوْثَانِ وَأَمَرَنَا بِصِدْقِ الْحَدِيثِ وَأَدَاءِ الْأَمَانَةِ
وَصِلَةِ الرَّحِمِ وَحُسْنِ الْجِوَارِ وَالْكَفِّ عَنْ الْمَحَارِمِ
وَالدِّمَاءِ وَنَهَانَا عَنْ الْفَوَاحِشِ وَقَوْلِ الزُّورِ وَأَكْلِ
مَالَ الْيَتِيمِ وَقَذْفِ الْمُحْصَنَةِ وَأَمَرَنَا أَنْ نَعْبُدَ
اللَّهَ وَحْدَهُ لَا نُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا وَأَمَرَنَا بِالصَّلَاةِ
وَالزَّكَاةِ وَالصِّيَامِ قَالَ فَعَدَّدَ عَلَيْهِ أُمُورَ
الْإِسْلَامِ...))
[أحمد عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ]
هذه الجاهلية وهذا الإسلام، هكذا فهم الصحابة
الكرام الإسلام، فهموه قيما خلقية، فهموه انضباطا ذاتيا، فهموه ورعا، فهموه
سموًّا، فهموه فضلا، فهموه عدالة، فهموه سخاء، فهموه حرصا، فدخل الناسُ في
دين الله أفواجا، نحن فهمنا الدين صلاةً فقط و صياما و حجًّا و زكاة و
عبادات جوفاء و فرَّغنا الدين من مضمونه الكبير، فقعدنا وخرج الناس من دين
الله أفواجا، ما الذي يجلبهم إلى الدين؟ صلاة و كذب ! صلاة و خيانة! صلاة و
قسوة ! صلاة و تباعد ! صلاة و حقدّ! ما الذي يجلبهم إلى الدين؟ لذلك يا
إخوة الإيمان الأخلاق من الدين كالمحرِّك من الطائرة، قد تعتني بمقاعدها،
قد تعتني بهيكلها، قد تعتني بمظهرها، قد تعتني بتزييناتها، قد تعتني
بمرافقها، قد تعتني بتكيفها، فإذا أهملت المحرِّك لا تطير، فقدت هويَّتها،
فقدت مهمَّتها، فقدت وظيفتها، فقدت اسمَها، هل هذه طائرة؟ لا، لأنها لا
تطير، و العمل الصالح يرفع الإنسان، وهكذا كان النبيُّ صلى الله عليه و
سلم، و هكذا كان أصحابُه الكرام:
((عَنْ عَمْرِو بْنِ عَوْفِ بْنِ زَيْدِ أَنَّ
رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِنَّ الدِّينَ
لَيَأْرِزُ إِلَى الْحِجَازِ كَمَا تَأْرِزُ الْحَيَّةُ إِلَى جُحْرِهَا
وَلَيَعْقِلَنَّ الدِّينُ مِنْ الْحِجَازِ مَعْقِلَ الْأُرْوِيَّةِ مِنْ
رَأْسِ الْجَبَلِ إِنَّ الدِّينَ بَدَأَ غَرِيبًا وَيَرْجِعُ غَرِيبًا
فَطُوبَى لِلْغُرَبَاءِ الَّذِينَ يُصْلِحُونَ مَا أَفْسَدَ النَّاسُ مِنْ
بَعْدِي مِنْ سُنَّتِي ))
[الترمذي عَنْ عَمْرِو بْنِ عَوْفِ بْنِ زَيْدِ]
لا يصلح أمر هذا الدين إلا بما صلح به أوّله :
و لا يصلح أمر هذا الدين إلا بما صلح به أوّله، كان أولُه قيما عليا:
((عَنْ أَبِي إِسْحَقَ قَال سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ
اللَّهِ الْجَدَلِيَّ يَقُولُ سَأَلْتُ عَائِشَةَ عَنْ خُلُقِ رَسُولِ
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ لَمْ يَكُنْ فَاحِشًا
وَلَا مُتَفَحِّشًا وَلَا صَخَّابًا فِي الْأَسْوَاقِ وَلَا يَجْزِي
بِالسَّيِّئَةِ السَّيِّئَةَ وَلَكِنْ يَعْفُو وَيَصْفَحُ ))
[الترمذي عَنْ أَبِي إِسْحَقَ]
((عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ كَانَ يَنْعَتُ
النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ كَانَ شَبْحَ
الذِّرَاعَيْنِ أَهْدَبَ أَشْفَارِ الْعَيْنَيْنِ بَعِيدَ مَا بَيْنَ
الْمَنْكِبَيْنِ يُقْبِلُ جَمِيعًا وَيُدْبِرُ جَمِيعًا بِأَبِي هُوَ
وَأُمِّي لَمْ يَكُنْ فَاحِشًا وَلَا مُتَفَحِّشًا وَلَا صَخَّابًا فِي
الْأَسْوَاقِ))
[أحمد عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ]
أقسى كلمة تكلم بها النبي في حياته الشريفة :
أيها الأخوة: لم أر - أحد الصحابة قال - و لم أر مثله قبله و لم أر مثله بعده، حتى إنه إذا عاتب إنسانا كان يقول:
((عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ
قَالَ لَمْ يَكُنْ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَبَّابًا
وَلَا فَحَّاشًا وَلَا لَعَّانًا كَانَ يَقُولُ لِأَحَدِنَا عِنْدَ
الْمَعْتِبَةِ مَا لَهُ تَرِبَ جَبِينُهُ))
[البخاري عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ]
هذه أقسى كلمة تكلم بها في حياته الشريفة، ما لك تربت جبينك.." أي أصاب جبينه التراب، و كان يقول:
(( عَنْ مَسْرُوقٍ قَالَ كُنَّا جُلُوسًا مَعَ عَبْدِ
اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو يُحَدِّثُنَا إِذْ قَالَ لَمْ يَكُنْ رَسُولُ
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاحِشًا وَلَا مُتَفَحِّشًا
وَإِنَّهُ كَانَ يَقُولُ إِنَّ خِيَارَكُمْ أَحَاسِنُكُمْ أَخْلَاقًا ))
[البخاري عَنْ مَسْرُوقٍ]
الدين حسن الخلق :
ذهب حسن الخلق بالدين كله " أي تعريف جامع مانع للدين، تعريف شامل، تعريف مكاثر: الدين حسن الخلق.
(( عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ قَدِمَ
رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ لَيْسَ
لَهُ خَادِمٌ فَأَخَذَ أَبُو طَلْحَةَ بِيَدِي - سيدنا أنس كان وقت فُعِل
به هذا لا تزيد عمرُه عن ثمان سنوات - فَانْطَلَقَ بِي إِلَى رَسُولِ
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ
إِنَّ أَنَسًا غُلَامٌ كَيِّسٌ فَلْيَخْدُمْكَ قَالَ فَخَدَمْتُهُ فِي
السَّفَرِ وَالْحَضَرِ مَا قَالَ لِي لِشَيْءٍ صَنَعْتُهُ لِمَ صَنَعْتَ
هَذَا هَكَذَا وَلَا لِشَيْءٍ لَمْ أَصْنَعْهُ لِمَ لَمْ تَصْنَعْ هَذَا
هَكَذَا))
[البخاري عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ]
((قَالَ أَنَسٌ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ أَحْسَنِ النَّاسِ خُلُقًا فَأَرْسَلَنِي يَوْمًا
لِحَاجَةٍ فَقُلْتُ وَاللَّهِ لَا أَذْهَبُ - صغير، ثمان سنوات - وَفِي
نَفْسِي أَنْ أَذْهَبَ - أي مداعبةً - لِمَا أَمَرَنِي بِهِ نَبِيُّ
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ فَخَرَجْتُ حَتَّى
أَمُرَّ عَلَى صِبْيَانٍ وَهُمْ يَلْعَبُونَ فِي السُّوقِ فَإِذَا رَسُولُ
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَابِضٌ بِقَفَايَ مِنْ
وَرَائِي فَنَظَرْتُ إِلَيْهِ وَهُوَ يَضْحَكُ فَقَالَ يَا أُنَيْس - تصغير
تحبب - اذْهَبْ حَيْثُ أَمَرْتُكَ قُلْتُ نَعَمْ أَنَا أَذْهَبُ يَا
رَسُولَ اللَّهِ قَالَ أَنَسٌ وَاللَّهِ لَقَدْ خَدَمْتُهُ سَبْعَ سِنِينَ
أَوْ تِسْعَ سِنِينَ مَا عَلِمْتُ قَالَ لِشَيْءٍ صَنَعْتُ لِمَ فَعَلْتَ
كَذَا وَكَذَا وَلَا لِشَيْءٍ تَرَكْتُ هَلَّا فَعَلْتَ كَذَا وَكَذَا ))
[أبو داود عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ]
أي قدمت ابنها هدية لرسول الله صلى الله عليه
وسلم كي يخدمه، والنبي صلى الله عليه و سلم علَّم أصحابه مكارم الأخلاق،
فقد وصفهم بعضهم قال: إن حدَّثوك لم يكذبوك، و إن حدَّثتهم لم يكذبوك " دخل
النبيُّ عليه الصلاة و السلام على ابنته زوجة عثمان بن عفان ذي النورين
رضي الله عنه، دخل النبي عليه الصلاة و السلام على ابنته وهي تغسل رأس
عثمان، فماذا قال؟ عن عبد الرحمن بن عثمان القرشي أن رسول الله صلى الله
عليه وسلم دخل على ابنته وهي تغسل رأس عثمان رضي الله تعالى عنهما فقال:
(( يا بنية أحسني إلى أبي عبد الله فإنه أشبه أصحابي بي خلق))
[الطبراني عن عبد الرحمن بن عثمان القرشي]
رأى ابنته تغسل راس زوجها عثمان بن عفان فشجَّعها، و حثَّها على إكرامه وقال:
(( يا بنية أحسني إلى أبي عبد الله فإنه أشبه أصحابي بي خلق))
[الطبراني عن عبد الرحمن بن عثمان القرشي]
الخلق من الدين كالروح من الجسد :
أيها الأخوة المؤمنون، إذا أردت أن يهتدي
الناسُ على يديك فكن خلوقاً، إذا أردت أن ينفر الناسُ من الدين و أنت
تدعوهم إلى الدين فليخالِف عملُك قولَك، الصحابة الكرام أحبُّوا النبيَّ،
أحبُّوه أكثر من أنفسهم، قال ابن إسحاق:
(( وأما زيد بن الدثنة فابتاعه صفوان بن أمية
ليقتله بأبيه، أمية بن خلف، وبعث به صفوان بن أمية مع مولى له، يقال له
نسطاس، إلى التنعيم، وأخرجوه من الحرم ليقتلوه. واجتمع رهط من قريش، فيهم
أبو سفيان بن حرب، فقال له أبو سفيان حين قدم ليقتل: أنشدك الله يا زيد،
أتحب أن محمدا عندنا الآن في مكانك نضرب عنقه، وأنك في أهلك؟ قال: والله ما
أحب أن محمدا الآن في مكانه الذي هو فيه تصيبه شوكة تؤذيه، وأني جالس في
أهلي. قال: يقول أبو سفيان: ما رأيت من الناس أحدا يحب أحدا كحب أصحاب
محمدٍ محمدا، ثم قتله نِسطاس، يرحمه الله ))
[رواه ابن هشام في سيرته]
الخلق من الدين كالروح من الجسد، الإسلام بلا
خلق جسدٌ بلا روح، الخلق هو كلُّ شيء، بالخلق تسموا النفس، و تصعد إلى جوار
ربها إلى أبد الآبدين.
أيها الأخوة المؤمنون، حاسبوا أنفسكم قبل أن
تحاسبوا، و زنوا أعمالكم قبل أن توزن عليكم، واعلموا أن ملك الموت قد
تخطَّانا إلى غيرنا، و سيتخطى غيرنا إلينا، فلنتَّخذ حذرنا، الكيِّس من دان
نفسه و عمل لما بعد الموت، و العاجز من أتبع نفسه هواها، و تمنى على الله
الأماني.
* * *
الخطبة الثانية :
الحمد لله رب العالمين،وأشهد أن لا إله إلا
الله وليُّ الصالحين، و أشهد أن سيدنا محمدا عبده و رسوله صاحب الخلق
العظيم، اللهم صلِّ و سلم و بارك على سيدنا محمد وعلى آله و صحبه الطيِّبين
الطاهرين.
قصة عن خلق رسول الله :
أيها الأخوة الأكارم، قصة قصيرة عن خلق رسول
الله صلى الله عليه و سلم، و لنا به أعظم أسوة، بعد فتح مكة حينما فتحها
عليه الصلاة و السلام، و حينما وقف من أهلها موقفا أخلاقيا، أخرجوه منها،
عذَّبوا أصحابه، قاطعوه، ائتمروا على قتله، حاربوه مرات ثلاث، كادوا له لم
يدَّعوا طريقا لإطفاء دعوته إلا سلكوه، فلما فتح بلدَهم وأصبحوا بقبضته، و
كان بإمكانه أن يقتلهم واحدا وَاحدا،قال ابن إسحاق:
(( فحدثني بعض أهل العلم أن رسول الله صلى الله
عليه وسلم قام على باب الكعبة، فقال: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، صدق
وعده، ونصر عبده، وهزم الأحزاب وحده، ألا كل مأثرة أو دم أو مال يدعى فهو
تحت قدمي هاتين إلا سانة البيت وسقاية الحاج، ألا وقتيل الخطأ شبه العمد
بالسوط والعصا، ففيه الدية مغلظة، مائة من الإبل، أربعون منها في بطونها
أولادها))
[رواه ابن هشام في سيرته]
((يا معشر قريش، إن الله قد أذهب عنكم نخوة الجاهلية،
وتعظمها بالآباء، الناس من آدم، وآدم من تراب، ثم تلا هذه الآية: (( يا
أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى، وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا إن
أكرمكم عند الله أتقاكم ))... الآية كلها. ثم قال: يا معشر قريش، ما ترون
أني فاعل فيكم؟ قالوا: خيراً أخ كريم، وابن أخ كريم، قال: اذهبوا فأنتم
الطلقاء))
[رواه ابن هشام في سيرته]
إلا أن نفرا من الأعداء الألدَّاء، الذين
سخَّروا أقلامهم و سيوفهم و ألسنتهم في إطفاء الدين و كادوا للإسلام أشدَّ
كيد، أهدر النبيُّ الكريم دمهم، و سماهم بأسمائهم، و لو تعلَّقوا بأستار
الكعبة، من هؤلاء: هذه أخلاقه صلى الله عليه و سلم، فلما دخل عكرمةُ على
النبي عليه الصلاة و السلام يروي المؤخِّرون أن النبي وثب ترحيبا به، وثب
يتلقاه، فقال: إن أمَّ حكيم أخبرتني بأنك أمَّنتني، قال: صدقت، فأنت آمن،
فقال: يا محمد إلى ما تدعو؟ ما دعوتك؟ عشرون عاما لا يعرف ما دعوته، قال:
(( أدعوك إلى أن تشهد أن لا إله إلا الله وأني عبد
الله و رسوله، و أن تقيم الصلاة و تؤتي الزكاة و تصوم رمضان و تحج البيت،
فقال عكرمة: واللهِ ما دعوتَ إلا إلى حق، و ما أمرت إلا بخير، و قد كنتَ
قبل أن تدعوَ أصدقَنا حديثا و أبرَّنا برا))
[كنز العمال للمتقي الهندي]
كيفية معاملة النبي لأعدائه :
هذا العدوُّ اللدود الذي أهدر النبي الكريم دمَه، انظروا ماذا فعل به، رحَّب به، كيف تلقَّاه، كيف أكرمه، كيف أمَّنه.
أيها الأخوة الأكارم، بهذه الأخلاق انتشر
الإسلام، بهذه الأخلاق وصل راياتُه إلى مشارق الأرض و مغاربها، بهذه
الأخلاق دخل الناسُ في دين الله أفواجا، فإذا فُرِّغ الإسلام من مضمونه، أي
فُرِّغت منه القيم الأخلاقية، وغدا صوما وصلاة و حجًّا و زكاة و طقوسا لا
معنى لها، و أُدِّيت و انتُهكت حرماتُه، و أُكل الربا و أساء بعضُنا إلى
بعض و أكل بعضنا مالَ بعض، إذا فعلنا هذا فأين نحن من الدين، كما قال سيدنا
جعفر: كنا قوما أهل جاهلية نأتي الفواحش و نسيء الجوار و نقطع الرحم و
نخون الأمانةَ، و يأكل القويُّ منا الضعيفَ، لذلك فهم بعضهم من قوله تعالى:
﴿ وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى ﴾
[ سورة الأحزاب: 33 ]
إذا قلت لإنسان: هذه دفعةٌ أولى، كلمة " أولى " تعني أن هناك دفعة ثانية، فلما قال الله عز وجل:
﴿ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى ﴾
[ سورة الأحزاب: 33 ]
فُهم من هذه الآية أنه قد تأتي بعدها جاهليةٌ أشدُّ من الأولى.
لا يعصمك من الله إلا أن تكون أخلاقياً :
أيها الأخوة المؤمنون، لا يعصمكم من الله إلا أن تكونوا أخلاقيين:
((عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ اللَّهَ لَا يَنْظُرُ
إِلَى صُوَرِكُمْ وَأَمْوَالِكُمْ وَلَكِنْ يَنْظُرُ إِلَى قُلُوبِكُمْ
وَأَعْمَالِكُمْ ))
[مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ]
عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال:
((من لم تنهه صلاته عن الفحشاء والمنكر لم يزدد من الله إلا بعدا ))
[الطبراني في الكبير عن ابن عباس رضي الله عنهما]
((عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ لَمْ
يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ وَالْعَمَلَ بِهِ فَلَيْسَ لِلَّهِ حَاجَةٌ فِي
أَنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ))
[البخاري عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ]
ترك دانق من حرام خير من ثمانين حجة بعد الإسلام" - حديث عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه و سلم قال:
((لأن يمشي أحدكم مع أخيه في قضاء حاجته))
[الحاكم عن ابن عباس رضي الله عنهما]
عن الحسن بن علي إن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال:
((إن أحسن الحسن الخلق الحسن))
[رواه السيوطي في الجامع الصغير عن الحسن بن علي]
الدعاء :
اللهم اهدنا فيمن هديت، وعافنا فيمن عافيت،
وتولنا فيمن توليت و بارك اللهم لنا فيما أعطيت، وقنا واصرف عنا شر ما
قضيت، فإنك تقضي و لا يُقضى عليك، اللهم أعطنا و لا تحرمنا، و أكرمنا و لا
تهنا و آثرنا ولا تؤثر علينا، وأرضنا وارض عنا، اللهم أغننا بالعلم وزيِّنا
بالحلم و أكرمنا بالتقوى، وجمِّلنا بالعافية، وطهر قلوبنا من النفاق، و
أعمالنا من الرياء، و ألسنتنا من الكذب، و أعيننا من الخيانة، فإنك تعلم
خائنة الأعين و ما تخفي الصدور، اللهم النفاق و سوء الأخلاق، اللهم إنا
نعوذ بك من الخوف إلا منك، و من الذل إلا لك، ومن الفقر إلا إليك، نعوذ بك
من عضال الداء ومن شماتة الأعداء ومن السلب بعد العطاء، اللهم ما رزقتنا
مما نحب فاجعله عونا لنا فيما تحب، وما زويت عنا ما نحب فاجعله فراغا لنا
فيما تحب، اللهم اغفر لنا ذنوبنا و استر عوراتنا و آمن روعاتنا و آمنا في
أوطاننا، واجعل هذا البلد آمنا سخيًّا رخيا وسائر بلاد المسلمين، وصلى الله
على سيدن محمد.
والحمد لله رب العالمين