الإدراك والتخيل لدى أطفال التوحد
الإدراك والتخيل لدى أطفال التوحد
تنمو القدرات الفكرية والمعرفية لدى الطفل منذ الولادة، وتتطور من خلال تفاعل القدرات الخاصة(القدرة الفكرية) مع المثيرات الحسية من حوله (الممارسة والخبرات)، ولكل مرحلة عمرية مكتسباتها، ومع نمو الطفل العمري تنمو القدرات الفكرية والجسمية،
لذا نلاحظ أن مقدرات الطفل في مرحلة معينة تتشابه مع أقرانه في العمر نفسه (مع اختلاف بسيط)، ولكن الطفل المصاب بالتوحد يختلف عنهم في درجة اكتسابه ومن ثم قدرته الفكرية والمعرفية، ومع ازدياد عمر الطفل يلاحظ زيادة درجة الفارق في القدرات الفكرية والمعرفية حتى سن الثامنة عشرة، لذا نستطيع القول إنه عند الثامنة عشرة تكون لدى المصاب بتخلف فكري بسيط مقدرة فكرية تعادل المقدرة الفكرية لطفل عمره 11 - 10 سنة، أما المصاب بتخلف فكري متوسط فإن مقدرته الفكرية تعادل المقدرة الفكرية لطفل عمره 8 - 7 سنوات تقريباً، ومن العلامات الفارقة لنقص القدرات الفكرية والمعرفية ما يلي:
ضعف القدرة على التركيز والانتباه
نحن كي نتعلم نحتاج للتركيز والانتباه، ولكن مصابي التوحد بجميع درجاته لديهم ضعف القدرة على التركيز والقابلية للتشتت، وكلما زادت درجة التخلف زادت درجة ضعف الانتباه والتركيز، وهو ما يفسر عدم قدرتهم على التعلم سواء بالخبرة أو الاحتكاك اليومي مع المجتمع.
ضعف الذاكرة
هنالك ارتباط كبير بين الذاكرة والانتباه، فكلما زادت القدرة على الانتباه أدى هذا إلى زيادة القدرة على التذكر، والذاكرة هي القدرة على استرجاع المعلومات والخبرات السابقة، وهي نوعان:
1- الذاكرة طويلة المدى: وهي القدرة على استدعاء المعلومات والخبرات التي يتكرر حدوثها في أسابيع أو شهور أو سنوات.
2- الذاكرة قصيرة المدى: وهي القدرة على استدعاء المعلومات والخبرات التي تحدث في ثوان أو دقائق أو ساعات.
وقد أكدت الدراسات أن مستوى الذاكرة بعيدة المدى لدى مصابي التوحد أفضل من الذاكرة قصيرة المدى، ويدل ذلك على أنهم لا يتذكرون إلا الخبرات أو المعلومات التي يتكرر تعاملهم معها لفترة زمنية طويلة، أما المعلومات والخبرات التي تمر بسرعة من أمامهم فإنهم يعانون قصوراً في تذكرها.
عدم القدرة على مواصلة التفكير
التفكير عملية فكرية عقلية، وهي من أرقى العمليات العقلية وأكثرها تعقيدا، وتعتمد على جمع المعلومات والخبرات وإعادة تنظيمها في اتجاه مواجهة الموقف، كما يتطلب قدراً عالياً من التخيل والتذكر والتعليل.
ينمو تفكير الطفل العادي منذ الولادة سنة بعد أخرى، معتمداً على نمو الذاكرة والمفاهيم واللغة والصورة الذهنية، فنراه يصل إلى التفكير الحسي العياني في حوالي السابعة من العمر (يستخدم الصور الذهنية الحسية والحركية والمفاهيم الحسية وحل المشكلات البسيطة، ومواجهة العوائق السهلة) ويكون التفكير سطحيا إلى أن يصل إلى التفكير المجرد عند سن البلوغ، حيث يدرك المفاهيم المجردة والمعاني الكلية، والنظريات والقوانين والمبادئ والغيبيات.
أما التوحدي فإن التفكير لديه ينمو بمعدل أقل من الطبيعي نتيجة ضعف الذاكرة - المفاهيم - اللغة - الصورة الذهنية، ويعتمد مقدار النقص في التفكير على درجة الإصابة، ففي حالات اضطراب التوحد البسيطة مثلاً قد يتوقف عند مرحلة التفكير الحسي العياني.
ضعف القدرة على التمييز
التمييز بين المثيرات يتطلب إدراك الخصائص المميزة لكل مثير، وتلك تعتمد على التركيز والانتباه، تصنيف تلك الخصائص وتذكرها، أي الانتباه والتذكر، كما أن عملية التمييز بين المدركات الحسية تتأثر بشكل كبير بمستوى أداء الحواس الخمس (السمع، البصر، التذوق، الشم، اللمس).
التوحدي لديه ضعف في التركيز والانتباه والذاكرة، كما أن نسبة عالية منهم لديهم ضعف حسي، وتختلف درجة الصعوبة في القدرة على التمييز تبعا لدرجة الإعاقة، حيث نجد أن المصابين باضطراب التوحد بدرجة شديدة يتعذر عليهم في معظم الأحيان التمييز بين الأشكال والألوان والأحجام والأوزان، والرائحة والمذاق، أما من لديهم اضطراب بسيط فإنهم يظهرون صعوبات في تمييز الخصائص السابقة.
ضعف القدرة التخيلية والإدراك
التخيل والإدراك هي العملية التي يتم من خلالها استقبال المنبهات وتفسيرها على ضوء الخبرات السابقة، وتلك تعتمد على التمييز - الذاكرة - التعرف على الأشكال - وغيرها. المصاب بالتوحد ذو خيال محدود، لديه ضعف في التمييز والذاكرة والتعرف على الأشكال، ومن ثم عدم القدرة على التخيل والإدراك، والقصور في التخيل يزداد بزيادة درجة الإعاقة.
تحياي الخالصة لكم