انشطه المسلم وممارساته الحياتيه
الحمد لله المبدىء المعيد الفعال لما يريد ذي العرش المجيد
والبطش الشديد الهادي صفوة العبيد إلى المنهج الرشيد والمسلك السديد المنعم
عليهم بعد شهادة التوحيد بحراسة عقائدهم عن ظلمات التشكيك والترديد السالك
بهم إلى اتباع رسوله المصطفى واقتفاء آثار صحبه الأكرمين المكرمين
بالتأييد والتسديد المتجلي لهم في ذاته وأفعاله بمحاسن أوصافه التي لا
يدركها إلا من ألقى السمع وهو شهيد وبعد . فإني قائل وبالله التوفيق
والصواب من القول والعمل، ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
الاداب الاسلامية الشخصية
يهدف الإسلام في تشريعاته إلى خلق إنسان متوازن في جميع نواحيه النفسية
والروحية والمادية ، وقد خص جانب طمأنينة النفس الإنسانية بقدر كبير من
التشريعات المتمثلة في الأذكار المتعلقة بجميع أنشطة المسلم وممارساته
اليومية والحياتية ، ذلك أن انشغال الفكر بالهموم المادية والمعنوية ،
وتشتت العقل تحت تأثير القلق من المستقبل ومن مختلف أحداث الحياة ، كل هذه
الوساوس والأفكار تعصف بالإنسان وتجعله تحت ضغط نفسي كبير يحد من نشاطه
ويقلل من فعاليته في مواجهة مشكلاته .
لذا اهتم الإسلام بالإعداد النفسي للإنسان بأن شرع للمسلم جملة من الأذكار
التي تربطه بالله تعالى وتحقق دافعا معنويا ونفسيا قويا للملتزم بها كما
قال تعالى : { أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ } وقد أدرك
ديل كارنيجي هذه الحقيقة فقال : (إن أطباء النفس يدركون أن الإيمان القوي
والاستمساك بالدين كفيلان بأن يقهرا القلق والتوتر العصبي وأن يشفيا هذه
الأمراض . . ) .
لكل هذه الأسباب عني الرسول صلى الله عليه وسلم بربط المسلم بالأذكار
المتعلقة بالآداب الشخصية أو السلوك الشخصي للمسلم . وعندما يلتزم بهذه
الأذكار ويعمل بكل التوجيهات النبوية الواردة يجد في نفسه لذة الطاعة ،
وراحة النفس إضافة إلى الثواب الجزيل من الله تعالى ، وفوق ذلك كله قوة
الارتباط بالله تعالى .
دخول المنزل والخروج منه
أولا : آداب دخول المنزل والخروج منه
ينظر الإسلام للمنزل باعتباره مكانا يأوي إليه الناس ليجدوا فيه الراحة
والأمن والطمأنينة ومن ثم فقد شرع للدخول والخروج منه آدابا يتحقق معها كل
ذلك . ومن تلك الآداب : -
أ- إلقاء السلام : وذلك لأن السلام هو تحية أهل الجنة ، قال تعالى : {
دَعْوَاهُمْ فِيهَا سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَتَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلَامٌ
} ، بل سمى الله تعالى الجنة دار السلام ، لما في السلام من الراحة
والطمأنينة ، حيث إن السلام يحمل في طياته كل الخير وإلا لما كان جزاء أهل
الجنة ، قال تعالى : { لَهُمْ دَارُ السَّلَامِ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَهُوَ
وَلِيُّهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ } لذا كان من الآداب لمن يدخل بيته
أن يسلم ، حتى لو لم يكن في البيت غيره ، قال الله تعالى : { فَإِذَا
دَخَلْتُمْ بُيُوتًا فَسَلِّمُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ تَحِيَّةً مِنْ عِنْدِ
اللَّهِ مُبَارَكَةً طَيِّبَةً } .
وكيفية السلام أن يقول : (السلام عليكم ورحمة الله وبركاته) ويجاب عليه بـ
(وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته) بصيغة الجمع كذلك ، كما ورد في حديث
عائشة رضي الله عنها قالت : قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم : « هذا
جبريل يقرأ عليكم السلام قالت : وعليه السلام ورحمة الله وبركاته » . وروى
البخاري في الأدب المفرد عن جابر رضي الله عنه : « إذا دخلت على أهلك فسلم
عليهم تحية من عند الله مباركة طيبة » . قال : ما رأيته إلا توجيه قوله : {
وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ
رُدُّوهَا }
ب- ذكر الله تعالى : فينبغي لداخل البيت أن يسمي الله تعالى ، لأن الشيطان
لا بقاء له مع اسم الله تعالى . وإذا كان المنزل يراد منه أن يكون مكانا
للراحة والطمأنينة ، فلا يمكن أن يحصل ذلك مع بقاء الشيطان الذي يسعى
لإضلال بني آدم ، قال تعالى : { إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ
فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا } ولكن أخبر الله سبحانه بأن السلاح الذي يواجه به
هذا العدو هو ذكره سبحانه وتعالى : { وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ
الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ
الْعَلِيمُ }
وفي الحديث عن جابر رضي الله عنه أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول : «
إذا دخل الرجل بيته فذكر الله عز وجل عند دخوله وعند طعامه قال الشيطان :
لا مبيت لكم ولا عشاء ، فإذا دخل ولم يذكر الله قال : أدركتم المبيت ، وإن
لم يذكر الله عند طعامه قال الشيطان : أدركتم المبيت والعشاء » وقد علمنا
رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكرا لدخول المنزل وهو : « اللهم إني أسألك
خير المولج وخير المخرج ، باسم الله ولجنا وباسم الله خرجنا ، وعلى الله
ربنا توكلنا » وأما إذا أراد الإنسان أن يخرج من بيته فليسلم على أهله ، ثم
يخرج متزينا متسترا ، ثم يذكر دعاء الخروج من المنزل وهو : « باسم الله
آمنت بالله واعتصمت بالله ، وتوكلت على الله ، اللهم إني أعوذ بك أن أضل أو
أضل ، أو أزل أو أزل ، أو أظلم أو أظلم ، أو أجهل أو يجهل علي » وعن أنس
رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « من قال - يعني
إذا خرج من بيته - باسم الله ، توكلت على الله ، ولا حول ولا قوة إلا بالله
، يقال له : كفيت ووقيت وهديت ، وتنحى عنه الشياطين » وفي رواية أبي داود :
« فيقول- يعني الشيطان- لشيطان آخر : كيف لك برجل قد هدي وكفي ووقي؟ »
نكتفي بهذا القدر وسناتي على ذكر اداب الطعام غدا ان شاء الله