خطأ فادح في رسائل الجوال
مما
يجدر الإشارة إليه والتنبيه عليه هو ما انتشر في الآونة الأخيرة من رسائل
عبر الهواتف تحث الناس على ذكر معين أو نصيحة ما، ولا شك أن هذا الأمر إلى
هنا محمود لما فيه من الدعوة إلى الخير والتعاون على البر والتقوى، وفيه
تنبيه للغافلين وتذكيرٌ للناسين وذكرى للمعتبرين، لكن مما يؤسف له هو أن
كثيرًا من الناس خلطوا هذا العمل الصالح بآخر سيئًا كإرسال رسائل فيها
أحاديث مكذوبة تنسب للنبي ، أو قصص لا وجود لها، أو التكهن بأن من يرسل
هذه الرسالة سيسمع خبراً سعيدًا ويبشر ببشارة حسنة ومن لم يرسلها سيصاب
بمصيبة في بدنه أو ابتلاء في ماله أو سيصاب بمكروه مما لا يتمنى المرء أن
يصاب به ، ومن أراد أن يدفع عن نفسه هذا المكروه يجب أن يرسل هذه الرسالة
لعدد معين كعشرة أو عشرين أو أقل أو أكثر، وتحميلهم مسؤلية ذلك أمانة إلى
يوم القيامة، ونحو هذه الرسائل التي يستدعي الأمر التنبيه عليها والتحذير
منها؛ ولأن هذا الأمر وللأسف بعد أن كان نادرًا صار وللأسف ظاهرة متفشية
أدعى لظهورها حرصٌ من البعض على الخير والدعوة إليه، ولكن كما قيل كم من
مريدٍ للخير لم يبلغه، أما المحاذير التي حوتها هذه الرسائل فهي كثيرة
منها:
1- أن بعض هذه الرسائل فيها كذبٌ على رسول الله ويتجلى ذلك
عبر تناقل الرسائل التي تحوي الكذب الصريح على النبي ففي هذه الأحاديث من
ركاكة العبارة وضعف الأسلوب مما لا يتصور أن يتفوه بها من له أدنى معرفة
بلسان العرب فضلاً عمن أوتي جوامع الكلم عليه الصلاة والسلام وقد حذر
النبي من الكذب عليه وبين خطورة ذلك حين «من كذب على متعمدًا فليتبوأ
مقعده من النار». متفق عليه
2- ومن المحاذير أن في هذه الرسائل تكليف للناس ما لم
يكلفهم الله عز وجل ، فالواجبات معلومة والأوامر مبينة والشريعة ظاهرة ،
فليس مما أوجب الله عز وجل إرسال الرسائل إلى عشرة أو عشرين كما يفعل بعض
الناس من خلال رسائلهم.
3- ومن المحاذير تقول على الله عز وجل بغير علم، فلا يجوز
تأثيم الناس وترهيبهم في غير ما ورد الشرع به كقول بعضهم أمانة، أو أُحملك
أمانة إرسالها يوم القيامة قال تعالى : {قُلْ أَرَأَيْتُم مَّا أَنزَلَ
اللَّهُ لَكُم مِّن رِّزْقٍ فَجَعَلْتُم مِّنْهُ حَرَاماً وَحَلالاً قُلْ
آللَّهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى اللَّهِ تَفْتَرُونَ }.
4- ومن المحاذير التي حوتها هذه الرسائل تعاطي الكهانة
وادعاء علم الغيب وذلك من خلال دعواهم بأن من يرسلها سيسمع خبرًا مفرحًا
أو أمرًا سعيدًا ، ومن لم يرسلها سيبتلى أو سيسمع خبرًا سيئًا وهذا من
التكهن الذي حذرت منه الشريعة وبينت خطره على دين الإنسان وفيه فتح لباب
شر عظيم من جهة التباس أمر السحرة والكهنة والدجالين.
5- ومن المحاذير أن في هذه الرسائل أكل لأموال الناس
بالباطل من جهة أن كل واحد يرسل لعدد معين، وبمجموعها نجد هؤلاء أفرادًا
أو شركات من بعض المنتفعين قد جنوا أموالاً طائلة بالباطل جراء كثرة تناقل
هذه الرسائل.
وأخيرًا:
على المسلم أن لا يكون ساذجًا تستغفله وتستهويه أمثال
هذه الرسائل المبنية على الجهل ثم ليعلم أن في كتاب الله عز وجل وفي سنة
النبي صلى الله عليه وسلم وأقوال الصالحين من السلف المهديين والعلماء
الراسخين غنية وكفاية، رزقنا الله وإياكم الاقتداء بهم والنهل من علمهم.