حديث "إن الله لا ينظر إلي الصف الأعوج" لا يصح، ونصائح لأئمة المساجد
هذا
الحديث لا يصح حديث غير صحيح ولكن لا شك أن النبي صلي الله عليه وسلم أمر
بتسوية الصفوف وكان عليه الصلاة والسلام يمر بالصف يمسح صدورهم ومناكبهم
يأمرهم بالتسوية فخرج ذات يوم وقد عقلوا عنه فرأى رجلاً بادياً صدره أي
متقدماً فقال عليه الصلاة والسلام (لتسوون صفوفكم أو ليخالفن الله بين وجوهكم) أي بين قلوبكم حتى تكونوا أعداءً متباغضين وهذا وعيد لمن ترك تسوية الصف وهو دليل على وجوب التسوية
كما ذهب إلي ذلك بعض أهل العلم وما نشاهده الآن من التهاون في تسوية
الصف لا بالنسبة للإمام ولا بالنسبة للمأمومين أمرٌ يؤسف له فإن كثيراً من
الأئمة يلتفت يميناً وشمالاً يقول إستووا اعتدلوا سووا صفوفكم وربما يكون
يرى الصف غير مستوٍ ولا يقول يا فلان تقدم ويا فلان تأخر مما يُفهِم الناس
أن هذه كلمةٌ كأسطوانةٍ تُجَرُّ عليها الإبرة وتحدث صوتاً أي أنه لا قيمة
لهذه الكلمة عند الناس الآن لأنهم لا يشاهدون فعلاً يؤكد هذه الكلمة والذي
ينبغي في حق الإمام أن يلتفت يميناً وشمالاً وأن يستقبل الناس بوجهه وإذا
رأى شخصاً متأخراً قال تقدم يا فلان أو متقدماً قال تأخر يا فلان حتى يحس
الناس بأن هذه الكلمة لها معني أي إستوا إعتدلوا كذلك أيضاً المأمومون تجد
أنهم لا يبالون يكون الرجل إلي يمين صاحبه أو إلى يساره متقدماً عليه أو
متأخراً عنه لا يحاول إن يسوي الصف وهذا من الغلط
وكذلك أيضا أهمل كثيرٌ من الأئمة وكثيرٌ من المأمومين مسألة التراص فتجد
الصف تكون فيه الفرج الكثيرة لا يسدها أحد وهذا غلط لأن النبي صلى الله
عليه وسلم أمر بالتراص وأخبر أن الملائكة عند الله عز وجل يتراصون، بعض
الناس فهم فهماً خطأً في كون الصحابة رضي الله عنهم يلصق الرجل كعبه بكعب
أخيه ومنكبه بمنكبه فجعل يفرج بين رجليه تفريجاً بالغاً حتى يلصق كعبه
بكعب أخيه ومابين الأكتاف منفرج انفراجاً بقدر انفراج الرجلين وهذا أيضا
من الغلط ومِنْ فَهْم النصوص علي غير مرادها ليس المراد مجرد وضع الكعب أو
إلزاق الكعب بالكعب والمراد المراصة حتى يلزق الكعب بالكعب والمنكب
بالمنكب فإلصاق الكعب بالكعب ليس مقصوداً لذاته بل هو مقصودٌ لغيره وهو
التراص والتسوية
لكن المشكله أن بعض الناس يفهم الشيء فهماً خاطئاً ثم ينشره بين الناس ثم
يَشِيعُ وكأنه هو السنة التي أرادها الصحابة رضي الله عنهم كذلك أيضاً
يخطئ كثيرٌ من الناس بكيفية التسوية فبعض الناس يظن التسوية هي استواء
الأصابع وهذا فهم خاطئ والتسوية استواء الأكعب يعني أن يكون كعب الإنسان
مساوياً لكعب جاره لا يتقدم عليه ولا يتأخر وأما الأصابع فقد تكون رجل
الرجل طويلة تتقدم أصابعه على أصابع الرجل التي تكون قدمه قصيرة وهذا لا
يضر المساواة إنما هي بالأكعب لأن الكعب هو الذي عليه اعتماد الجسم حيث
إنه في أسفل الساق والساق يحمل الفخذ والفخذ يحمل الجسم وليس التساوي
بأطراف الأصابع بل بالأكعب أكرر ذلك لأني رأيت كثيراً من الناس يجعلون
مناط التسوية رؤوس الأصابع وهذا غلط هناك أمر آخر يخطئ فيه المأمؤمون
كثيراً ألا وهو تكميل الصف الأول فالأول ولا سيما في إمام المسجدين المسجد
الحرام والمسجد النبوي فإنهم لا يبالون أن يصلوا أوزاعاً أربعة هنا وأربعة
هناك أو عشرة هنا وعشرة هناك أو ما شبه ذلك وهذا لا شك أنه خلاف السنة.
والسنة إكمال الأول فالأول حتى إن الرجل لو صلى وحده خلف الصف مع أن
الصف لم يتم فإن صلاته غير صحيحة بل هي باطلة يجب عليه أن يعيدها لأن
النبي صلي الله عليه وعلى آله وسلم رأى رجلاً يصلي وحده خلف الصف فأمره أن
يعيد الصلاة وقال (لا صلاة لمنفرد خلف الصف)
فإن قال قائل إذا كنت لو ذهبت إلي طرف الصف فاتتني الركعة فهل أصلي وحدي
خلف الصف اغتناماً لإدراك الركعة نقول: لا، أذهب إلي طرف الصف ولو فاتتك
الركعة ولو كانت الركعة الأخيرة لعموم قول النبي صلى الله عليه وسلم (ما أدركتم فصلوا وما فاتكم فأتموا)
وأنت مأمورا بتكميل الأول فالأول فافعل ما أمرت به وما أدركت فصلي وما
فاتك فاقضه هذه تنبيهات أرجو الله سبحانه وتعالي أن تجد آذان صاغية من
إخواننا الأئمة والمأمومين ذكرتها تعليقاً علي قول السائل أن الله لا ينظر
إلي الصف الأعوج حيث إن هذا الحديث لا يصح عن النبي صلي الله عليه وعلى
آله وسلم.