قصة نبي الله موسى -عليه السلام- (4) (خطبة مقترحة
قصة نبي الله موسى -عليه السلام- (4) (خطبة مقترحة)
كتبه/ سعيد محمود
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛
محنة المؤمنين:
1- الفرعون يعلن الحرب على المسلمين:
- أسوأ بطانة لأسوأ سلطان: (وَقَالَ الْمَلأُ مِن قَوْمِ فِرْعَونَ أَتَذَرُ مُوسَى وَقَوْمَهُ لِيُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ وَيَذَرَكَ وَآلِهَتَكَ... ) (الأعراف:127).
- الفرعون واعظًا مذكرًا: (إِنِّي أَخَافُ أَن يُبَدِّلَ دِينَكُمْ أَوْ أَن يُظْهِرَ فِي الأَرْضِ الْفَسَادَ) (غافر:26)!
- الفرعون يستعمل الخدع الإعلامية: (وَقَالَ
فِرْعَوْنُ يَا هَامَانُ ابْنِ لِي صَرْحاً لَّعَلِّي أَبْلُغُ
الأَسْبَابَ . أَسْبَابَ السَّمَاوَاتِ فَأَطَّلِعَ إِلَى إِلَهِ مُوسَى
وَإِنِّي لأَظُنُّهُ كَاذِباً وَكَذَلِكَ زُيِّنَ لِفِرْعَوْنَ سُوءُ
عَمَلِهِ وَصُدَّ عَنِ السَّبِيلِ وَمَا كَيْدُ فِرْعَوْنَ إِلا فِي
تَبَابٍ) (غافر:36-37).
- الفرعون يستعمل المؤثرات المادية والشهوات للتأثير على الجماهير: (وَنَادَى
فِرْعَوْنُ فِي قَوْمِهِ قَالَ يَا قَوْمِ أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ
وَهَذِهِ الأَنْهَارُ تَجْرِي مِن تَحْتِي أَفَلا تُبْصِرُونَ . أَمْ
أَنَا خَيْرٌ مِّنْ هَذَا الَّذِي هُوَ مَهِينٌ وَلا يَكَادُ يُبِينُ) (الزخرف:51-52).
- الفرعون يستصدر قرار القتل من الرأي العام: (وَقَالَ فِرْعَوْنُ ذَرُونِي أَقْتُلْ مُوسَى وَلْيَدْعُ رَبَّهُ) (غافر:26).
- الفرعون يعلن الحرب الدموية والقهر على المؤمنين: (قَالَ سَنُقَتِّلُ أَبْنَاءهُمْ وَنَسْتَحْيِـي نِسَاءهُمْ وَإِنَّا فَوْقَهُمْ قَاهِرُونَ) (الأعراف:127)، (فَلَمَّا
جَاءهُم بِالْحَقِّ مِنْ عِندِنَا قَالُوا اقْتُلُوا أَبْنَاء الَّذِينَ
آمَنُوا مَعَهُ وَاسْتَحْيُوا نِسَاءهُمْ وَمَا كَيْدُ الْكَافِرِينَ إِلا
فِي ضَلالٍ) (غافر:25).
2- موقف موسى -عليه السلام- والمؤمنين:
- الالتجاء والاستعانة بالله -عز وجل-: (وَقَالَ مُوسَى إِنِّي عُذْتُ بِرَبِّي وَرَبِّكُم مِّن كُلِّ مُتَكَبِّرٍ لا يُؤْمِنُ بِيَوْمِ الْحِسَابِ) (غافر:27)، (وَإِنِّي عُذْتُ بِرَبِّي وَرَبِّكُمْ أَن تَرْجُمُونِ) (الدخان20).
- المؤمنون يشق عليهم العذاب ويشكون لموسى -عليه السلام-: (قَالُواْ أُوذِينَا مِن قَبْلِ أَن تَأْتِينَا وَمِن بَعْدِ مَا جِئْتَنَا) (الأعراف:129).
- موسى -عليه السلام- يُصبَّر المؤمنين ويبشرهم: (قَالَ
مُوسَى لِقَوْمِهِ اسْتَعِينُوا بِاللّهِ وَاصْبِرُواْ إِنَّ الأَرْضَ
لِلّهِ يُورِثُهَا مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَالْعَاقِبَةُ
لِلْمُتَّقِينَ) (الأعراف:128).
- لا يُمَكَّن المرء حتى يُبتلى: (قَالَ عَسَى رَبُّكُمْ أَن يُهْلِكَ عَدُوَّكُمْ وَيَسْتَخْلِفَكُمْ فِي الأَرْضِ فَيَنظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ) (الأعراف:129).
- النصر مع الصبر: (وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ) (القصص:5).
- فقه العبادة زمان الاستضعاف: (وَأَوْحَيْنَا
إِلَى مُوسَى وَأَخِيهِ أَن تَبَوَّءَا لِقَوْمِكُمَا بِمِصْرَ بُيُوتاً
وَاجْعَلُواْ بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ وَبَشِّرِ
الْمُؤْمِنِينَ) (يونس:87).
3- دعوة موسى -عليه السلام- في بيت الفرعون:
لما وصلت دعوة موسى وهارون -عليهما السلام- إلي بيت الفرعون آمن بعض من في القصر، ولكنهم كتموا إيمانهم خوفـًا من الفرعون.
1- امرأة الفرعون سيدة القصر:
(وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً لِّلَّذِينَ آمَنُوا اِمْرَأَةَ فِرْعَوْنَ... ) (التحريم:11)، وفي قصتها عبر كثيرة.
- تبرأت من القصر طلبًا لبيت الجنة: (إِذْ قَالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِندَكَ بَيْتاً فِي الْجَنَّةِ) (التحريم:11)، استدلت على هذا بالإيمان.
- تبرأت من زوجها الكافر، وعمله المشين: (وَنَجِّنِي مِن فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ) (التحريم:11).
- وتبرأت من قومها، وتشرفت بالانتساب إلى الإيمان والمؤمنين: (وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ) (التحريم:11).
- ومن سيدات نساء العالمين: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (كَمَلَ
مِنْ الرِّجَالِ كَثِيرٌ وَلَمْ يَكْمُلْ مِنْ النِّسَاءِ إِلا آسِيَةُ
امْرَأَةُ فِرْعَوْنَ وَمَرْيَمُ بِنْتُ عِمْرَانَ. وَإِنَّ فَضْلَ
عَائِشَةَ عَلَى النِّسَاءِ كَفَضْلِ الثَّرِيدِ عَلَى سَائِرِ الطَّعَامِ) (متفق عليه).
وعن
عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما- قال: خَطَّ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي الأَرْضِ أَرْبَعَةَ خُطُوطٍ قَالَ: (تَدْرُونَ مَا هَذَا)؟ فَقَالُوا: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (أَفْضَلُ
نِسَاءِ أَهْلِ الْجَنَّةِ: خَدِيجَةُ بِنْتُ خُوَيْلِدٍ، وَفَاطِمَةُ
بِنْتُ مُحَمَّدٍ، وَمَرْيَمُ بِنْتُ عِمْرَانَ، وَآسِيَةُ بِنْتُ
مُزَاحِمٍ امْرَأَةُ فِرْعَوْنَ) (رواه أحمد والحاكم، وصححه الألباني).
- من الشهادة إلى الجنة:
عن أبي هريرة -رضي الله عنه-: "أن فرعون أوتد لامرأته أربعة أوتاد في
يديها ورجليها، فكان إذا تفرقوا عنها ظللتها الملائكة، فقالت: (رَبِّ ابْنِ لِي عِندَكَ بَيْتاً فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِن فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ)، فكشف لها عن بيتها في الجنة" (رواه أبو يعلى الموصلي في مسنده، وصححه الألباني).
2- ماشطة ابنة فرعون:
رُويَ
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ -رضي الله عنهما- أنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ
-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: لَمَّا كَانَتْ اللَّيْلَةُ الَّتِي
أُسْرِيَ بِي فِيهَا أَتَتْ عَلَيَّ رَائِحَةٌ طَيِّبَةٌ فَقُلْتُ: يَا
جِبْرِيلُ مَا هَذِهِ الرَّائِحَةُ الطَّيِّبَةُ؟ فَقَالَ: هَذِهِ
رَائِحَةُ مَاشِطَةِ ابْنَةِ فِرْعَوْنَ وَأَوْلادِهَا. قَالَ: قُلْتُ:
وَمَا شَأْنُهَا؟ قَالَ: بَيْنَمَا هِيَ تُمَشِّطُ ابْنَةَ فِرْعَوْنَ
ذَاتَ يَوْمٍ إِذْ سَقَطَتْ الْمِدْرَى مِنْ يَدَيْهَا؛ فَقَالَتْ: بِسْمِ
اللَّهِ. فَقَالَتْ لَهَا ابْنَةُ فِرْعَوْنَ: أَبِي؟ قَالَتْ: لا.
وَلَكِنْ رَبِّي وَرَبُّ أَبِيكِ اللَّهُ. قَالَتْ أُخْبِرُهُ بِذَلِكَ؟
قَالَتْ: نَعَمْ. فَأَخْبَرَتْهُ فَدَعَاهَا فَقَالَ: يَا فُلانَةُ
وَإِنَّ لَكِ رَبًّا غَيْرِي؟! قَالَتْ: نَعَمْ رَبِّي وَرَبُّكَ اللَّهُ.
فَأَمَرَ بِبَقَرَةٍ مِنْ نُحَاسٍ فَأُحْمِيَتْ ثُمَّ أَمَرَ بِهَا أَنْ
تُلْقَى هِيَ وَأَوْلادُهَا فِيهَا. قَالَتْ لَهُ: إِنَّ لِي إِلَيْكَ
حَاجَةً. قَالَ: وَمَا حَاجَتُكِ؟ قَالَتْ: أُحِبُّ أَنْ تَجْمَعَ
عِظَامِي وَعِظَامَ وَلَدِي فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ وَتَدْفِنَنَا. قَالَ:
ذَلِكَ لَكِ عَلَيْنَا مِنْ الْحَقِّ. قَالَ: فَأَمَرَ بِأَوْلادِهَا
فَأُلْقُوا بَيْنَ يَدَيْهَا وَاحِدًا وَاحِدًا إِلَى أَنْ انْتَهَى
ذَلِكَ إِلَى صَبِيٍّ لَهَا مُرْضَعٍ وَكَأَنَّهَا تَقَاعَسَتْ مِنْ
أَجْلِهِ قَالَ: يَا أُمَّهْ اقْتَحِمِي فَإِنَّ عَذَابَ الدُّنْيَا
أَهْوَنُ مِنْ عَذَابِ الآخِرَةِ فَاقْتَحَمَتْ. رواه أحمد والحاكم والبيهقي.
فوائد من الحديث:
- في سبيل الله يستروح المؤمنون العذاب، ويواجهون الطغاة.
- إكرام الله لأوليائه الذين بذلوا نفوسهم رخيصة في سبيله فكانت لها المكانة العالية في الجنة.
- الجزاء من جنس العمل؛ أبدلها الله رائحة في الجنة عن رائحة احتراق جسدها وأولادها.
- تثبيت الله عباده المؤمنين في المواقف الصعبة فقد أنطق الرضيع ليُثبَّت أمه.
- عزة الإيمان تقوي القلب حتى أنها تُظهِر للطاغية عدم المبالاة في طلبها جمع العظام.
3- رجل مؤمن من آل فرعون (بل يقال إنه ابن عمه):
إنكاره على فرعون والملأ: (وَقَالَ
رَجُلٌ مُّؤْمِنٌ مِّنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِيمَانَهُ أَتَقْتُلُونَ
رَجُلاً أَن يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ وَقَدْ جَاءكُم بِالْبَيِّنَاتِ مِن
رَّبِّكُمْ) (غافر:28).
- أبو بكر الصديق -رضي الله عنه- يقول قوله في المشركين: (أَتَقْتُلُونَ رَجُلاً أَن يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ).
- إنصافه في دعوتهم وحسن عبارته: (وَإِنْ يَكُ كَاذِبًا فَعَلَيْهِ كَذِبُهُ وَإِنْ يَكُ صَادِقًا يُصِبْكُمْ بَعْضُ الَّذِي يَعِدُكُمْ) (غافر:28).
ـ تحذيره لهم من زوال النعمة وحلول النقمة: (يَا قَوْمِ لَكُمُ الْمُلْكُ الْيَوْمَ ظَاهِرِينَ فِي الأَرْضِ) (غافر:29).
وكان النبي -صلى الله عليه وسلم- يتعوذ: (اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ زَوَالِ نِعْمَتِكَ وَتَحَوُّلِ عَافِيَتِكَ وَفُجَاءَةِ نِقْمَتِكَ وَجَمِيعِ سَخَطِكَ) (رواه مسلم).
ـ تحذيره لهم من عذاب الآخرة: (وَيَا
قَوْمِ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ يَوْمَ التَّنَادِ . يَوْمَ تُوَلُّونَ
مُدْبِرِينَ مَا لَكُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ عَاصِمٍ وَمَنْ يُضْلِلِ
اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ) (غافر:32-33).
ـ ترغيبه لهم في أجر الآخرة: (يَا قَوْمِ إِنَّمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا مَتَاعٌ وَإِنَّ الآخِرَةَ هِيَ دَارُ الْقَرَارِ) (غافر:39).
ـ أحسن خاتمة للدعوة: (فَسَتَذْكُرُونَ
مَا أَقُولُ لَكُمْ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ
بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ . فَوَقَاهُ اللَّهُ سَيِّئَاتِ مَا مَكَرُوا
وَحَاقَ بِآلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ الْعَذَابِ) (غافر:44-45).www.salafvoice.com
موقع صوت السلف