عقوق الاباء للابناء ظاهرة خطيرة يجب علاجها والاهتمام بها
أعلم مقدماً أننى بموضوعى هذا قد اخترت بكامل إرادتى دخول حقل ألغام . فمن السهل والوارد أن أصاب بلغم من ألغامه أو حتى شظية من شظاياه
ولما كان الموضع جد خطير ......والمشكلة واضحة
ولا يصح أن نقف مكتوفى الأيدى أمام مشكلة بدت واضحة كوضوح الشمس .
فيوميا تطالعنا الصحف بمظاهر واضحة للعقوق بين الآباء والأبناء ابن يقتل آباه أو العكس
ما الذى حدث ؟؟ ما الذى أثر على تلك العلاقة الخاصة جداً بين الآب وابنه
لعل كثيراً من الناس ينظر إلى هذا الابن نظرة الابن العاق الذى يستحق العقوبة فى الدنيا والآخرة
ومع كامل اتفاقى معهم فى هذا الأمر إلا أننى انظر لهذه المشكلة من زاوية خاصة.
ما الذى فعله هذا الأب مع ابنه حتى تحولت العلاقة بينهما إلى هذا السبيل المعوج؟ وكيف انقطعت كل أوصر المحبة والروابط المتينة بين أب وابنه؟ ماالذى حدث؟؟؟؟
ففى دراسة أجراها المركز القومى للبحوث الاجتماعية إلى أن مدينة القاهرة وحدها نظرت محاكمها عام 2003 فقط ألفى قضية حجر يرفعها الأبناء إلى الآباء وأن أكثر من ألف دعوة أخرى حركها أبناء ضد آبائهم وتم التنازل عنها فى مراحل التقاضى الأولى وأن 90% من هذه الدعاوى كيدية حكم القضاء فيها لصالح الآباء.
فيا ترى ما السبب فى انقطاع العلاقة بين الاب والابن؟؟؟؟
فأستعين بالله وأقدم خلاصة ما وصلت إليه فى تلك المشكلة الحائرة التى قلما تطرق إليها شخص .
فالأبناء هم المستقبل المشرق فبهم يبنى المجتمع وبهم ننشد الغد المأمول ولما كانت الأسرة السعيدة هى أساس المجتمع السليم. فإن قوام الأسرة السعيدة هى ترابط أفرادها وتماسكهم
وفى الآونة الأخيرة بدت على السطح بوادر سوء فهم بين جيلين كاملين جيل الأبناء وجيل الآباء كل بمفاهيمه ومعتقداته.
وهنا أحاول أن استقصى أسباب تلك المشكلة ومحاولة التعمق فى فهمها والمحاولة الجادة فى إيجاد حلول صادقة لها.
ولما كانت العملية التربوية تقع على كاهل الأبوين وكما جاء فى الحديث الشريف عن عبد الله بن عمر رضى الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " كلكم راع ومسئول عن رعيته، والأمير الذى على الناس راع وهو مسئول عنهم ، والرجل راع على أهل بيته وهو مسئول عنهم والمرأة راعية على بيت بعلها وولده وهى مسئولة عنهم والعبد راع على مال سيده وهو مسئول عنه ألا فكلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته"
لذا فمسئولية الآباء واضحة تجاه أولادهم ولكن كثيراً من الآباء والأمهات لا يقدرون هذه المسئولية.
التخطيط لتربية طفل أصعب بكثير من مجرد إنجابه
حينما يأتى الأولاد إلى الدنيا فصاحب قرار مجيئهم بعد الله عز وجل هم الأبوان فمشاعر الأطفال مرهفة وذات حساسية بالغة لذلك فمن الطبيعى أن نتعامل معهم من هذا المنطق وينبغى أن ننظر أكثر إلى مفاهيم التربية ومواكبتها مع تطورات العصر فمسألة تربية الأطفال مسألة مهمة ليست هينة ويسيرة على الجميع إنما هى جهد جهيد ومثابرة وعمل متواصل تستدعى فهم عميق ووعى وطول صبر وقدرة على التحمل لمثل هذه المسئولية.
وفى الحديث الشريف" رحم الله والداً أعان ولده على بره"
وجاء رجل إلى أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضى الله عنه يشكو إليه من عقوق ابنه فأحضر أمير المؤمنين عمر بن الخطاب ابن هذا الرجل وأنبه على عقوقه لأبيه فقال الابن يا أمير المؤمنين أليس للولد حقوق على أبيه؟ قال بلى فقال فماهى يا أمير المؤمنين قال أن ينتقى أمه ، وأن يحسن اسمه ، وأن يعلمه الكتاب " القرآن" فقال الابن يا أمير المؤمنين إنه لم يفعل شيئا من ذلك أما أمى فإنها زنجية كانت لمجوسى وقد سمانى جعلاً (أى خنفساء) ولم يعلمنى من الكتاب حرفاً واحداً فالتف أمير المؤمنين إلى الرجل وقال له أجئت تشكو عقوق ابنك لقد عققته قبل أن يعقك وأسأت إليه قبل أن يسيء إليك.
ففى هذا النص أسس الخليفة الفاروق مسألة غاية فى الأهمية وهى مسألة عقوق الآباء للأبناء
وهذا المقال ليس تبريراً لعقوق الأبناء للآباء وإنما لمعرفة الأسباب التى أدت إلى تلك المشكلة.
وسوف أخصص إن شاء الله تعالى فى كل حلقة أحد مظاهر عقوق الآباء لأبنائهم ونحاول معالجتها وإيجاد حلول لها من النظرة الإسلامية والنفسية والتربوية.
ولهذا يجب أن نسأل الأب هذا السؤال :-
ايها الأب فتش فى نفسك لماذا يعقك ابنك
ورد فى الأثر " ملعون من استعق ولده" أى حمل ابنه على عقوقه بالمعاملة السيئة وغير ذلك من الوسائل .
فقلما أن تجد أبا اجتهد فى تربية ابنه تربية حسنة ووجد عقوقاً من أبنائه
فكثير من الآباء الذين يشكون من عقوق أبنائهم لهم هم فى الأصل سبب العقوق وهم آباء عاقون لأبنائهم ومسيئون إليهم.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم" كفى بالمرء إثما أن يضيع من يعول"
وقال ابن القيم " أكثر الأولاد إنما جاء فسادهم من قبل آبائهم وإهمالهم لهم"
وأما أبو حامد الغزالى فيقول " الأبناء جواهر" وأقول له صدقت الأبناء جواهر ولكن كثير من الآباء حدادون مع هذه الجواهر.
ولهذا استغرب عندما أسمع بعض الآباء وهو يتحدث بكل ثقة " أولادى هم أغلى الناس عندى" ثم تراه يتحدث مع أصدقائه بأدب جم وبكل لباقة واحترام فإذا مادخل على أولاده خلع جلباب الأدب واللباقة على عتبة البيت وارتدى جلباب القسوة والعنف.
وإذا ما عاتبته تجد الإجابة السريعة الجاهزة المغلفة ( متاعب التربية ولقمة العيش ) وكأن متاعب التربية تبريراً لهذا الأسلوب الخاطئ فى التعامل مع أولاده.
فلابد أن نفرق بين ألام ومتاعب التربية وبين معاملة الأولاد إنها كآلام الولادة هم سمعتم أما تضرب ابنها المولود حديثا لأنه سبب لها متاعب وآلام اثناء الولادة ؟؟!! مستحيل بل تحتضنه ...سعيدة ..راضية ..قريرة العين