هل طال علينا الامد... فقست منا القلوب
هل طال علينا الأمد . . فقست منَّا القلوب؟!
<blockquote><blockquote>
حين
شرح الله صدرونا للإسلام فتذوقنا حلاوته، بعدما كنَّا نتخبط في ظلمات
المعاصي والآثام على الرغم من انتسابنا لهذا الدين اسماً وليس عملاً، انتزع
كل منَّا أغلال المعاصي عن قلبه، فانتفضت تلك القلوب إلى الله تائبةً،
وسجدت له الجباه عابدة، وانهمرت الدموع من العيون واجلةً وراجيةً، فأفاض
عليها من مغفرته ورحمته ما جعلها تستنشق الحياة من جديد، ولكن بروحٍ غير
تلك الروح التي كانت تحيا بها لمأكلٍ أو مشربٍ!! إنها روحٌ اتصلت بخالقها بثلاثٍ وأربعين سجدة يومياً من سجدات الفرائض، وقد تزيد بسجدات النوافل!! تسبِّح بحمد ربها في كل مرة . .ترجو رحمته وتخشى عذابه . . فيزداد القلب التصاقاً بمنبع الأمان (الله) . .ويزداد نوراً بهديه (القرآن) . . ويعيش حياته وفقاً لسنة رسوله (صلى الله عليه وسلم) . .
فلم يلبث
القلب قليلاً حتى قام يتحرك بموجبات هذا النور الذي قذفه الله فيه، فتعلم
دين الله ودعا إليه، وطاقت نفسه للشهادة في سبيله يوماً من الأيام، وصارت
الأيام على هذه الحال دهراً بين أخوة في الدين تزدان بهم الحياة نوراً
وفرحاً، وبين بلايا وفتن ينقي الله بها النفوس ويثقل بها القلوب؛ لتثبت
الأقدام على الطريق . .
(ألا إن سلعة الله غالية . . ألا إن سلعة الله الجنة)
ولكن . . طال بنا بعدها الأمد!!
وانهمرت الدنيا على القلوب بهمومها ومشاغلها . .
فخبا فيها الحس الإيماني!!
وخمدت جذوة النور الوجداني!!
وصار المنكر يتلون ليُستساغ !!
بعدما كان في السابق منبوذاً ومطروداً وذا عرضٍ مستباح!!
وصارت تصرفات الغيورين من الدعاة في نظر البعض تهور وقلة حكمة وتطرف ومغالاة!!
في حين أن
طغيان أهل الباطل وتجبرهم وبطشهم بالأبرياء وجرأتهم على دين الله وجهة نظر،
ومحل نقاش وفرصة لعقد مؤتمرات وتوثيق روابط الصداقة والمؤاخاة!!
ومضت قافلة
الغفلة تسير يقودها الشيطان نحو الحتف المبين، ويحدوها أعوانه من شياطين
الإنس والجن بأنغام التضليل والتغفيل؛ خشية أن يصحو أحدٌ من الركب؛ فيفسد
عليهم المسير، وصار من كانوا في السابق دعاةً للصحوة وأهلاً للنفير،
يلتمسون الأعذار لأنفسهم تارة بالضعف وأخرى بشدة التضليل!!
ولم يثبت في وجه هذه الموجة العاتية من التضليل سوى القليل . .
ممن باعوا نفوسهم رخيصة لله رب العالمين
فتوجهوا إلى الله بقلوب ملؤها اليقين . .
بعدما قطعوا خطوط الرجعة وجعلوها درباً من المستحيل!!
فسلكوا الدرب غير هيَّابين ولا مترددين!!
وتوجهوا نحو نصرة الدين غير آبهين!!
فتنزَّل عليهم النصر المبين!!
وكانوا بإيمانهم عمالقة أرغمت أنوف المتجبرين!!
وصارت كافة الحسابات تجري وهم على رأسها متربعين!!
قد ملؤوا بهيبتهم فرائص المتغطرسين!!
ونسجوا بجرأتهم أفلام رعبٍ للمتعجرفين!!
فيا لهول البون الشاسع بينهم وبين من ارتضوا العيش في أوحال المذلة والطين!!
ويا لحسرة من كان على دربهم من السائرين . . ثم صيرته الفتنة لدرب المخلفين!!
ويا لسعادة هؤلاء الشامخين الطائعين المخلصين المجاهدين
</blockquote></blockquote>فهل طال بنا الأمد فتباعد بنا السير عن ركب هؤلاء الصالحين؟!
كتبه/الشيخ أبو مهند القمري