أذكار معينة وعامة محمد بن صالح العثيمين
أذكار معينة وعامة
محمد بن صالح العثيمين
الحمد لله مستحق الحمد وأهله، المنعم على خلقه بسابغ نعمه وفضله، الذي جعل أفئدة عباده
المؤمنين متعلقة به وألسنتهم ناطقة بذكره، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادة مخلص لله في سره وجهره، وأشهد أن محمداًً عبده ورسوله القائم بطاعة ربه وأمره صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن ساروا على نهجه، وسلم تسليماً. أما بعد:
أيها الناس: اتقوا الله - تعالى -، وأديموا ذكره، أديموا ذكره بقلوبكم وألسنتكم وجوارحكم، فإن الله مع الذاكرين، يقول الله - تعالى -في الحديث القدسي: ((أنا عند ظن عبدي بي، وأنا معه إذا ذكرني، فإن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي، وإن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منهم)).
أيها الناس: إن ذكر الله يكون في القلب، ويكون في اللسان، ويكون بالجوارح أما ذكر الله بالقلب، فإن معناه أن يكون القلب متعلقاً بالله، ويكون ذكر الله، وتعظيمه دائماً في قلبه يستحضر دائماً عظمة ربه وآياته، ويستحضر نعمه العامة والخاصة، ويستدل بما يشاهده من مخلوقاته وآياته على عظمته وإحاطته، وأما ذكر الله باللسان، فهو النطق بكل ما يقرب إلى الله، فالتهليل ذكر، والتكبير ذكر والتحميد والتسبيح ذكر، وقراءة القرآن ذكر وقراءة العلوم الشرعية ذكر؛ لأنها ذكر لأحكام الله وتشريعاته ونصيحة العباد للقيام بأمر الله ذكر، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر ذكر، وأما ذكر الله بالجوارح، فهو كل فعل يقرب إلى الله - عز وجل -، فالطهارة ذكر، والصلاة ذكر، والسعي إليها ذكر، والزكاة، والصيام ذكر، والحج ذكر، وبر الوالدين ذكر، وصلة الأرحام ذكر، وكل فعل يقربك إلى الله، فهو ذكر؛ لأن التقرب إلى الله لا يكون إلا بنية ونيتك، واستحضارك عند الفعل ذكر الله - عز وجل -، فالدين كله ذكر الله، ولقد شرع الله الحكيم الرحيم لعباده ذكره في كل مناسبة ليكونوا بذلك دائماً في ذكر الله، فشرع الله لعباده التسمية على كل أمر ذي بال، وأهمية، شرع الله الذكر قبل الأكل والشرب وبعدهما، قبلهما تقول: بسم الله، وبعدها تقول: الحمد لله، وإن الله ليرضى عن العبد يأكل الأكلة، فيحمده عليها، ويشرب الشربة، فيحمده عليها شرع الله الذكر عند دخول محل قضاء الحاجة، وبعد الخروج منه، فإذا أراد أحدكم أن يدخل مكان البول أو الغائط، فليقل: بسم الله أعوذ بالله من الخبث والخبائث، وإذا خرج منه، فليقل: غفرانك الحمد لله الذي أذهب عني الأذى وعافاني. شرع الله الذكر عند النوم وبعده، فعند النوم إذا وضعت جنبك، تقول: باسمك اللهم أحيا وأموت، اللهم بك وضعت جنبي، وبك أرفعه، فإن أمسكت روحي، فاغفر لها، وارحمها، وإن أرسلتها، فاحفظها بما تحفظ به عبادك الصالحين، وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا أوى إلى فراشه قال: ((الحمد لله الذي أطعمنا وسقانا وكفانا وآوانا)).
فكم ممن لا كافي له ولا مؤوي، وشرع لعباده عند الاستيقاظ ذكر الله، فإن العبد إذا نام عقد الشيطان على قافية رأسه ثلاث عقد، فإذا قام، وذكر الله انحلت عقدة، وإن توضأ انحلت العقدة الثانية، فإذا صلى انحلت العقدة الثالثة، فأصبح نشيطا طيب النفس، وإلا أصبح خبيث النفس كسلان، وفي حديث ابن عباس - رضي الله عنهما - أنه بات عند خالته ميمونة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - فلما قام النبي - صلى الله عليه وسلم - من النوم جعل يمسح النوم عن وجهه بيده ثم قرأ: إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لاَيَاتٍ لِأُولِي الأَلْبَابِ إلى آخر سورة آل عمران.
وفي حديث ثان أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((من استيقظ من الليل، فقال: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد، وهو على كل شيء قدير، والحمد لله، وسبحان الله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، ولا حول ولا قوة إلا بالله، ثم قال: اللهم اغفر لي، أو دعا إلا استجيب له، فإن توضأ، وصلى قبلت صلاته)).
وشرع لعباده أذكارا يقولونها إذا قلقوا، فلم يناموا، أو كانوا يفزعون في نومهم، وفي صحيح البخاري أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((إذا رأى أحدكم رؤيا يحبها، فإنما هي من الله، فليحمد الله عليها، وليحدث بها، ولا يحدث بها إلا من يحب، وإذا رأى غير ذلك مما يكره، فإنما هي من الشيطان، فليستعذ من شرها، ولا يذكرها لأحد، فإنها لا تضره))، وشرع لعباده أن يذكروه عند دخول بيوتهم، وعند الخروج منها، ((فأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - الرجل إذا دخل بيته أن يقول: اللهم إني أسألك خير المولج وخير المخرج بسم الله ولجنا، وبسم الله خرجنا، وعلى الله ربنا توكلنا، ثم ليسلم على أهله))، وكان إذا خرج من بيته قال: ((بسم الله توكلت على الله، اللهم إني أعوذ بك أن أضل أو أضل، أو أزل أو أزل، أو أظلم أو أظلم، أو أجهل أو يجهل علي))، وقال: ((من قال يعني إذا خرج من بيته: بسم الله، توكلت على الله، ولا حول ولا قوة إلا بالله، يقال له: كفيت، ووفيت، وهديت، ويتنحى عنه الشيطان)).
أيها الناس: إن ربكم قد أمركم بذكره في أحوال معينة، ولأسباب معينة، وأمركم بذكره أمراً مطلقاً يعم الأوقات والأحوال، فقال - تعالى -: فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلاَ * تَكْفُرُونِ.
وقال - تعالى -: يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْراً كَثِيراً * وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلاً.
وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - يذكر الله على كل أحيانه، فأديموا ذكر ربكم، واغرسوا لأنفسكم في جنات النعيم، فإن غراسها سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، ولا حول ولا قوة إلا بالله، وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((كلمتان حبيبتان إلى الرحمن، خفيفتان على اللسان، ثقيلتان في الميزان، سبحان الله وبحمده، سبحان الله العظيم)).
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم..الخ.