عبدُاللهالمدير العام
المهنة :
الجنس :
علم الدوله :
تاريخ التسجيل : 25/05/2009
عدد المساهمات : 7709
| #1موضوع: الحديث الرابع للدورة : الخلق والأجل والرزق الإثنين فبراير 28, 2011 4:45 pm | |
| الحديث الرابع للدورة : الخلق والأجل والرزق ( الحديث الـرابع: الخلق والأجل والرزق
عن أبي عبد الرحمن عبد الله بن مسعـود - رضي الله تعالى عنه - قال : حدثنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم – وهو الصادق المصدوق - :( إن أحـدكم يجمع خلقه في بطن أمه أربعين يوما نطفة، ثم يكون علقة مثل ذلك، ثم يكون مـضغـة مثل ذلك، ثم يرسل إليه المَلَك، فينفخ فيه الروح، ويـؤمر بأربع كلمات : بكتب رزقه، وأجله، وعمله، وشقي أم سعيد. فوالله الـذي لا إلــه غـيره إن أحــدكم ليعـمل بعمل أهل الجنة، حتى ما يكون بينه وبينها ذراع، فيسبق عليه الكتاب، فيعـمل بعـمل أهــل النار فـيـدخـلها. وإن أحدكم ليعمل بعمل أهل النار حتى ما يكون بينه وبينها ذراع، فــيسـبـق عليه الكتاب، فيعمل بعمل أهل الجنة فيدخلها ) [رواه البخاري ومسلم].)
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، نسأل الله - عزّ وجلّ – أن يرزقنا العلم النافع والعمل الصالح، وأن يعلمنا ما ينفعنا، وأن ينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماًَ، إنه سميع قريب مجيب .
ذكر المؤلف هذا الحديث وهو الحديث الرابع بالنسبة للأربعين النووية، وكما تعودنا نبدأ بتخريج الحديث وقد كنا عرفنا أن جميع الأحاديث صحيحة، وقد يكون حديث أو حديثين, أقل من الصحيح بدرجة وهو حسن، لكن هذا الحديث رواه البخاري ومسلم، من طريق هذا الصحابي الجليل ابن مسعود - رضي الله عنه – .
قال : حدثنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم – وهو الصادق المصدوق – هذا قوله وهو الصادق المصدوق، وصف للنبي - صلى الله عليه وسلم – يعني الصادق في قوله، والمصدوق يعني المصدق فيما جاء به من الوحي عن الله - سبحانه وتعالى – .
ولما ذكر ذلك ابن مسعود - رضي الله عنه - ؟ لماذا ذكر وهو الصادق المصدوق، لأنه نبي الله عليه الصلاة والسلام، وتأكيد احترام مصداقية النبي – صلى الله عليه وسلم – لأن الكلام الآتي، هو في أمر غيبي، فكما نصدق أن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال في الأشياء الحاضرة والأعمال البينة الواضحة فكذلك يجب أن نصدقه في إيش ؟ في الأعمال الغيبية أو في الأمور الغيبية، وهذا الحديث كله في أمر غيبي كما سيأتي، فلذلك نصدقه عليه الصلاة والسلام فهو الصادق في قوله والمصدوق، يعني المصدَّق فيما جاء به عن الله - عزّ وجلّ – .
قال ( إن أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه ) يعني عند التقاء ماء الرجل بماء المرأة فيجتمع هذان الماءان ويكونان هذا التكوين الخلقي .
( يجمع خلقه في بطن أمه أربعين يوماً نطفة ) النطفة هي الماء ليبقى الحمل في الشهر الأول والعشرة الأيام من الشهر الثاني ماء .
فالماء في الأيام الأولى يبقى ماء أو في الشهر الأول والعشرة الأيام يبقى الجنين عبارة عن ماء .
ثم قال ( ثم يكون علقة مثل ذلك ) مثل ذلك يعني في المدة، والعلقة هي القطعة من الدم انتقل هذا الجنين من ماء إلى دم .
قال ( ثم يكون مضغة مثل ذلك ) والمضغة هي قطعة اللحم، يعني انتقلت أن تكون من ماء ثم دم إلى أن يكون مجرد قطعة من اللحم، ثم يبدأ التكوين، يعني مثل ذلك أيضاً، يعني أربعين يوم، وأربعين يوم، وأربعين كم يصير ؟ مائة وعشرين يوم، بعد مائة وعشرين يكون هذا الجنين قطعة وتبدأ بإذن الله - عزّ وجلّ – في التكوين الخلقي للإنسان شيئاً فشيئاً فيرسل الله - سبحانه وتعالى – إليه الملك الموكل بهذا الأمر، فينفخ فيه الروح، ويؤمر بأربع كلمات، يعني أربعة أشياء، وليس كلمة يقول كذا كلمة، إنما يؤمر بكتابة أربعة أشياء، بكتب رزقه، رزق هذا الجنين، إلى أن يموت، وبكتب أجله يعني عمره، يكتب عمره، وبكتب عمله في هذه الدنيا، ماذا سيعمل، وشقي أو سعيد، في هذه الحياة وما بعدها في الدار الآخرة .
( فوالله الذي لا إله إلا هو ) هذا قسم ( إن أحدكم ليعمل بعمل أهل الجنة حتى ما يكون بينه وبينها ذراع ) يعني مدة يسيرة، ( فيسبق عليه الكتاب ) يعني الذي سبقت في علم الله - سبحانه وتعالى – أو في اللوح المحفوظ، كما سيأتينا في مسألة القدر ( فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل النار فيدخلها، وإن أحدكم ليعمل بعمل أهل النار حتى ما يكون بينه وبينها ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل الجنة فيدخلها ) .
وردت عبارة عن الاهتمام بأمر -كما سيأتي- حسن الخاتمة .
هذا الحديث فيه جملة قضايا مهمة ونتيجة لطولها نجعله مثل حديث جبريل، نقسمه إلى وحدات.
الوحدة الأولى فيما يتعلق في خلق الإنسان، إذاً الحديث في قضايا كبيرة ومسائل مهمة نحاول إيجادها مع التفصيل لما يحتاج إلى تفصيل بإذن الله، هذه القضايا نجعلها في وحدات كبيرة، هذه الوحدات نبدأها:
بالوحدة الأولى: وهي أطوار خلق الإنسان
إذاً هذا الحديث دل على أن الجنين يمر بأطوار، الطور الأول وهو طور النطفة والماء، عندما يلتقي ماء الرجل بماء المرأة، ويأذن الله - سبحانه وتعالى – بأن يتكون جنين من التقاء الماءين حينئذ تبدأ الأربعون يوم الأولى هي عبارة عن ماء، ثم هذا الماء يتحول إلى دم لمدة أربعين يوماً، ويتحول الدم أيضاً للطور الثالث وهو العلقة قطعة اللحم بعد العلقة بعد المضغة، قطعة لحم بعد ذلك يبدأ خلق الإنسان تتفتح عيناه وأذناه ويتبين فيه خلق الإنسان .
بعد المائة والعشرين يوم بإذن الله - عزّ وجلّ – ينفخ فيه الروح، وهذه الأطوار ذكرها أيضاً ربنا – جلّ وعلا – في آيات كثيرة، قوله – جلّ وعلا - ﴿ وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ طِينٍ ﴾ [المؤمنون:12] هذا أصل التكوين، عندما خلق آدم ﴿ ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَكِينٍ ﴾[المؤمنون:13] القرار المكين ما هو ؟ الرحم ﴿ ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَاماً فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْماً ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقاً آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ ﴾[المؤمنون:14] - جلّ وعلا - .
إذاً خلق الإنسان ليس هو دفعة واحدة، إنما يمر بهذا الرحم بتكوين عجيب من الله - سبحانه وتعالى – ولا شك أن هذا التكوين لحكمة أرادها الله – جلّ وعلا – ظهر لنا بعض هذه الحكم، ولا زال خافياً شيء من الحكم .
المسألة الثانية: في أطوار خلق الإنسان، نفخ الروح، متى يكون حياً ؟ قال في نص الحديث بعد مائة وعشرين يوم، يرسل إليه الملك، فينفخ فيه الروح، وبناء على نفخ الروح هذا هو الحد الفاصل بين ما يجوز فيه إسقاط الجنين وما لا يجوز فيه إسقاط الجنين، بعد مائة وعشرين يوم لا يجوز بأي حال من الأحوال كما ذكر أهل العلم، أن يسقط الجنين لماذا ؟ لأنه أصبح حياً، فلا يجوز إزهاق هذه الروح، وإسقاط الجنين بعد مائة وعشرين هو إزهاق لنفس معصومة عصمها الله - تبارك وتعالى – وهي نفس حية فلا يجوز إسقاطها بأي حال من الأحوال .
مما ينبني على ذلك أمر يتردد عند كثير من الناس، الله - سبحانه وتعالى – ذكر في آية أخرى، أنه استأثر بعلم مجموعة أشياء منها علم ما في الأرحام .
الطب الحديث صار بعد فترة من الحمل يكتشف هل الموجود في رحم هذه المرأة ذكر أو أنثى، هل هذا ينافي هذا، بعد نفخ الروح، ذكر أهل العلم أنه لا ينافي، أما قبل نفخ الروح فلم يتبين.
إذاً الأقرب والله أعلم أنه قبل نفخ الروح، هذا لا يمكن علمه، يعني قبل مائة وعشرين لا يمكن علمه يعني علم هل هو ذكر أم أنثى، لكن بعد مائة وعشرين يوم بناء على ما أوجد الله - سبحانه وتعالى – وما أقدر الإنسان عليه من كشف ما في هذا الجنين، حينئذ يعرف، هل هو ذكر أو أنثى، وتعرف بعض خصاله التكوينية وهل هو مشوه غير مشوه؟ هل هو عنده نقص في جانب معين ليس عنده نقص ؟ في جانب الحمل سوي أو غير سوي ؟ وهذا من فضل الله - سبحانه وتعالى – على أن أقدر الإنسان على هذا الأمر .
هذا ما يتعلق بالوحدة الأولى، وهي أطوار خلق الإنسان، وبلا شك أنها تدل على عظمة الله - سبحانه وتعالى – في خلق الإنسان بأن أوجده شيئاً إلى أن يكون شيئاً، وهذه إشارة أيضاً إلى أن الإنسان بعد خروجه إلى هذه الدنيا يمكن أن يتطور هو بذاته، يعني كل فرد بذاته، يمكن أن يتطور في قدراته في مواهبه، فيما أعطاه الله - سبحانه وتعالى – وإشارة إلى أن الإنسان جنس الإنسان يمكن أن يتطور أيضاً في قدراته وفيما أعطاه الله - سبحانه وتعالى – والواقع يشهد على هذا، والبشرية تقدمت في بعض القضايا ولا زالت تتقدم وتتبارى في هذه الأمور، والفرد أيضاً كذلك .
ومما يشار إليه هنا من باب الاستطراد أن الله - سبحانه وتعالى – أعطى كل إنسان مقدرة معينة، أعطى كل إنسان في هذا الوجود مقدرة معينة، وحتى لو كان في ظاهر هذا الإنسان أنه لا يستطيع أنه يعمل شيء .
وأذكر قصة وإنما نذكرها للعبرة ونذكرها أيضاً ليدعى له بما عمل، وهو أن إنساناً من الناس أصيب بحادث بشلل رباعي فليس له حياة فغالب جسمه معطل، تماماً فبعد هذا الحادث يعني خُدم في كرسي متحرك، المهم دخل الكلية وتعلم في الكلية ويحرك الكرسي بفمه، ويحرك صفحات الكتاب بفمه بعود، حتى تخرج من الكلية بهذه القدرة .
إذاً الله - سبحانه وتعالى – أعطاه قدرة، الآن الرجل -ما شاء الله - تبارك وتعالى – وليزيده من العلم والنفع- داعية في إحدى الدور الاجتماعية وهذا دليل على أن الله - سبحانه وتعالى – يعطي كل إنسان قدرة من القدرات المهم أن الإنسان ذاته هو الذي يفعل هذه القدرة، هو الذي ينميها، هو الذي يطهرها، هو الذي يستعد، فالله - سبحانه وتعالى – بعد أن كنت ماءً ثم دماً، ثم لحماً ثم ثم، إلى أن أصبحت رجلاً أو امرأة بهذا القدر، لديك قدرة من القدرات فلذلك أنت مطالب بتفعيل هذه القدرة لأن تنتج في حياتك بما أعطاك الله - تبارك وتعالى – لا تقول إذاًَ أُعطي فلان وأنا لم أعطَ، فلان عنده من القدرات، ما لا عندي، فلان يحفظ أنت تفهم، فلان يعني يترجى للتخصص الفلاني أنت مترجي للتخصص الآخر، وهكذا .
ولذلك قد يكون قدراتك عملية، قد يكون في جانب معين من جوانب الحياة وهكذا.
الوحدة الثانية: وهي وحدة القدر
بيّن الرسول – صلى الله عليه وسلم – في هذا الحديث أنه عند نفخ الروح يؤمر الملَك، بكتابة أربع كلمات: بكتب رزقه، وأجله، وعمله، وشقي أو سعيد .
هذا التقدير لكل إنسان، وهذا من التقدير الخاص، وهناك تقديرات أخرى وهو التقدير العام أن الله - سبحانه وتعالى – قدر الأشياء قبل وقوعها، وكتبها في اللوح المحفوظ قبل خلق الناس، كما جاء في الحديث الصحيح ( إن أول ما خلق الله ) إيش؟ ( القلم، فقال له اكتب، قال: ما أكتب ؟ قال اكتب ما هو كان وما يكون إلى يوم القيامة ) فكل شيء في هذه الدنيا مقدر قد علمه الله - سبحانه وتعالى – ثم كتبه ثم شاءه ثم أوجده .
أربع مراتب، علم الله الأشياء قبل وجودها، ثم شاءها، ثم كتبها في اللوح المحفوظ، ثم شاءها، ثم خلقها، وأوجدها، هذا التقدير العام، وهناك تقديرات خاصة، من التقديرات الخاصة لكل إنسان هو ما ذكر في هذا الحديث، تقدير خاص لكل إنسان أثناء نفخ الروح فيه، وهناك تقدير للسنة، وهذا التقدير الذي للسنة متى سيكون ؟ ليلة القدر، يكون ليلة القدر، وكما قال الله - سبحانه وتعالى – ﴿ فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ ﴾[الدخان:4] .
وهناك تقدير يومي في كل يوم كما قال الله - سبحانه وتعالى – إيش ؟ ﴿ كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ ﴾[الرحمن: 29] .
إذاًَ هذه التقديرات التي يقدرها الله - سبحانه وتعالى – على هذا الإنسان وعلى عموم الناس.
نخلص من هذا أن ما يعمله الإنسان وأن رزقه وأن عمره وأجله وإن شقاوته أو سعادته في الدنيا وفى الآخرة مكتوبة عند الله - سبحانه وتعالى – هذه حقيقة يجب أن تستقر في ذهن الإنسان تصديقاً لما جاء عن الله - جلّ وعلا – وما جاء عن رسوله - صلى الله عليه وسلم –
إذا كان الأمر كذلك يرد السؤال المعتاد الذي يسأله كثير من الناس وهو لمَ العمل ؟ إذا كانت الأمور مكتوبة ومقدرة عند الله - سبحانه وتعالى – لمَ العمل؟ لماذا نعمل؟ أنا أكون في الجنة أو في النار لماذا أعمل ؟ قد كتب الله ذلك .
النبي – صلى الله عليه وسلم – سئل هذا السؤال، فيما رواه الإمام علي بن أبي طالب - رضي الله عنه – فيما أخرجه البخاري وغيره، قال النبي – صلى الله عليه وسلم – مرة من المرات ( ما من نفس منفوسة إلا وقد كتب الله مكانها من الجنة أو النار وإلا قد كتب شقياً أو سعيداً، فقال رجل يا رسول الله: أفلا نمكث على كتابنا ) يعني نتكل على كتابنا ( وندع العمل؟ قال: لا، اعملوا فكل ميسر لما خلق له ) نلاحظ كلمة اعملوا .
فأهل السعادة ميسرون لعمل أهل السعادة وأهل الشقاوة ميسرون لعمل أهل الشقاوة، ثم قرأ - صلى الله عليه وسلم – ﴿ فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى ﴿5﴾ وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى ﴿6﴾ فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى ﴿7﴾ وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى ﴿8﴾ وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى ﴿9﴾ فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى ﴿10﴾﴾ [ الليل:5-10]
إذاً هذه الحقيقة الثانية، وهي إجابة على سؤال يرد في ذهن أي إنسان يسمع مثل حديثنا.
لمَ العمل ؟ النبي – صلى الله عليه وسلم – قال ( اعملوا فكل ميسر لما خلق له ) .
نستنبط من الحقيقة الثانية هذه الحقيقة الثالثة وهي أن الله - سبحانه وتعالى – أعطى العبد اختياراً، وقد يقول قائل كيف أعطى العبد اختياراً والأشياء مكتوبة؟ هذه حكمة الله أعطاه اختيارًا، نحن ندلل لك أن الله أعطاك اختيار، الآن أنت إذا خرجت من بيتك، نقول أين تذهب؟ تقول أذهب إلى عملي، أذهب إلى المستشفى، أذهب إلى السوق .
هذا اختيار أو ليس اختيار ؟ اختيار .
أنت الآن مثلاً لو خيرت بين نار محرقة الآن تسقط فيها أو بين حديقة غناء تأكل فيها مما لذَّ وطاب لم يخير عاقل نفسه، نخير طفلاً يختار ماذا؟
الطفل ليس رجلاً، أو امرأة كبيرة، إنما طفل ماذا يختار ؟ لا شك أنه يختار الحديقة فأنت إذاً أعطاك ربك اختيار أو لا ؟ إذاً لك اختيار فلما توقع الاختيار في أمور الدنيا وتقر به، ولا توقعه فيما طلب الله منك لعمل الصالحات وعمل الآخرة، هذا جانب .
الجانب الثاني أو المثال الثاني: لو جاء إنسان وضربك على وجهك ثم تقول لماذا ؟ قال هذا مقدر، ألست أنت تقابله وتضربه وتقول أيضاً هذا مقدر ؟
إذاً عندك اختيار أن ترد الشيء بمثله فلمَ لا تسكت وتقول ما دام مقدر انتهى الأمر؟ فلمَ في الأمور المحسوسة إذاً نقول إن هذه الأمور كتبت علينا وانتهى وهذا مذهب معمل الشهوات، ونقع في المحرمات وحينئذ نقول إن الأمور مكتوبة علينا .
هذه أمثلة لعلها تكون كافية لبيان أن للإنسان اختياراً فيما يعمل في هذه الحياة هذا الاختيار لكل إنسان هو لا شك مندرج تحت اختيار أو تحت تقدير الله - سبحانه وتعالى – .
ينبني على هذه الحقيقة الثالثة الحقيقة الرابعة: ألا نجعل القدر حجة على أعمالنا، فلا نقول: هذا أمر مكتوب أمر غير مكتوب أنت محاسب ومجازى على عملك، كما تجازى على أعمالك الدنيوية الآن مثل المثال الأخير الذي مثلنا فيه، إنسان اعتدى على آخر يذهب إلى الشرطة إلى الجهة المسئولة ويقول اعتدى عليّ .
إذاً أنت لم تجعل هذا القدر حجة وتسكت، فإذاً لا نجعل القدر حجة على أعمالنا، وإنما علينا العمل وعلينا بذل الأسباب، ومن هنا ننتقل إلى الحقيقة الأخيرة وهي أننا في هذه الحياة في التعامل مع أقدار الله، ومع الأعمال نتعامل من جانبين:
الجانب الأول: أننا نعتمد على الله - سبحانه وتعالى – بمعنى أن نتوكل على الله في جميع أمورنا، فالله - سبحانه وتعالى – خلق هذا الكون وجعله متناسق مع حركة الإنسان، ولذلك الطير كما أخبر النبي – صلى الله عليه وسلم – ( تغدو خماص) يعني جياع ( وتروح بطاناً ) فبذلت السبب، الطير بذلت السبب وهي تمشي بخلق الله لها بفطرة الله - سبحانه وتعالى – لها.
إذاً الأمر الأول الجانب الأول: قوة الاعتماد على الله - سبحانه وتعالى – .
الجانب الآخر: بذل السبب، الطالب لا ينجح إلا بالمذاكرة، المريض يشفى بعد بذل السبب في الذهاب وطلب التداوي، المسافر لا يصل إلى مكانه إلا لما يركب وسيلة السفر، وهكذا، فإذاً لابد من بذل السبب ويمشى الأمران جنبا إلى جنب كجناح طائر .
فلا نقول نحن متوكلون وننام في بيوتنا ونريد الرزق يأتينا ونريد الشفاء يأتينا ونريد السعادة تأتينا، ولا نريد أي منغص من منغصات الحياة، أو نعتمد على السبب كله كما هو في حال كثير من الناس ضعاف الإيمان أو بعض الجهال، فمثلاً يأتي للطبيب ويقول: والله احرص يا دكتور، كأن الدكتور لا يحرص إلا لازم توصيه، الدكتور هذه مهنته، هذا عمله، فيقول لا تكشف يا دكتور ويذهب ليأتي بواسطة وشفاعة من أجل أن يحرص الدكتور ويزيد كأنه إذا زاد نوع من العلاج، يعني هذا ساعد في الشفاء .
لنبذل السبب في معقول مع قوة الاعتماد على الله - سبحانه وتعالى – هكذا نتعامل مع القدر. |
|
عبدُاللهالمدير العام
المهنة :
الجنس :
علم الدوله :
تاريخ التسجيل : 25/05/2009
عدد المساهمات : 7709
| #2موضوع: رد: الحديث الرابع للدورة : الخلق والأجل والرزق الإثنين فبراير 28, 2011 4:46 pm | |
| الحديث الرابع للدورة : الخلق والأجل والرزق هل لهما ترتيب معين السبب أو التوكل ؟
لا، نحن قلنا هما جنباً إلى جنب، أنا أبذل السبب وفى نفس الوقت أتوكل على الله، كما قال صاحب الإبل، جاء ليصلى، قال: يا رسول الله أتوكل على الله وأتركها، قال رسول الله ( اعقلها وتوكل ) في الحال، وأنت ذاهب للاستشفاء في المستشفى، أو أنت ذاهب إلى طلب الرزق أنت تعلم أنه لن يحصل إلا ما قدره الله - عزّ وجلّ – فتعتمد عليه، لكن لابد من بذل السبب؛ لأن كما ذكرت أوجد الله - سبحانه وتعالى – في هذا الكون تناسق بين الكون وبين الإنسان، تناسق بين الأسباب وبين مسبباتها، يعني أشبه بقضايا مترتبة بعضها على بعض، لو كان هذا الكون لا يمشي بسنن، ولا الأسباب ولا المسببات، لمشت لرسول الله - صلى الله عليه وسلم – .
الله - سبحانه وتعالى – قادر على أن يجعل النبي – صلى الله عليه وسلم – ينتصر في يوم وليلة، كما أوجد معجزة الإسراء والمعراج في ليلة قادر على أن يوجد معجزة الهجرة من مكة إلى المدينة بثواني .
لكن الله - سبحانه وتعالى – أراد أن يعلم الناس السبب، في قصة موسى وهارون مع فرعون، الله - سبحانه وتعالى – أمرهم وقال ﴿ اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى ﴾[طـه:43] ثم قال لما خاف من فرعون قال له الله - سبحانه وتعالى – ﴿ إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى ﴿46﴾﴾ [ طه:46] ﴿ فَقُولا لَهُ قَوْلاً لَيِّناً لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى ﴾[طـه:44] .
مع سابق علم الله بأن فرعون لن يتذكر ولن يخشى، فنلاحظ في إرسال الله - سبحانه وتعالى – لموسى وهارون الأمرين، الأمر الأول التوكل على الله ﴿ إِنَّنِي مَعَكُمَا ﴾ فهما متوكلان على الله - عزّ وجلّ – ثم ﴿ اذْهَبَا ﴾ السبب ﴿ اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ ﴾ ﴿ فَقُولا لَهُ قَوْلاً لَيِّناً ﴾ إذاً هذا القول المنهج في بذل السبب، فلابد من الأمرين، التوكل على الله الاعتماد على الله، اللجوء إلى الله، مع بذل السبب الشرعي الممكن الذي في مقدرة الإنسان .
هذه الوحدة الثانية وحدة القدر، عرفنا فيها أن التقدير فيه تقدير عام وهو في اللوح المحفوظ، قبل خلق الكون قبل خلق الناس كلهم في تقدير خاص للإنسان في بطن أمه، فيه تقدير للسنة في ليلة القدر في كل يوم من أيام هذا الزمن .
ثم بعد ذلك عرفنا موقف من هذا القدر أنه يأمل، وأن هذا العمل مندرج تحت اختيار الإنسان وأنه ينبغي أن لا يجعل القدر حجة ويتعامل بتوكل على الله - عزّ وجلّ – وبذل السبب .
هناك مقولة ما أدري أهي حديث أو أثر ما أعلم، وهي لا يرد القدر إلا الدعاء
هذا هو حديث، وهو حديث صحيح وهل يتعارض مع القدر .
هو اختصاراً للإجابة، أما ذكر النبي – صلى الله عليه وسلم – ذلك لبيان أهمية الدعاء، وهل يتعارض مع ما قضاه الله وقدره؟ ذكر أهل العلم عدة أجوبة لهذا الأمر :
منها أن القدر الذي يعلمه الله - سبحانه وتعالى – وكتب في اللوح المحفوظ هذا لا يرد ولكن هذا في علم الملك، فيخبر الملك بأن فلان يقضى عليه بكذا فلما دعا قضي عليه بكذا، هذا التدرج أو هذا التقلب هو في علم الله - سبحانه وتعالى – وفى قضاء الله - سبحانه وتعالى – وهذا أقرب ما يكون .
فكلا الأمور في قدر الله، يعني أن الله قدر أن الإنسان قدر عليه كذا، ثم قدر أن هذا الإنسان يدعو، ثم قدر أنه يرد عنه يعني هذا القضاء وهذا أقرب ما قاله أهل العلم في هذا الباب .
ورد عن قصة عمر بن الخطاب أنه كان يقول اللهم إن كنت كتبتني من السعداء فثبتني منهم، وإن كنت كتبتني من الأشقياء فامحني منهم فإنك تكتب وتمحي ما تشاء وعندك أم الكتاب، هل هذا صحيح أن الدعاء يرد القدر ؟
هذا الأثر ما أعرفه ولا أظنه، إلا إذا كان كما ذكر أهل العلم بأن قضاء الله قدر، وبقضاء الله دعا، وبقضاء الله غير القدر.
إذاً ننتقل إلى الوحدة الثالثة:
وحدة العواقب والنتائج
بيّن النبي – صلى الله عليه وسلم – في هذا الحديث أن الأعمال بالخواتيم، وأن الثمرة بالخواتيم .
وبناء على ذلك في علم الحديث، وفى الوقت نفسه هو علم نبوي كريم، نستنبطه من حياة النبي – صلى الله عليه وسلم – ونستنبطه من القرآن الكريم، هذا يشتمل على عدة أمور :
الأمر الأول : تحديد الهدف، فإذا حددت الهدف في حياتي استطعت أن أعمل له، فالنبي - صلى الله عليه وسلم – يعلمنا هنا أن المسلم في هذه الحياة يجب أن يتنبه للنتيجة، للهدف الذي يريد السعي؛ ولذلك قال ( وإن أحدكم ليعمل بعمل أهل الجنة، حتى ما يكون بينه وبينها ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل النار فيدخلها ) .
فلذلك إذاً من هنا نتنبه إلى ضرورة النتيجة، ضرورة النتيجة تحتم علينا ضرورة رسم الهدف في هذه الحياة، سواء الهدف الأخير الذي هو رضا الله - عزّ وجلّ – ودخول الجنة، أو داخل المرحلية في حياة الإنسان .
أنا هدفي أن أدخل الجامعة بتخصص كذا أتخرج لأكون كذا .
إذاً هذا يتطلب مني السعي الجاد لكي ماذا؟ أحقق هذا الهدف، فإذا حققته رسمت الهدف الذي بعده، وكله مندرج تحت السعي إلى الهدف الأخير، وهو دخول الجنة والخروج من هذه الدنيا بصفحة نقية، هذا الأمر الأول.
إذاً الأمر الأول النظر للعواقب، والنتائج وهذا النظر للعواقب يجعلني أرسم أهداف حياتي الهدف الكبير، هو رضا الله - سبحانه وتعالى – ودخولي الجنة، كما قال الله - سبحانه وتعالى – ﴿ وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ ﴾ ماذا ؟ ﴿ الدَّارَ الْآخِرَةَ ﴾ إذاً هذا الهدف الأخير ﴿ وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا ﴾ [ القصص:77]هذه أهداف مرحلية أحققها في حياتي كالتاجر مثلاً يرسم أن يريد من هذه الصفقة كذا فإذا حققها انتقل إلى الصفقة الثانية .
المهندس كذلك، الأم في تربيتها لأطفالها كذلك، المعلم كذلك، الإدارة في إدارتها أي إدارة وهكذا .
وبناء على ذلك المسلم لابد من رسم الهدف .
الأمر الثاني: الأعمال بالخواتيم وحسن العواقب والنتائج، يجعلني أتنبه إلى إتقان العمل، وعدم إتقان العمل يجعلني لا أصل إلى النتيجة المطلوبة، فالطالب الذي يتكاسل سيرسب، وبدل أن يحقق هدفه للخروج من الجامعة بأربع سنوات سيحققها بست سنوات وثمان سنوات .
إذاً هنا عرقلة، السبب عدم إتقان العمل، والرسول - صلى الله عليه وسلم – قال ( إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملا أن يتقنه ) فمنهج المسلم منهج جاد في عمله مهما كان سيؤديه بشيء من الإتقان .
الأمر الثالث: في العواقب الاهتمام بحسن الخاتمة، والحذر من سوء الخاتمة وهذا واضح في الحديث ( فيسبق عليه الكتاب ) .
فإذًا دائماً يسعى لأمرين: لتحقيق حسن الخاتمة، وتحاشي سوء الخاتمة، وهو كل ما كان عمل الإنسان صالحاً أدى بإذن الله إلى حسن الخاتمة، وكلما ابتعد عن الأعمال السيئة في حياته تحاشى سوء الخاتمة .
ثم لا يتكل على هذا العمل بل يكثر من الدعاء، بسؤال الله حسن الخاتمة والثبات على هذا الدين، فرسول الله - صلى الله عليه وسلم – كان يكثر في دعائه ( يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك ) .
النقطة الثالثة والرابعة: في وحدة العاقبة والنتائج سعي الإنسان هنا في هذه الحياة بين الخوف والرجاء، إذاً أنت ترجو حسن الخاتمة وما بعدها، أيضاً عليك الخوف من سوء الخاتمة فالإنسان كما ذكر الإمام ابن القيم رحمه الله في هذه الحياة يعيش في هذه الدنيا كالطائر له رأس وله جناحان، أما الرأس فهو محبة الله - عزّ وجلّ – والجناحان الرجاء والخوف .
هو يعمل حتى يحقق الرجاء فيرجو الثواب، يصلى يرجو الثواب لكن في الوقت نفسه يخشى العقاب، يخشى عدم قبول هذا العمل أو هذه الصلاة، فيعيش كجناحي طائر في هذه الدنيا بين الرجاء وبين الخوف، ولذلك جاءت نصوص الشريعة كثيرة في القرآن وفي السنة وفي جميع ما وردنا عن النبي – صلى الله عليه وسلم – وحياً أيا كان بين الترغيب والترهيب، بين الرجاء وبين الخوف .
باقي لنا الوحدة الرابعة والأخيرة في هذا الحديث من أجل أن نفتح باب الأسئلة للجميع وهي المسائل التربوية التي ينميها هذا الحديث في نفس المتلقي ونفس الإنسان منها، من هذه المسائل التربوية تفيد المسلم في حياته كلها، كثرة الشعور بعظمة الله - جلّ وعلا – إذا علم الإنسان قدرة الله - سبحانه وتعالى – بأن خلق الإنسان بهذه الأطوار لا شك أن هذا خلق عظيم، فهذا يربي في المسلم تعظيم الله - سبحانه وتعالى – ومن ثم تعظيم شعائره - جلّ وعلا - .
القضية التربوية الثانية وهي تعطي الإنسان دفعة قوية لأعماله: هي الراحة النفسية والطمأنينة القلبية في مسألة الرزق .
فكما قلنا في وحدة القضاء والقدر: أن الإنسان يعمل متوكلاً على الله ويبذل السبب حينئذ يطمئن، الباقي على الله - سبحانه وتعالى – أنا أعلم أن رزقي مكتوب عند الله، لمَ الحرص الزائد يصل إلى درجة الارتعاش، إلى درجة عدم النوم وهو القلق والأرق؟ هذا الحرص الشديد الذي يورث في الإنسان هذه القضية المؤرقة له في نومه وفى حياته، لن تغني عنه شيئاً لم يستفد، الرزق مكتوب مقدر، فأنت إذا بذلت السبب ولم يأتك هذا الرزق المتوقع، إذاً لم يقدره الله لك فأنت بذلت ما عليك، اطمأن ارتاح فرزقك سيأتي، فلا يعني هذا أنك تنام ؟ وتكبر الوسادة والمخدة ؟ لا ، اعمل السبب، واطمأن على رزقك أنه سيأتي .
النقطة الثالثة: يربي هذا الحديث في الإنسان الشجاعة القلبية في مواجهة مكابد الحياة ومشقتها ومصائبها، هذه الحياة من سنة الله - جلّ جلاله – أنه خلق الإنسان في كبد، حتى في بطن أمه أنه لا يستقر في كبد، والكبد حاصل، حتى لو قيل لك اجلس في هذا المكان المريح، وجميع وسائل الراحة موجودة ونم فقط، كبد، ولو نمت ساعتين وثلاثة وأربع على الجنب الأيمن، يعني حاولت أن تنقلب إلى الجانب الأيسر .
هذه الحياة بنيت على كبد، إذا كانت كذلك فهذا الحديث الذي بين فيه النبي – صلى الله عليه وسلم – أنه كتب الرزق والأجل والعمر، كتب لك، إذاً واجه الحياة وهذا المكان محض شجاعة وقوة لا تستسلم لها .
فلذلك يربي هذا الحديث في نفسية المسلم القوة والشجاعة، تجاه أعماله، فأجله مكتوب عن طريق حادث، وهو ينام في فراشه، عن طريق مرض هو آت .
إذاً استغل وقتك فعمرك محدود، واجه القضايا بقوة بشجاعة بعمل جبار لتنتج وترى ثمرة ذلك عند الله - سبحانه وتعالى – .
أيضاً القضية الرابعة في هذه الوحدة: هو أن هذا الحديث يعالج بعض الطغيان والكبر الموجود في نفسية بعض الناس، أنت من أنت؟ أنت أصلك ماء، خرج من أمك وأبيك، ثم قطعة دم، ثم قطعة لحم، إلى أن تكبرت ورأيت الناس بعين صغيرة، وتريدهم أن ينظروا إليك، لا اعتبر نفسك في مكان شاهق مرتفع تنظر إلى الناس صغاراً، فهكذا الناس يرونك صغيرا، تعرف ما قدرك؟ من أنت؟ لتتواضع وتعالج هذا الكبر والغرور والتعالي الذي ينفخ فيه الشيطان في نفسك، فأنت نطفة، ثم علقة، ثم مضغة، ثم كنت هكذا، وسترجع إلى التراب وأن تبقى رمادًا.
القضية الأخير في هذه الوحدة: بيان ما تكابده الأم، فلذلك يجب أن يعرف الإنسان قدر أمه، وأنها بذلت له الشيء الكثير جداً في هذا الحمل وتلقته يعني تسعة أشهر مدة طويلة وهي تكابد وتعاني وتتحمل المشاق، والآلام والمتاعب، والمصاعب،فاعرف قدرها وأدِ لها بعض حقوقها.
يتحدثون على أن هناك من العلوم الطبية ما كشف -كعلم الأحياء- أن المراحل تكتمل في أربعين يوم
الأخت أوردت حديثين يدلان على أن الملك يحدد نوع الجنين بعد أربعين يوماً أحدهما حديث مسلم حذيفة بن أسيد يبلغ به النبي – صلى الله عليه وسلم – قال ( يدخل ملك على النطفة بعدما تستقر في الرحم بأربعين أو خمسة وأربعين ليلة ، فيقول يا رب أشقي أو سعيد ؟ فيكتبان فيقول أي رب أذكر أو أنثى؟ فيكتبان، ويكتب عمله وأثره وأجله ورزقه ثم تطوى الصحف فلا يزاد فيها ولا ينقص ) .
والحديث الآخر حديث ابن مسعود أن عمرو بن واثلة أنه سمع عبد الله بن مسعود يقول: الشقي من شقي في بطن أمه، والسعيد من وعظ بغيره، فأتى رجلاً من أصحاب رسول الله يقال له حذيفة بن أسيد الغفاري فحدثه بذلك من قول ابن مسعود فقال، وكيف يشقى رجل بغير عمل ؟ فقال له الرجل: أتعجب من ذلك؟ فإني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم – يقول: (إذا مر بالنطفة ثنتان وأربعين ليلة بعث الله إليها ملكاً فصورها وخلق سمعها وبصرها وجلدها ولحمها وعظامها ثم قال ) إلى آخر الحديث
وهذه أيضاً تقول درست علم الأحياء بفضل الله وأجزم لكم بأن المراجل تكتمل في أربعين يوماً
كيف نجمع بين هذا وبين تتابع المراحل في مائة وعشرين يوما ؟
أما اكتمالها في أربعين يوم أو في مائة وعشرين يوم، نحن عندنا ظاهر الحديث من الناحية الشرعية، أما الناحية الطبية وجزم الأخت، فهذا نحيلها على الاستشاريين في الطب الحديث وأستبعد بل يستحيل التعارض بين ما ذكره النبي – صلى الله عليه وسلم – هنا وبين ما يمكن أن يكتشف في الطب .
أما قولنا في مسألة الذكورة والأنوثة وأنها لا تكتشف، نقول لا مانع من اكتشافها بعد مائة وعشرين يوم، لكن هل تكتشف قبل أو لا ؟ هذا محل نظر .
فلذلك نحن نثبت أنه يمكن اكتشافه ولا يتعارض، نحن أوردنا أنه لا يتعارض مع ما ذكر الله - سبحانه وتعالى – أنه لا يعلم ما في الأرحام إلا هو .
أما قضية الحديث الذي ذكر الحديث الطويل وأنه يكتب في أربعين يوم هذه من القضايا الخلافية الدقيقة، ولذلك لا ندخل فيها؛ لأن الوقت لا يسعفنا، لكن هذا الحديث لا شك أنه أصح من الحديث الذي ذكرته الأخت.
يعني لا يمنع هذا الحديث الذي هو معنا اليوم في الشرح، أن يكتشف قبل مائة وعشرين يومًا ؟
نحن نقول من مائة وعشرين فصاعداً يمكن أن يكتشف، لكن ما قبلهم إلى الآن نقول لا يكتشف، هذا من خلال ظاهر الحديث، قد مستقبلا يعني الطب مثلاً يوصله الله - سبحانه وتعالى – إلى أن يكتشف نقول هذا علم الغيب .
يحتمل أن يكتشف ؟
يحتمل أن يكتشف .
السلام عليكم، كيف نوفق بين حديث الرسول – صلى الله عليه وسلم – ( إذا غلب ماء الرجل ماء المرأة كان المولود ذكراً، وإذا غلب ماء المرأة ماء الرجل كان المولود أنثى ) وبين قوله تعالى أنه خلق الزوجين ذكر وأنثى من نطقة إذا تمنى، وأن الأطباء قالوا الذي يحدد جنس المولود هو الحيوان المنوي الذي يقذفه الرجل في المبيض، والحيوان المنوي هذا يحمل الكرومسوم "y"، وكرومسوم "x"، والمبيض هذا يحمل البيوضة التي تحمل كرومسوم "x" فقط، فإذا تم اتحاد كرومسوم "y" الذي هو كرومسوم الذكورة مع الكرومسوم "x" الذي هو في المبيض كان المولود ذكراً، وإذا تم اتحاد الكرومسوم "x" من الذكر من "x" من الأنثى كان المولود أنثى, فكيف نوفق بين كلام الأطباء وقوله تعالى وقول الرسول – صلى الله عليه وسلم – ؟
حسب علمي أنا لست طبيباً ولا أقرأ في هذه القضية الدقيقة، الذي أعلمه مما ذكره أهل العلم في قضية غلبت ماء الرجل على ماء المرأة وماء المرأة على ماء الرجل، هذا بالنسبة للشبه، الذي يخرج شبه أمه أو شبه أبيه .
وتبقى قضية عامة لا يمنع من التفصيل فيها، فالقضايا الشرعية في الأمور العلمية التى تسمى الأمور العلمية التطبيقية سواء في هذا الباب أو في غيره، يعني لا نعطي فيها الجزم الدقيق لتفسير نص، ولا نعطي الجزم الدقيق لنظرية تخرج .
فالنظريات التي يراها الأخوة هنا في البريد أو ذكرها الأخ، تبقى أيضاً قابلة للتطور، فلا نجزم بها، أنا لا أدخل مثلما ذكرت في التفصيلات الطبية، وهذه لا أعلمها مطلقاً .
لكن الذي ذكره أهل العلم في هذا الباب وتبقى قضايا تفصيلية لا ينبني عليها عمل كبير؛ لأن الذي نؤكده أنه تبقى نظريات.
كم وكم الطب قال إن من خلال حتى في الشهر السادس والشهر السابع والأجهزة الدقيقة أن هذا المولود ذكر فيخرج أنثى، وكم قالوا أنه أنثى ويخرج ذكر، أنا أعلم ما حالة أو حالتين أو ثلاثة أو خمسة أو عشر حالات كثيرة، ومعنا الدكتور نطلب منه التعليق على هذه القضية، ولكن الذي أجزم به أن النصوص الشرعية تبقى نصوص عامة قابلة للتفسير أو لعدد من التفسيرات فلا تتعارض مع ما يجد من حقائق علمية، وما وجد من نظريات علمية هي قابلة أيضاً للتطور والتغير فلا نجزم بها أو تظهر لنا فنجعلها معارضة للنص .
قال الدكتور بالنسبة لجزئية معرفة نوع الجنين تواجهنا حتى، يعني السائل أو السائلة لماذا لا يرون الحالات الغريبة، يعني نحن نرى في الرحم طفل واحد ونأتي ساعة الولادة ويرى هذا بالأشعة التلفزيونية وتأتي ساعة الولادة فإذا به توأم وكان التوأم لا يرى من هذا الجهاز، يعني أكثر من معرفة جنسه.
يعني بعض الطبيبات المسلمات الآن أصبحن من كثرة ما يخالف جنس المولود لما يروه في أجهزتهن، أصبحن لا يذكروا هذا الجنس حتى يروه بأعينهم، الذي يحدث ونراه كل يوم أن العلم نعم تطور ولكن في كثير من الأحيان نجد أن قدرة الله - عزّ وجلّ – تعلو فوق هذا العلم.
هذا من الناحية العلمية أيضاً يمكن معرفة، لا نقول معرفة نقول ترجيح نوع الجنين قبل هذا بتحاليل معينة، ولكن من أنه يرجح لا نجزم لأن في هذا الأمر حتى إن رأينا بأعيننا، فنجد الجنس مخالف باستمرار وأعلنوا ذلك أطباء النساء والتوليد
القاعدة في هذا أننا نؤمن بالقضية الشرعية إيمان قاطع، إيمان يعني حقيقة، لكن قد لا نفسرها بتفسير واحد، وهذه ناحية مهمة، فنجزم بها فلما تأتينا نظرية علمية نقول، تعارضت مع الحقيقة الشرعية هذا واحد .
الناحية الثانية أن ما جزم به حقيقة طبية مثلاً أو نحو ذلك لا تصل لمستوى الحقيقة في مثل هذه الأمور وإنما تبقى نظرية قابلة أيضاً للتطور وقابلة لكونها صح وكونها خطأ .
السلام عليكم، في الحديث الحلف للرسول - صلى الله عليه وسلم – ( فوالله الذي لا إله غيره، هل هذا يدل على أهمية ما ورد في الحديث ؟
يقول هل القسم الوارد في الحديث من قول النبي – صلى الله عليه وسلم – أم من قول الصحابي ؟
قضية القسم والحلف نعم هذا من النبي – صلى الله عليه وسلم –دائماً الأساليب لها دلالاتها في بيان أهمية الأمر، ومن ذلك القسم لما يقسم الإنسان وهو لم يطلب منه يدل على أهمية هذا الأمر، والنبي - صلى الله عليه وسلم – تكلم عن أمر غيبي وهذا يدل على أهميته .
السلام عليكم، قول الرسول – صلى الله عليه وسلم – ( إن أحدكم ليعمل بعمل أهل الجنة ) الحديث، هل هذا ينطبق على مع ما صدق مع الله بظاهره وباطنه أو المنافق، السؤال الثاني : في أول حلقة ذكرت يا شيخ، تعريف السنة عند أهل الأصول وعند أهل الفقه وعلم العقيدة، فما وجه إطلاق لفظ السنة على علم العقيدة ؟
أولاً يعني أحسنت للتنبيه وأن الإنسان إذا عمل صالحاً وسأل الله - سبحانه وتعالى – السبب فرحمة الله أوسع من أن يسبق عليه الكتاب فيدخل النار، ولكن هذا فيمن ذكر بعض أهل العلم أنه إما أن يكون منافقاً أو يكون لا يبالي أو نحو ذلك أو أن ظاهر عمله كذلك، لكن نيته مخالفة.
أما قضية السنة عند علماء العقيدة فلا نقول نطلق العقيدة على السنة، إنما نقول السنة عند علماء الاعتقاد تعني ما دل عليه الدليل الشرعي .
السلام عليكم، حديث عمر - رضي الله عنه – الذي يذكره الإمام الطحاوي الذي يقول فيه ( إني لا أحمل هم الإجابة، ولكني أحمل هم الدعاء، فإذا أوتيت الدعاء فإن الإجابة معه) يعني حركة الدعاء في قلب الإنسان، فمن هذا الحديث نخلص بأن الدعاء هو من قدر الله كما جاء في حديث النبي – صلى الله عليه وسلم – في الرقى لما سألوه أرأيت رقى نسترقي بها قال ( هي من قدر الله ) وقد ذكرت من قبل أن الدعاء يرد القضاء، فهذا من هذا .
المداخلة الثانية هي الموقف من القدر والذي نريد أن ننبه عنه وهو قول عطاء - رضي الله عنه – قوله أن تعلم أن الله اختار لك الأفضل
مداخلة الأخ وفقه الله مداخلة جيدة ويشكر عليها وهي في قضية التنبيه على أهمية الدعاء، والدعاء لا شك في أهميته وأنه مقتضى من مقتضيات عقيدة المسلم بأن يتربط بالله - عزّ وجلّ – والإنسان عليه الدعاء أما الإجابة فعلى الله - سبحانه وتعالى – ليست على الإنسان ولذلك قال عمر : أنا لا أحمل هم الإجابة وإنما أحمل هم الدعاء، والله - سبحانه وتعالى – لم يطلب منا إلا الإجابة، ولكن لم يطلب منا إلا الدعاء والإجابة عليه - سبحانه وتعالى – هو الذي تكفل بها ﴿ وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ ﴾[البقرة:186] فلنلجأ إلى الله - عزّ وجلّ – .
تسأل ما الحكم إذا تم إسقاط الجنين بعد مائة وعشرين يوم ؟
قلنا هذا إنه لا يجوز إسقاط الجنين بعد مائة وعشرين يوم ويرتكب صاحبه إثماً عظيماً، لماذا ؟ لأنه نفخ فيه الروح، أما قضية التفصيلات إذا كان فيه ضرر أو ليس فيه ضرر هذه تعطى كل حادثة بعينها.
المسئول أو الفقية الموجود في هذا المكان يعني يقدر هذه الحالة إذا رأى مجموعة من الأطباء ضرورة إجهاض هذا الجنين .
تقول هل نفهم من الحديث هذا أن له علاقة بحديث ( إنما الأعمال بالنيات ) ؟
بلا شك، وأظن أشرت هنا أثناء الكلام إشارة سريعة أن الإنسان عليه العمل مع حسن النية وهذا عامل من عوامل ثبات الإنسان على منهج الله - سبحانه وتعالى – لكي يصل بإذن الله إلى الآخرة بسلام .
تسأل وتقول السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، هل من الممكن أن نقول بأن المراد بقوله تعالى ﴿ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ ﴾[لقمان: 34] هي ما ورد من الكلمات الأربع في هذا الحديث؟
لا أعرف أحد قال بهذا، لكن ربما أحد قال بهذا .
هل يجوز لنا أن نحكم بسوء الخاتمة أو بحسن الخاتمة ؟
أحسنت سؤال مهم، نحن البشر لا نحكم لإنسان بحسن خاتمة ولا بسوء خاتمة، ولكن نعامله حسب ما ظهر من حاله، فإذا مات الإنسان وهو مسلم ومجتمع مسلم وقال لا إله إلا الله فهذا نعامله معاملة المسلمين، نحن نعلم أن الموحد أياً كان يدخل الجنة، ولو كان عاصيا، لكن إن شاء الله - سبحانه وتعالى – عذبه بقدر معصيته، وإن شاء غفر له، لكن لا نحكم له بذلك، نحن نعامله في الظاهر فيما ظهر من حاله في الدنيا، فيعامل معاملة المسلمين .
أما إنسان إذا مات على معصية حتى المسلم ولو مات على معصية سيعامل معاملة المسلمين ولا نقول ختم له بخاتمة سيئة .
لكن المحسن يقال يرجى يعني ثواب الله له، ويرجى الخير له، والمسيء في حياته يخشى عليه من العقاب، هكذا نتعامل معه .
بعض الأمور نرى إنسان يتشهد مثلاً و قام بعض الأمور كالتدخين ومثله
نقول يرجى له الخير، مات على لا إله إلا الله فيرجى له الخير، مات موحداً نقول يرجى له الخير، مات مصلياً يرجى له الخير.
هذا لا نحكم له ولا عليه، هذا لله - سبحانه وتعالى – لكن نعامله أولاً في الدنيا أو عند موته معاملة المسلمين بحيث إنه يغسل ويصلى عليه ويدعى له بالرحمة والمغفرة، يعني سواء رأيناً شيئاً من العلامات أو لم نرَ.
كذلك حتى ولو مات عاصياًَ، قد يموت بعض الناس على معصية من المعاصي؛ فالناس تتشاءم من حاله، هذا لا يجوز فالله - سبحانه وتعالى – يعفو عن السيئات، ويتجاوز عن المسيء وأنت لا تدري، ربما يكون له عمل يشفع له عند الله - سبحانه وتعالى – ويتقدم على كثير ممن ظاهرهم الصلاح، لكن لو ظهر منه عمل كفري عمل شرك بأن نعرف يقيناً بأنه لا يصلى، هذا لا نصلى عليه ولا يدفن في مقابر المسلمين، لكن قد لا نعلم حاله، هذا يعامل معاملة المسلمين الذي يحاسبه هو الله - سبحانه وتعالى – .
يقول ما الفرق بين القدر الكوني، والقدر الشرعي ؟
نحن أولاً لم ندخل في تفصيلات القدر، يعني مع الفرق والمذاهب؛ لأنها ليست موضوع الحديث، ثم أيضاً قد تربك كثير من السامعين .
القدر الكوني والقدر الشرعي الفرق بينهما أن الأقدار الكونية ثابتة، الأقدار الكونية أشبه بالأشياء الخبرية، يعني القدر أن يكون مطرا، هذا قدر كوني، قدر أن هذه الشمس شمس، هذا قدر كوني، من هذا النوع، القمر كذلك، السماء كذلك، الجبال كذلك الرياح، هذه أقدار كونية أما القدر الشرعي فهو الأمر والنهي، يعني الله - سبحانه وتعالى – قدر أن يصلي الإنسان هذا أمر أن يصلي، قدر الله - سبحانه وتعالى – تحريم شرب الخمر، فهذا قدر شرعي لا يجوز شرب الخمر، الفرق بين القدر الكوني أن القدر الكوني حاصل مائة في المائة، يعني يقدر أن يكون مطرا، أن يكون صيفا، أو يكون شتاء، هذا حاصل مائة في المائة .
أما القدر الشرعي فقد يكون وقد لا يكون، ليس قدر الله هو الذي قد يكون وقد لا يكون هو الأمر قد ينفذه الشخص أوقد لا ينفذ، فهذا الفارق .
الفارق الثاني ربما يشتبه على بعض الناس أن المسألة في الإرادة الكونية والإرادة الشرعية.
الإرادة الكونية: الله أراد أن يخلق قمراً هذا القمر خلقه، مطر، سماء، أرض .
أما الإرادة الشرعية: هو يريد الشيء ولا يلزم أن يحبه أو يرضاه، مثلاً أراد الله أن يشرب فلاناً خمرا، هل يحب الله الخمر ؟ لا، وهو أرادها لفلان، لكن هذا مقتضى العدل والحكمة في هذا الكون.
إذاً الخلاصة أن القدر الكوني قدر تام يعني أن الأقدار الكونية تامة مائة في المائة.
الشرعي أمر ونهي قد يفعله العبد وقد لا يفعله العبد .
ما ضابط أن يعمل الإنسان بعمل أهل النار فيسبق عليه القدر فيعمل بعمل أهل الجنة، والعكس كذلك ؟
كيف يتقي ما يسمى بالانقلاب القدري، إذا صحت التسمية والله المستعان ؟
السلام عليكم، هل الأطباء يختلفون في تحديد هل هو ذكر أو أنثى في الرحم وهل له دخل في علم الغيب ؟
مسألة القدر تحدثنا عنها أن الطب يعني أن الله - سبحانه وتعالى – أقدر الإنسان أن يعلم عن بعض الأشياء من خلال التجارب التي يجريها، والخبرات التي يعملها ويستفيد اللاحق من السابق فقد يعلمون .
لكن مثل ما أشير أثناء الكلام أن هذا العلم قد يتغير في الحقيقة وقد يتطور ولا يتعارض هذا مع قضية الغيب كما أشرنا إليها أثناء الكلام .
السلام عليكم ورحمة الله، نعلم أنه من تجاوز الحد فمصيره إلى جهنم، وذكرت حضرتك أن من وصلوا إلى درجة الطغيان والكبر والعياذ بالله وأيضاً في سياق الحديث قلت الأعمال بالخواتيم، فكيف يكون الوقوف معهم، ونحن نعلم أن الجنة لمن أطاع الله وأحب أوامره وانتهى عند نواهيه لقوله - سبحانه وتعالى – ﴿ أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ ﴾[القلم:35] فكيف يكون جزاؤهم أريد توضيح ذلك ؟
السؤال في قضية الأعمال بالخواتيم، نعم الأعمال بالخواتيم وهذا من رحمة الله - سبحانه وتعالى – بالإنسان أنه قد يطغى في حياته ثم في آخر حياته يتوب فيتوب الله - سبحانه وتعالى – عليه، وهذا كثير من الكفار الذين أسلموا مع النبي – صلى الله عليه وسلم – وماتوا بعد شهر شهرين من إسلامهم، ثلاثة هؤلاء طغوا في كفرهم، ومع ذلك ختم لهم بخاتمة حسنة ثم تابوا إلى الله وأسلموا .
سحرة فرعون لما رأوا من موسى - عليه السلام - صدقه فآمنوا بموسى وكفروا بفرعون مع أنهم طغوا من حيث السحر، والدجل والخرافة على الناس ثم تابوا وختم لهم بخاتمة حسنة، فهذا من فضل الله - سبحانه وتعالى – فالأعمال بالخواتيم .
لا يعني أن الإنسان إذا أصر على معصية أن نقول حكم عليه بالنار ويستمر عليها عليه أن يتوب والأعمال بالخواتيم أما العملية العكسية الأخرى، وهو عملاً صالحاً قال أهل العلم كما ذكرنا في أثناء الكلام هذا في ظاهر العمل، وإلا فالله - سبحانه وتعالى – يعني رحيم بعبده هذا الذي أطاعه سنين مدداً بأن يختم له بخاتمة حسنة بإذنه - جلّ وعلا -.
هذا الذي يعمل ظاهراً قد تكون نيته مختلفة كما أشرنا، قد يكون منافق، قد يكون مجامل، قد يكون عنده شكوك وشبه، لم يفصح عنها، فيأمل أنه يصلى وأنه يتعامل مع الناس المعاملة الحسنة، هذا الذي يسبق عليه الكتاب.
فذكر أهل العلم هذا في الظاهر ولذلك أمر الإنسان الزبد والثمرة ما أشرنا إليه في الشرح يرجى إليه أن العبد يصحح عمله مع نيته الحسنة، ويسأل الله - جلّ وعلا – الثبات ويمشى بين الخوف والرجاء، ويسأل الله حسن الخاتمة .
يسألان عن شرح مقولة ابن حجر الهيثمي إن خاتمة السوء تكون بسبب دسيسة باطنة للعبد لا يطلع عليها الناس ؟
هذا لا يلزم لكنه يعني ربما يكون .
يسأل عن معنى ( اعملوا فكل ميسر لما خلق له ) ؟
هذا أشرنا إليه أن على الإنسان العمل وليس عليه أن يقول مكتوب عليّ كذا أو مكتوب عليّ كذا .
فالإنسان عليه العمل ويلجأ إلى الله - سبحانه وتعالى – في أعماله هذه ويسأل الله أن تكون صحيحة، وإذا أخطأ أوزل فيسأل الله العافية لكن لا يتكل أن هذا العمل كتب عليّ، وهذا الشيء كتب عليّ ويعمل ما شاء .
موضوع الاحتجاج بالقدر ورد فيه سؤال، بعض ضعاف العقول يقول ما دامت السعادة والشقاوة قد كتبت في الأزل فما جدوى العمل إذاًَ الذي لم يغير من القدر المكتوب آنفا؟ كيف نجيب على هذه الشبه ؟
نرجع لما قلناه سابقاً من أجل ألا نكرر الكلام، يعني النبي – صلى الله عليه وسلم – سئل هذا السؤال فأجاب ( اعملوا فكل ميسر لما خلق له ) فسرنا هذا أو ذكرت شيئاً من التفصيل لهذا أن الإنسان في حياته العادية، له اختيار أو ليس له اختيار ؟ له اختيار، فإذا ما دام أن له اختيار فلما يجعل الاختيار من أمور الدنيا ولا يجعله من اختيار الآخرة ؟
لما يعطله في أمور الآخرة، وهو يختار ؟ نقول له أنت عاقل أم مجنون ماذا يقول ؟ عاقل، هل يرضى أن نقول إنه مجنون ؟ لا، إذاً إذا كنت عاقل لك اختيار في بعض الأمور أو ليس لك اختيار ؟ له اختيار
لماذا يكون هذا الاختيار في الأمور الحسية ولا يكون في الأمور المعنوية، هكذا يجيب الأخ على من يحتجون بالقدر .
تقول الاعتماد على ماء زمزم بموجب الدعاء أنه شفاء وترك العمل بالسبب ؟
لا نقول الاعتماد على ماء زمزم، ماء زمزم هو سبب من الأسباب، فماء زمزم كما ورد في الحديث أنه ( طعام طعم ) وفى صحيح مسلم وفى السنن ( أنه طعام طعم وشفاء سقم ) وأنه لما شرب له في إسناد حسن فهو سبب من الأسباب ولا يعتمد عليه إنما يعتمد على الله - سبحانه وتعالى – .
هل ممكن أن يقال أن من غلب عليه الكتاب بعمل أهل النار فدخلها، أو قد يكون هكذا أن في قلبه بذرة من النفاق ؟
نحن قلنا هذا ربما يكون، وربما يكون في ظاهر العمل، وربما يكون عنده تردد إشكالات، شبه قوية منعته من العمل .
تقول قلتم يا شيخ فساد الزمان عندما تلد الأمة ربتها، فهل يفسد الزمان هل يجوز أن يطلق فسد الزمان ؟
فسد حال الناس في زمان معين، فيغلب الفساد، لكن الزمان لا يفسد، ولذلك أمرنا ألا نسب الدهر .
فنعيب زماننا والعيب فينا وليس لزماننا عيب سوانا
فالمقصود عيب الناس في الزمان، فشكراً لها للتصحيح .
وتسأل هل يجوز أن نقول أن أول المخلوقات القلم، مع أن الله - عزّ وجلّ – كان ولم يكن شيء ؟
هذا جاء في النص، أول ما خلق الله القلم، فقال له اكتب .
إذا كان الشخص بعكس ماتكلمنا الذي تحدثنا عنه نقول إن لكل شيء سببا، لا يؤمن بالقضاء والقدر، كيف يكون الرد عليه ؟
نرد عليه هل هذا السبب أدى إلى نتيجة، كل سبب يؤدي إلى نتيجته ؟ لا ، وهذا دليل في قضاء وفى قدر ولو كان كل شيء هو السبب لجاءت حتمية .
يعني تكون النتيجة مائة في المائة ؟ لا يكون، يعني يذاكر الطالب ولا ينجح، هذا بذل السبب، لكن هناك قدر الله - سبحانه وتعالى – .
يسأل ما صحة الحديث الذي يذكر أن صلة الرحم تطيل العمر، وكيف نوفق بينه وبين العمر المكتوب ؟
هذا الحديث صحيح، ونحيله على الحلقة القادمة لبرنامج حياة السعداء .
السلام عليكم، حديث النبي – صلى الله عليه وسلم – الذي يعمل بعمل أهل الجنة حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل النار فيدخلها، هذه الرواية قيدها أهل العلم برواية أخرى عن النبي – صلى الله عليه وسلم – وصححها كثير من الحفاظ وهذه الرواية هي ( ليعمل بعمل أهل الجنة فيما يبدو للناس ) وهذه الرواية صحيحة يعني ظاهر عمله أنه على الصلاح، لكن قلبه ربما يكون فيه شيء من النفاق والعياذ بالله ؟
يقول هل هذه رواية تدل على الباطن ؟
نعم هو ذكرنا الأخ الرواية مثل ما ذكر صححها بعض أهل العلم، وهي رواية صحيح ولذلك نحن ذكرنا مراراً فيما يظهر من عمله للناس وربما يكون في قلبه، لكن نحن لا نجزم فهذا الذي يجب أن نؤكد عليه أيضاً .
ردكم على من يندب حظه ويقول أنا كتبت للمعصية ؟ أو كتب علي الشقاء ؟
هذا أولاً نسأل الله لنا وله ألا يكتب علينا ولا عليه الشقاء، ومثل هذا ينبغي أن يعني سنجيب بلهجة معاصرة، هذا عنده إشكالات نفسية ويجب أن يحي روح التفاؤل، ونعيده إلى حلقة التفاؤل في برنامج حياة السعداء، ومن يحكم على نفسه بالشقاء استعجل الحكم، ويستغفر الله ويتوب إليه ويعمل والنتائج على الله - سبحانه وتعالى – والإنسان في هذه الدنيا مبتلى وربما هو يستعجل النتائج، فلا يستعجلها .
تسأل كيف تكون التوبة من سب القدر ؟
التوبة من كل شيء باللجوء إلى الله - سبحانه وتعالى – وعدم العمل السابق سواء كان قوليا أو فعليا، فيكون بالندم على ما فات وبعدم الرجوع إليه مرة أخرى، وبأن يسأل الله - سبحانه وتعالى – أن يقبل توبته .
تقول هل دعاء الأم لجنينها قبل كتابة الكلمات الأربع ينفع الجنين ؟
الدعاء لأي شيء كان إلا ما فيه اعتداء، أن يصلح لي أولادي ولمن جاء بعدهم وأن يرزقني أولاداً صالحين . |
|
المحبة لله و رسولهعضو متألق
المهنة :
الجنس :
علم الدوله :
العمر : 28
تاريخ التسجيل : 23/08/2009
عدد المساهمات : 1120
| #3موضوع: رد: الحديث الرابع للدورة : الخلق والأجل والرزق الجمعة مارس 18, 2011 6:45 pm | |
| |
|