رمضان فرصة لترك التدخين
رمضان فرصة لترك التدخين
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
فإن التدخينَ وباءٌ خطير، وشرٌ مستطيرٌ، وبلاءُ مدمرٌ.
وقد وقع في شَرَكِه فِئامٌ من الناس، وكثيرٌ مِنْ أولئك يملكون قلوباً حية، وعواطفَ للإسلامِ قوية، إلا أنهم بلوا بالتدخين.
وأكثرُ هؤلاءِ لا يكابرونَ في
ضررِ التدخين، ولا يشكُّون في أثرهِ وحرمتهِ، بل تراهم يؤمِّلونَ في تركهِ،
ويسعونَ للخلاصِ منهُ؛ فلهؤلاءِ حقٌّ على إخوانهم أن يعينوهم، ويأخذوا
بأيديهم خصوصاً في هذا الشهر الكريم.
معاشر الصائمين:
لو توجَّهنا بالسؤال إلى كلِّ مدخنٍ وقلنا له: " لماذا تدخن؟ "
لأجابوا إجاباتٍ مختلفةً؛ فَمِنْ قائلٍ: أدخن إذا ضاق
صدري؛ كي أروِّح عن نفسي، ومِنْ قائلٍ: أدخن كي أتسلى في غربتي، وبُعدي عن
أهلي، إلى قائلٍ: أدخن إذا سامرت زملائي؛ ليكتمل فرحي وأنسي، إلى قائل:
أدخنُ؛ لأتخلصَ من القلقِ، والتوترِ، والغضبِ، إلى قائل: أدخنُ مجاملةً
للرفاقِ، إلى قائلٍ: أدخنُ لفرطٍ إعجابي بفلانٍ من الناسِ، فهو يدخنُ وأنا
أتابعةُ، واعملُ على شاكلتهِ، إلى مسكينٍ يقولُ: تعلقتُ بهِ منذُ الصِّغرِ
فعزَّ عليَّ تركهُ، إلى مكابرٍ عنيدٍ يقول: أدخن لقناعتي بجدوى التدخين؛
فلا ضررَ فيه، ولا عيبَ، ولا حرمة.
هذه - تقريباً - هي الأسبابُ الحاملةُ على التدخين؛ فإذا
كانَ الأمرُ كذلك، فاسمح أيها الأخُ المدخن بالحوار معكَ مدة ًيسيرةً؛ عسى
أن نصل إلى نتيجة مُرْضِيَةٍ.
أخي الحبيب:
ألستَ مقتنعاً من حُرْمِةِ التدخين، ومن أثرهِ البالغ؟
ألا تفكر جاداً في تركهِ إلى غيرِ رجعة؟ ستقول: بلى، ولكن آملُ أن أزدادَ
قناعةً بضررِ التدخين، وإمكانيةِ تركه، ويقالُ لكَ: إليكَ ما تريد، فأعِر
سَمْعَك قليلاً، وأَصْغِِ فؤادك لما يقال:
أولاً: أيها الحبيب: تذكر
قبلَ كل شيء أنك عبدٌ لله، وأكْرِم بها من عبودية، فعبوديتُكَ لله تحررُكَ
من كلِّ شيء حتى من نفسِكَ التي بين جَنْبَيك، فتصبحُ حراً طليقاً عبداً
لربٍّ واحدٍ لا لأربابٍ متفرقين.
وإن مقتضى عبوديتك لله أن تُطيعَه فلا تعصيَه، وذلك
عنوان فلاحك وسعادتك، إذا تقررَ هذا عندك، فتذكر أن الدخانَ خبيثٌ، وأنه
تبذيرٌ وإسرافٌ، وأنه قتلٌ للنفس، وإلقاءٌ باليد إلى التهلكة، وأنه إيذاء
للمسلمين؛ فهل هذه الأمور من طاعةِ الله، أو من معصيتِه؟
ثانياً: التدخين يبعث على النفور منك، ومن مجالستك، بل والسلام عليك؛ لأن رائحتك لا تشجع على شيء من ذلك.
ثالثاً: التدخين قد يتسبب في حرمانك من نعمة الذرية؛ فهو يضعف النسل، ويضعف القدرة الجنسية، بل وربما قاد إلى العقم.
رابعاً: وإذا رزقت بأولاد فربما تعرضوا للتشويه، ونقص النمو، وزيادة العيوب الخلقية؛ فللتدخين أثرٌ بالغٌ على صحة أولاد المدخن.
خامساً: وإذا رزقت أولاداً
فلا شك أنك ترغب في صلاحهم واستقامتهم ورجولتهم، وإذا كنت مدخناً ربما
كانت النتيجةُ عكسَ ذلك؛ فربما تسببت في إغوائهم، وانحرافهم؛ لأنهم
مُوْلَعُون بمحاكاتك وتقليدك.
سادساً: التدخين قد
يَصْرِفُك عن برِّ والديك، وصلةِ أرحامك؛ لأنك تخشى عِلْمَهم بأنك تدخن؛
فلهذا تتحاشى قُربَهم، وتألفُ البعدَ عنهم؛فأي خير يرجى من عمل يتسبب في
عقوق والديك وقطيعة أرحامك؟
سابعاً: بالتدخين تساهم في خذلان أمتك،ودعم أعدائها الذين يحاربونها ليل نهار.
وبفضل جهدك قد غدوت لصانعي تلك السموم السود خَيْرَ معين
تَحْبوهم المال الذي لولاه لم يجدوا السبيل لكيد هذا الدين
ثامناً: بالتدخين تُقصِّر
عمرك، وتهدد حياتَك بالفناء؛ فمعظم وفيات العالم الصناعي إنما هي بسبب
التدخين؛ حيث يموت سنوياً في العالم بسبب التدخين وحده مليونان وخمسمائة
ألف شخص؛ فالدخان يجلب لك الموت العاجل، فضلاً عن أن سنواتِ العمرِ
الأخيرةَ تكون معاناةً من الأثر السييء للدخان.
وقد أجمعت البحوث العلمية على أن السجائر هي من كبرى المهلكات التي تصيب الإنسان بالعجز، وتهدده بالفناء.
تاسعاً: الدخان يحرمك السعادة الحقة، ويوهمك بالسعادة المزيفة؛ و إلا كيف يَسْعَدُ الإنسان وحياتُه مليئةٌ بالأسقام مهددةٌ بالأخطار.
عاشراً: التدخين يؤثر على
عقلك، ويضعف تفكيرَك، ويورثك البَلادَة، وهذا مشاهد في الطلاب وغيرهم، ولقد
أجريت تجارب لاختبار الذكاء بين طلاب المدارس فتبين بشكل واضح أن المدخنين
أقل ذكاءًا ومقدرةً على الفهمِ من غيرهم ممن لا يدخنون.
الحادي عشر: من أضرار التدخين: التدخين يعرضك للجلطة، وتصلُّب الشرايين، وموت الفجأة.
الثاني عشر: التدخين يؤذي
عينيك أيما أذى، فهو يزيد من احتمال إصابتها بالماء الأزرق، ومرض إعتام
العيون، كما أنه يؤدي إلى التهاب الجفون، وتَحسُّسِها،بل ويؤدي إلى التهاب
عَصَب الأبصار والعَمى.
الثالث عشر: التدخين يثلم مروءتَك، ويُنْقِص من قدرك، ويدل على ضعف إرادتك.
الرابع عشر: التدخينُ يثقِلُ عليك العبادةَ، ويدعوك لمخالطة الأشرار والأراذل، ويزهِّدك بالأكابر، والأخيار، والأفاضل.
الخامس عشر: التدخين يوهن قواك، ويضعف قدرتَك، ويورثك الخمول والكسل.
السادس عشر: لا يكاد عضوٌ من أعضاء المدخن يسلم من أضرار التدخين.
السابع عشر: التدخين سببٌ
رئيسٌ للسرطان بأنواعه المتعددة؛ فهو سبب لسرطان الرئة، والحنجرة، والشفة،
والبلعوم، والمريء، والبنكرياس، والمثانة، والكُلى.
الثامن عشر: التدخين يتسبب
في تسوس الأسنان، واصفرارها، واسودادها، ويتسبب في التهاب اللِّثَةِ،
وتقرُّحات الفمِ واللسانِ، وتشويهِ الشفاه، ووسخ الأسنان.
التاسع عشر: التدخين يسبب
الربوَ، وضيقَ النَّفسَ، والسعالَ، والبصاقَ، وضَعفَ كفاءةِ الرئة،وسوءَ
الهضم، وتليّفَ الكبدِ، والسكتةَ الدماغيةَ، والذبحةَ الصدريةَ، وإصابةَ
شرايينِ المخِّ بالتصلّب، ويسبب الغثيانَ، والإمساكَ المزمنَ، والصداعَ،
والأرقَ، والفشلَ الكُلويَّ،وضعفَ السمعِ، وفقدانَ حاسةِ الشم أو إضعافَها،
وضعفَ الجهاز المناعي، والاستعدادَ للإصابة بأمراض خطيرة، وزيادةَ أمراض
الحساسية، والتهاباتِ الجلدِ، وقُرْحَة المعدة، والاثني عشرَ.
العشرون: أن المدخنين -كغيرهم- عُرضَة لسائر الأمراض، ولكنها تزداد لديهم، وتتضاعف بسبب التدخين.
أيها الحبيب:
ألم تقتنع بعد؟
أليس فيما مضى ذكره عِبْرةٌ لمن كان له قلب أو ألقى
السمع وهو شهيد؟ ستقول -كعادتك- بلى، ويقال لك: متى ستقلع عن التدخين إذاً؟
ستقول: غداً، أو بعد غدٍ، أو بعد ذلك سأحاول الإقلاع عن التدخين.
إذاً لعلك لم تقتنع بما قيل سابقاً، بل ستستمر على
التدخين، ولن تقلع عنه؟ ستقول: لا، عفواً، إنني مقتنعٌ تمامَ الاقتناع بما
مضى ولكن يصعب عليّ ترك التدخين، وأخشى ألا أستمر على تركه.
إذاً ما الحل أيها الحبيب، هل نقف معك أمام طريق مسدود؟
ونرضى منك أن تواصل التدخين حتى يهوي بك في مكان سحيق؟ ستقول: لا يا أخي لم
يصل الأمر إلى هذا الحد.
إذاً ما العمل؟ ربما تقول: لعلي أسلك طريقاً آخر؛ كي
أنجو من أضرار التدخين؛ حيث سأتحول عن التدخين إلى الغليون أو الشيشة،
فلعلها أقل ضرراً أو أهون خطراً.
ويقال لك: ما أنت - والحالة هذه - إلا كالمستجير من الرمضاء بالنار.
أما علمت أن ما مضى ذكرُه من أضرار التدخين ينطبق على الشيشة والغليون ونحوها.
ربما تقول: إذاً سأنتقل إلى نوع خفيف من السجائر ذاتِ المحتوى المنخفض من النيكوتين والقطران؛ فحنانيك بعض الشر أهون من بعض.
ويقال لك: إن هذه خُدعةٌ كبرى قد ثبت ضررها وعدم جدواها وذلك لما يلي:
- أن ذلك سببٌ لتدخينِ أكبرِ عددٍ من السجائر.
- وأن المدخنين في هذه الحالة يسحبون عدداً أكبر من الأنفاس من السيجارة الواحدة.
وأنهم يستنشقون الدخان بعمق، ويحتفظون به أطول فترة ممكنة، ليعوضوا نسبة النيكوتين التي فقدوها.
-وكل ذلك يؤدي إلى امتصاص المزيد من النيكوتين والقطران،
ويحدث هذا بطريقة لا إرادية ودون أن يشعر بها المدخن؛ فكيف تلجأ إلى هذا
الحل إذا؟
.
كان
الحديث الماضي يدور حول أضرار التدخين، والحديث ههنا سيكون حول السبل
المعينة على تركه، فيا أيها المدخن: ربما تقول بعد ذلك: لقد أعيتني الحيل،
وضاقت بي السبل، ولم أستطع ترك التدخين.
ويقال لك:لا ما أعيتك الحيل،ولا ضاقت بك السبل، فلكل داءٍ دواءٌ، ولكل مُعْضِلةٍ حلٌ، وما من قُفْلٍ بلا مفتاح وإلا فما هو بقفل.
تقول ما هو الحل؟
ويقال لك:
أن تقلع عن التدخين فوراً، وان تهجره بلا رجعة.
ستقول بزفرة، ولهفة، وأمل، وشوق، كيف الوصول إلى ذلك
السبيل، وكيف النجاة من هذا الداء الوبيل؟ وما العلاج الناجع، والدواء
النافع، من هذا السم الزعاف الناقع؟
يقال لك حينئذٍ:
أيها الحبيب، كلّ ما تريده ستجده طالما بحثت عنه، وسعيت
له سعيه، وطرقت أبوابه،وأخذت بأسبابه، فأعِرْ سمعك، وافتح قلبك، فستجد -إن
شاء الله- ما يشفي عِلَّتك، ويروي غُلَّتك، فمِمَّا يعينك على ترك التدخين
ما يلي:
أولاً: استحضار أضرار التدخين، واستحضار حرمته في الدين.
ثانياً: التوبة النصوح؛
فتب إلى ربك،وعد إلى رشدك،قبل أن يُتْلِف التدخين جسدك، وقبل أن يفجأك
الموتُ على غِرَّةٍ منك، فأقدم غير هيَّاب، ولا وَجِل، ولا متردد، وإياك
والتأجيلَ؛ فإن التأجيل ذنبٌ يجب أن تتوب منه.
ثالثاً: استعن بالله وفوّض أمرك إليه، والتمس إعانته ولطفه، وتضرع إليه بالدعاء، واسأله بصدق وإخلاص وإلحاح أن يعينك على ترك التدخين.
رابعاً: أقبل على الله
بالمحافظة على الصلاة؛ فإنها تنهى عن الفحشاء والمنكر، وأقبل على الله
بالصيام؛ فإنه علاج نبوي يهذّب النفس، ويسمو بالخلق، ويقوي الإرادة، ويعين
على محاربة الهوى، وأقبل على كتاب ربك؛ ففيه الهداية للتي هي أقوم، وأكثر
من ذكر الله -عز وجل- ففيه الطمأنينة والسكينة، واستعذ بالله من الشيطان
الرجيم؛ فإن الشيطان هو الذي يزيِّن لك المعصية؛ فإذا استعذت بالله من
الشيطان بصدق، أعاذك الله منه.
خامساً: استحضر الثمرات الحاصلة بترك التدخين.
سادساً: تذكّر أن مَنْ ترك
شيئاً لله عوّضه الله خيراً منه، وأن العِوَضَ أنواع مختلفة، وأجل ما
تعوَّض به: الأنس بالله، ومحبته، وطمأنينة القلبِ بذكره.
سابعاً: تذكّر الأجرَ
المترتبَ على ترك التدخين؛ فكما أن ثوابَ الطاعةِ الشاقة أعظمُ مما لا مشقة
فيه، فكذلك ثوابُ تركِ المعصية إذا شقَّ وعَظُمَ.
ثامناً: وتذكّر أنك بترك التدخين تنقذ نفسك من ضرر محقق.
تاسعاً: تذكّر لذة الانتصار على النفس،ومخالفة الهوى؛فإن تلك اللذةَ أعظمُ من لذة كاذبة عابرة.
عاشراً: قارن بين لذة
التدخين -إذا كان فيه من لذة- بالضرر البالغ الذي يحصل من جرَّائه،حينئذٍ
يتبين لك الغبن،فكيف-إذاً-تُقْدِمُ على لَذَّةٍ وهميةٍ سريعةِ الزوال يكون
بعدها هلاكك وعطبك؟1
الحاديَ عشر: مما يعين على ترك التدخين: العزيمةُ الصادقةُ، والإرادة القوية، التي هي عنوان عظماء الرجال.
الثانيَ عشر: الصبر؛ فالذي
يريد ترك التدخين قد يجد مشقة كبرى خصوصاً في بداية الأمر؛ فالإقلاع عن
التدخين ثقيل على النفس،ولكنه ليس متعذِّراً ولا مستحيلاً، والصعوبةُ في
تركهِ تَكْمُنُ في ضغط العادة، ولأن كثيراً من المدخنين -وخصوصاً
المُفَرِطين منهم- يشعرون بالكآبة في الأسابيع التالية لإقلاعهم عن
التدخين، إلى جانب معاناة الرغبة الشديدة في التدخين؛ ذلك أن نتائجَ تركِ
التدخين ربما تتضمن الخمولَ،وشدة َالتوترِ، وسرعةَ الغضبِ، والقلقَ،
والنومَ المتقطعَ، وصعوبةَ التركيزِ الذهنيِّ، وأعراضاً أخرى في المعدة
والأمعاء، مع انخفاض في الدم، ومعدل النبض العام.
ومع هذا فبعض تلك النتائج قد يكون نفسياً فقط،وقد لا تظهر تلك الأعراض إذا كانت العزيمةُ صادقةً، والإرادةُ قويةً.
ثم إن تلك المشقة لا تزال تَهُوْنُ شيئاً فشيئاً إلى أن يألف المدخن ترك التدخين.
قال ابن القيم -رحمه الله- : " إنما
يجد المشقة في ترك المألوفات والعوائد مَنْ تركها لغير الله، أما من تركها
مخلصاً من قلبه لله، فإنه لا يجد في تركها مشقة إلا في أول وهلة،
ليُمْتَحن أصادق هو في تركها أم كاذب؛ فإن صبر على ترك المشقة قليلاً
استحالت لذة" اهـ-.
فيا أيها الحبيب تجرَّع مرارةَ الصبر، وغُصَصَ الحرمان في البداية؛ لتذوق الحلاوة، وتحصل على اللذة الحقيقية في النهاية.
والصبر مثل اسمه مرٌّ مذاقَتُه لكنْ عواقِبُهُ أحلى من العسل
واعلم أن الصَّابرَ معان من الله، قال النبي -صلى الله عليه وسلم- في الحديث المتفق عليه: "ومن يتصَبَّرْ يُصَبِّره الله ".
واستحضر أن الصبرَ عن التدخين أسهلُ بكثيرٍ مما يوجبه
التدخين، فإنه يورث ألماً، وعقوبةً، وهمًّا، وغمًّا، وندامةً، وذلاً،
وضررًا - كما مرَّ-.
الثالت عشر: من الأمور
المعينة على ترك التدخين:الحذرُ من اليأس،فقد تحاول تركَ التدخين مرةً أو
أكثر فلا تفلح، وقد تتركه فترةً ثم ترجع إليه مرةً أخرى؛ فربما قادك ذلك
إلى اليأس، وربما ألقى الشيطانُ في قلبك أنْ لا سبيل إلى ترك التدخين،
وأنَّ كلَّ محاولةٍ منك ستبوء بالإخفاق؛ فإياك أن يَدِبَّ هذا الشعورُ
إليك، أو أن يجد منفذاً إلى قلبكَ، بل حاول مرةً بعد أخرى، ولا تيأسنَّ
مهما حاولت وأخفقت، فلعلك إن أخفقت مراتٍ نجحت في آخر المطاف، بل من الناس
من ينجح في أول محاولة جادة.
الرابعَ عشرَ: البعد عن رفقة السوء، وعن كل ما يذكر بالتدخين،من فراغٍ، ورؤية مدخنين، أو شم دخان.
الخامسَ عشَر: لا تلتف إلى
هؤلاء؛ فقد تبتلى بأناس يخذِّلونك إذا رأوك همَمَتَ بترك التدخين، فربما
عوَّقوك، ووضعوا العراقيلَ والصعوباتِ في طريقك، فلا تلتفت إلى هؤلاء، بل
أدِرْ ظهرَك لهم، وتوكل على ربك، واستشعر روح التحدي والإصرار، وستصل إلى
غايتك بإذن الله.
السادس عشرَ:
وإذا ضَعفتْ نفسك عن ترك التدخين فوراً، و لم تستطع أن تهجره مباشرة بلا
رجعه -فلا أقل من أن تتدرج، وتمضي في طريقك لِتركه، فتقلل من شربه، إلى أن
تتركه بالكلية، ومما يعينك على ذلك أن تدع المجاهرة في شربه؛ لأن المجاهرة
تقودك إلى شربه في كل مكان.
ومن ذلك أن تمكث في أماكن تعينك على ترك التدخين كأن
تجالس الأخيار والصالحين، وأن تتردد على الوالدين، وعلى من تستحيي من
التدخين أمامهم؛ فذلك يبعدك، ويسليك عن التدخين إلى أن تعتاد تركه والسلوَّ
عنه.
السابع عشر: عرض الحال على
من يعين، سواءً كان طبيباً ناصحاً، أو من تتوسم فيه الخير والصلاح،
والنصح، فستجد عنده ما يعينك على الخروج من مأزقك.
وأخيراً نسأل الله أن يعينك، وأن يهديك لأرشد أمرك، وأن
يحبب إليك الإيمان، ويزينه في قلبك، وأن يكره إليك الكفر والفسوق والعصيان،
ويجعلك من الراشدين.
وصلّى الله وسلّم على نبينا محمد.
الشيخ محمد إبراهيم الحمد