فوائد الصيام
فوائد الصيام
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد خاتم النبيين، وعلى آله وصحبه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد:
فإن الصيام من أنفع العبادات وأعظمها آثارا في تطهير النفوس وتهذيب الأخلاق، وله فوائد عظيمة، من أعظمها:
أنه
سبب لزرع تقوى الله في القلوب وكف الجوارح عن المحرمات، قال الله تعالى:
{يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم
تتقون} [البقرة 183] فبين سبحانه في هذه الآية أنه شرع الصيام لعباده ليوفر
لهم التقوى، والتقوى كلمة جامعة لكل خصال الخير، وقد علق الله بالتقوى
خيرات كثيرة وثمرات عديدة، وكرر ذكرها في كتابه لأهميتها، وقد فسرها أهل
العلم بأنها: فعل أوامر الله، وترك مناهيه، رجاء لثوابه وخوفا من عقابه،
وقوله تعالى: {لعلكم تتقون} قال الإمام القرطبي رحمه الله : (لعل) ترجٍ في
حقهم، و(تتقون) تتركون المعاصي، فإنه كلما قل الأكل ضعفت الشهوة، وكلما
ضعفت الشهوة قلت المعاصي، وقيل: هو على العموم، لأن الصيام هو كما قال عليه
الصلاة والسلام: "الصيام جُنة ووجاء" [أخرجه احمد 2/257، 402 (4/22)
والنسائي رقم 2227، 2229 وابن ماجة رقم 1639 والطبراني في الكبير(8/157 ـ
158 رقم 7608)]، وسبب تقوى لأنه يميت الشهوات. انتهى بمعناه.
ومن
فوائد الصيام: أنه يعود الإنسان الصبر والتحمل والجَلَدَ، لأنه يحمله على
ترك مألوفه ومفارقة شهواته عن طواعية واختيار، وهو يعطي قوة للعاصي الذي
ألف المعاصي على تركها والابتعاد عنها، فهو يربيه تربية عملية على الصبر
عنها ونسيانها حتى يتركها نهائيا، فمثلا المدخن الذي سيطرت عليه عادة
التدخين وصعب عليه تركها يستطيع بواسطة الصيام ترك هذه العادة السيئة
والمادة الخبيثة بكل سهولة وكذلك سائر المعاصي.
ومن
فوائد الصيام: أنه يمكّن الإنسان من التغلب على نفسه الأمارة بالسوء،
فإنها كانت في وقت الإفطار تغالب صاحبها وتنزع إلى تناول الشهوات المحرمة،
فلما جاء الصيام تمكن الإنسان من إمساك زمام نفسه وقيادتها إلى الحق.
ومن
فوائد الصيام: أنه يسهل على الصائم فعل الطاعات، وذلك ظاهر من تسابق
الصائمين إلى فعل الطاعات التي ربما كانوا يتكاسلون عنها وتثقل عليهم في
غير وقت الصيام.
ومن فوائد الصيام: أنه يرقق القلب ويلينه لذكر الله ـ عز وجل ـ ويقطع عنه الشواغل.
ومن
فوائد الصيام: أنه ربما يحدث في قلب العبد محبة للطاعات وبغضا للمعاصي
بصفة مستمرة، فيكون منطلقا إلى تصحيح مفاهيم الإنسان وسلوكه في الحياة.
والحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.
(إتحاف أهل الإيمان بدروس شهر رمضان ) للشيخ صالح بن فوزان الفوزان.