لا تحيه لأهل مصر
لا تحية لأهل مصر،
عامر حمود العمرى
لا تحية لأهل مصر،
بل ألف تحيَّة إجلال وإكبار، إلى
الشَّعب العظيم الذي بهر العالم بنضاله،
وبات محطَّ إعجاب الأمم، وكتب على بوَّابة نضاله
حضارةً عجزت عن صُنْعها كافَّة الأمم والأديان؛ ليخرج
للعالَم أجمع الوجهُ المنير للحضارة الإسلاميَّة؛ ليقول للناس
: إنَّ الإسلام يحترم الجميع، ويحفظ حقوق الناس بمختلف ألوانهم
وأعراقهم وأديانهم،
وليقول لهم: هذه فسحة الإسلام، ورَحابة الإسلام،
ورحمة الإسلام.
أيُّها المصريون النُّبلاء:
أثبِتوا للناس كما أثبتُّم لهم سابقًا نضالكم ولحمتكم وتعاونكم
، أثبتوا للعالم أنَّ السُّلطة لا تعنيكم بذاتها بقدر ما يعنيكم تحقيق
العدالة وحفظ مقدَّرات أمتكم، وبناء وطَنِكم بناءً تحفل به الأجيال
اللاحقة، اعتَلوا عن سفاسف الأمور ومحقَّراتها، وحلِّقوا بوطنكم في
عالَم الرُّقي والتقدُّم، واكتبوا لكم تاريخًا تشرِّف الأجيال القادمة بقراءته،
ذوِّبوا الحزبيَّات والقوميَّات والمسمَّيات، وقِفوا صفًّا واحدًا، أعيدوا لنا
مجدًا سقط من أيدينا، ونجاحًا ظلَّ في حجر عدونا، وتراثًا بات يئنُّ من ضعفنا.
احذروا العُملاء، وكونوا في التَّعامل معهم عقلاء،
الرِّفقَ الرِّفق، فهو وصيَّة نبيِّكم لكم، مَزِّقوا أديم
الخلاف تحت ظلال ﴿ وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا ﴾
[آل عمران: 103].
إعلامكم وَجْهُ حضارتكم، فكونوا عليه قائمين،
وله راعين، قُوَّتُكم في وحدتكم، وضعفكم في تخاذلكم،
وَلُّوا عليكم خياركم، وكونوا على الخير له أعوانًا، فالنَّجاح
والفلاح في تعبيد العباد لربِّ العباد، ولا يكون ذلك إلا بتطبيق
شريعة الله في أرضه، وجَعْل الحاكميَّة له وحده.
احذروا مَكْر الأعداء، ودسيسة النَّفعيِّين؛
فإنَّ المتمركز على ذاته لا يَرى غيرها، وشارب
ماء البحر لا يرتوي، أجِلُّوا العلماء الربَّانين، فما
أكثرَهم في أرض الكنانة! وارجعوا إليهم، واحترموا
أهل العلم والمعرفة في الفنون الأخرى، واعلموا أنَّهم
من مقدراتكم الفكريَّة والبشرية، لا تحتقروا أحدًا من أهلكم،
واعلموا أن النَّجاح هَمُّ الجميع، واعملوا على القواسم المشتركة؛
فإنَّ مصر أمُّكم، وحضنكم الدافئ.
يا أهل مصر، ويا رجال مصر،
ويا شباب مصر، ويا نساء مصر: إنَّما هي
خلجاتُ نَفْس، وبَوْح فرح بِنَصركم العظيم، وتحيات إجلال
مضمَّخة بالحبِّ والتقدير، فاقبلوا من مُحبِّكم مضغة من زاده الزَّهيد القليل
، وأطرِبوا قلبه بذرِّ التراب والرماد في أعين الأعداء والحُسَّاد، وصفقوا
على ذُرَى المجد حافلين بقيادة إسلاميَّة، صنعها شعب مسلمٌ متحضِّر.
مما تصفحته