الجدية فى الالتزام
طرق العلاج من ضعف الالتزام
أولا: قف مع نفسك وقفة صادقة جادة .
لابد من وقفة جادة مع النفس ، اصدق مع نفسك ، ولا تبخل في بذل النصح لها .
قل لها : ثمَّ ماذا ؟ ما هي النهاية لكل ما أنت فيه من إعراض عن سبيل الله ؟
هذا
أول سبيل للعلاج ، سل نفسك : ماذا تريدين ؟ هل تريدين الجنة أم النار ؟
فإن قلت : الجنة فبماذا تطمعين فيها وأنت في هذا البلاء، وأنت تعصين الله
في السر والعلن ، في الليل والنهار ، حالك هذا والله لا يرضي الله ، إنَّ
هذا لهو الغرور عينه .
سل نفسك : مالك تشتهين الدنيا وقد علمت حقيقتها ؟
أليس نعيمها منغصًا ؟ أليس كل فيها يزول ويفنى ؟ فمالك تريدين الدنيا وهي إلى رحيل ولا تعملين للجنة وهي دار الخلود ؟
اصدق مع نفسك في الجواب ، وإياك من التلون والخداع ، إياك أن تظفر بك نفسك في التسويف والقنوط .
بعضنا إذا سالته : هل تريد الدنيا أم الآخرة ؟ يقول : الآخرة قطعًا ، وحاله شاهد على كذبه .
وآخرون لا يدرون ماذا يريدون ؟ وبعضنا لا يريد أن يفوت الدنيا ولا الآخرة ، والجمع بين النقيضين محال .
كم
من شاب يمني نفسه بالعروس الجميلة ذات المؤهل العالي والمركز الاجتماعي
المرموق ، وبطبيعة الحال كل سلعة لها ثمن ، ففي المقابل ستجد التكاليف
الباهظة من مهر وشقة ومستلزمات …لخ ، وهكذا تظل تعمل من أجل الدنيا ،
فتتملكك ثمَّ تقول : أريد الدنيا والآخرة !!
إخوتاه ..
أهل
الآخرة يكفي أحدهم أقل القليل من حطام الدنيا ، فمن كان همُّه الآخرة لم
يبالِ بما حصَّل الناس من الدنيا ، إذا رأى الناس يتنافسون في الحصول على
المرأة الجميلة تذكر هو قول الله في الحور العين : " إِنَّا
أَنشَأْنَاهُنَّ إِنشَاء فَجَعَلْنَاهُنَّ أَبْكَارًا عُرُبًا أَتْرَابًا
لِّأَصْحَابِ الْيَمِينِ " [ الواقعة /35-38] ، فصرف رغبته إليهن ، وشمَّر
عن ساعد الجد لنيلهن ، وهكذا تلمح دائمًا الفرق بين أهل الدنيا وأهل الآخرة
فممن أنت ؟!
الشاهد أننا نريد موقفًا جديًا ، نمحص به نياتنا ، نعيد
من خلاله ترتيب أهدافنا ، وابدأ بسؤال نفسك ماذا تريدين ؟ ثم الأمر يحتاج
بعد ذلك إلى قرارات صارمة .
ثانيًا : مخالفة النفس طريق الهدى
انظر
لربك وهو يعاتب موسى عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام في تربية قومه يقول
الله عز وجل : " وَكَتَبْنَا لَهُ فِي الأَلْوَاحِ مِن كُلِّ شَيْءٍ
مَّوْعِظَةً وَتَفْصِيلاً لِّكُلِّ شَيْءٍ فَخُذْهَا بِقُوَّةٍ وَأْمُرْ
قَوْمَكَ يَأْخُذُواْ بِأَحْسَنِهَا " لماذا ؟ " سَأُرِيكُمْ دَارَ
الْفَاسِقِينَ " [ الأعراف /145 ] ، فهذا أول السبيل تهذيب النفس بمخالفة
الهوى ، فلا تتابع نفسك في كل ما تشتهي ، فلا تجبها في كل ما تطلب .
مثال
ذلك : أن تعرف من نفسك أنها لا تصبر على طاعة ، فإذا قالت لك : هيا لنأكل
أو لنذهب لزيارة فلان أو نحو ذلك من المباحات ، فقل لها : ليس قبل أن أقرأ
وردي من القرآن . فستظل تلح عليك فإن خالفتها ولم تفعل ما تطلبه منك المرة
بعد المرة فسوف تتحكم فيها ، ومن هنا تعلو همتك ، وتكون صاحب إرادة ، وهذه
هي الرجولة الحقيقية فتأمل .
كذلك أنت ـ أيتها الأخت المسلمة ـ إذا
حادثتك النفس في أن تكلمي فلانة أو فلانة ، فقولي لها : لا ليس قبل أن
أنتهي من حفظ هذا الجزء من القرآن ، أو ليس قبل أن أنتهي من أذكار الصباح
والمساء ، ليس قبل أن أقول : لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله
الحمد وهو على كل شيء قدير مائة مرة، وهكذا خالفيها في المباحات فإنَّها
لا تأمرك بفعل المكروهات ، ومن باب أولى المحرمات .
فمن تابع نفسه في كل
ما تطلب أهلكته ، لذلك قال تعالى في عاقبة من يخالف نفسه في هواها "
وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى
فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى " [ النازعات /40-41] وقد بين لنا
ربنا حقيقة النفس فقال : " إِنَّ النَّفْسَ لأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلاَّ
مَا رَحِمَ رَبِّيَ إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَّحِيمٌ " [ يوسف/53] .
فالنفس
قد تكون طاغوتًا يعبد من دون الله دون أن يدري الإنسان منا ، قال تعالى "
أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى
عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ
غِشَاوَةً فَمَن يَهْدِيهِ مِن بَعْدِ اللَّهِ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ " [
الجاثية /23 ]
فاتباع الهوى سبب الضلال ، قال تعالى : " فَإِن لَّمْ
يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءهُمْ وَمَنْ
أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِّنَ اللَّهِ إِنَّ
اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِين " [ القصص/ 50 ]
فاللهم اهدنا بفضلك فيمن هديت ، وعافنا فيمن عافيت ، وقنا شر أنفسنا ، واجعلنا من المرحومين .
أخي الحبيب ..
هذب
نفسك ، وأعلمْها حقيقتها ، فهي أمة لله الكبير المتعال ، فلابد أن تقيم
حاكمية الله على النفس ، فالله هو الذي يحكم نفسك ، وليست الشهوات ، ولا
الشيطان .
إنك تتعجب حين تطالع سير سلفنا الصالح ، كان الواحد يأكل في
اليوم مرة ، ويشرب في اليوم مرتين فقط ، كما أثر هذا عن الإمام أحمد
وغيره .
فأي رجال كان هؤلاء ، لكن من عاش ليأكل ويشرب ، فهذا قد يكون عبدًا لبطنه ، طالع سير السلف لتعرف قدرك جيدًا .
سئل بعض السلف : الرجل يأكل في اليوم أكلة ؟ قال : طعام المتقين .
قيل : فالرجل يأكل في اليوم مرتين . قال : طعام المؤمنين .
قيل : فالرجل يأكل في اليوم ثلاث مرات . قال : قل لأهله : ابنوا له معلفًا .
فالناس
اليوم تعمل من أجل أن تأكل من أفخر الأطعمة ، إنه شره النفس ، فليس الأمر
ما يسد الحاجة ، لا .. لا .. إنه يريد أن يحاكي هذا وذاك ، وأعداء
الإسلام لا ينفكون في تزيين الباطل للناس ، حتى تتحطم عقيدة المسلمين في
خضم الشهوات والملذات ، إنها كما قيل : صناعة الغفلة ، نسأل الله لنا ولكم
العافية .
إخوتاه ..
انظر لما أراد الله أن يربي يحيى ليحكم صبيًا
قال ربنا جل جلاله : " يَا يَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ وَآتَيْنَاهُ
الْحُكْمَ صَبِيًّا " [ مريم /12 ] ، وهو صبي يحكم لأنه تربى على الجدّ
والرجولة ، لا على الترف ، ولا على الشهوات ، ولا على متابعة النفس ،
ومطاوعة الرغبات ، ولا على توفير المطالب ، " يَا يَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ
بِقُوَّةٍ وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا " وَحَنَانًا مِّن لَّدُنَّا
وَزَكَاةً وَكَانَ تَقِيًّا {13} وَبَرًّا بِوَالِدَيْهِ وَلَمْ يَكُن
جَبَّارًا عَصِيًّا " [ مريم /12 –14 ] فأين هذه الصفات في شبابنا الآن
؟!!
أيها الأحبة في الله ..
الله أمرنا بالجدية في الإسلام فقال : "
إِنَّهُ لَقَوْلٌ فَصْلٌ وَمَا هُوَ بِالْهَزْلِ " [ الطارق /13-14]
فالأمر ليس هزلًا ، اليوم نرى سمات الصالحين في الظاهر ، ولكن على قلوب
فارغة ، على عقول فارغة ، وأنا آسف إن قلت هذا ، ولكن هذا واقع للأمة لابد
من تصحيحه ؛ لأنه عار علينا ، ووصمة للدعوة ، وقد بدأت تظهر أمور لا تمت
بصلة للإسلام ، في المعاملات وأكل أموال الناس بالباطل ، والمشاكل الأسرية
والطلاق ، والأولاد الذين كنَّا نعقد عليهم آمالنا ، أولاد الملتزمين الذين
لم يعرفوا الجاهلية التي مرَّ بها آباؤهم ، فوجدنا من كبر منهم ـ وللأسف ـ
بعضهم أسوأ من أبيه .
فلابد من وقفة للتصحيح ، لابد من ضبط مواقع
الأقدام ، قبل أن تذل بنا في جهنم ، قال تعالى : " فَتَزِلَّ قَدَمٌ بَعْدَ
ثُبُوتِهَا وَتَذُوقُواْ الْسُّوءَ بِمَا صَدَدتُّمْ عَن سَبِيلِ اللّهِ "
[ النحل/94 ]
أيها الأحبة في الله ..
من طرق العلاج :
ثالثًا : التخلص من مظاهر عدم الجدية
ومن أخطر تلك المظاهر : الرضا بالظواهر والشكليات ، ونسيان القلب والأعمال .
فليس
جل الدين في اللحية والقميص القصير والنقاب ، إنها من شعائر الإسلام ،
وينبغي علينا أن نلتزم بها، لكن لأنَّ هذه السنن صارت شعارًا لأهل الإيمان
ومعشر الملتزمين في هذا الزمان ، فلا شك تسرب بينهم من ليس منهم ، واكتفى
بهذه الأمور ، ومن هنا عدنا نقول : الملتزم هو الصوَّام القوَّام ، الملتزم
هو القائم بالقسط ، الملتزم هو من خلا بيته من المنكرات ، من يتفقه في
دينه ، من يفهم عن ربه ، من يعمل في تزكية نفسه ، هذه هي المعايير الآن ،
ومن ابتعد عن هذا فليس من الملتزمين ، فقف لتحاسب نفسك .
إخوتاه ..
أسألكم بالله عليكم : منذ أن التزم الواحد منكم ماذا حصَّل من العلم الشرعي الذي زاده قربًا إلى ربه ؟
ymdyO7
ماذا حصَّلت من العقيدة ؟ ماذا درست في الفقه ؟ كم كتاب قرأت ؟ وعلى من تعلمت ؟
هل تجيد قراءة القرآن الذي هو فرض عين عليك ؟
كم حفظت منذ أن التزمت من القرآن ؟
ما أخبار قيام الليل وصيام النهار والمحافظة على الأذكار ؟!!
أيها الأخ الحبيب ..
ينبغي
أن يكون الفرق بينك الآن وبين أيام الجاهلية شاسعًا ، لابد أن تتغير
جذريًا ، فاللسان يلهج بالذكر ، والعين تبكي خشية لله ، القدم تورم من
القيام ، قلبك لا تجده إلا في دروس العلم، أذنك تعودت على سماع القرآن
وهجرت الموسيقى والغناء .
لابد من هذا ، فإنك لا تعدم أن ترى الأطفال يدندنون بالإعلانات والأغاني وتحزن أنك لا ترى أبناء الملتزمين وهم يدندنون بالقرآن .
أين
ابنك الذي حفظ القرآن ، ثمَّ حفظ اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان
(البخاري ومسلم)، والذي فيه أصح الأحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم
وأكثرها قوة .
هل رأيت مثل هؤلاء ؟ اللهم إلا النادر القليل ، والنادر لا حكم له .
لماذا يحدث هذا ؟ لماذا لأهل الباطل الغلبة والتأثير ؟ أهم أكثر منكم إخلاصًا ؟!!
ما نحن فيه الآن يجعلنا جميعًا في قفص الاتهام ، وعليك أن تثبت لي عكس هذا .
قال
الحسن البصري ـ وقد صح عنه موقوفًا وهو ضعيف مرفوعًا ـ : ليس الإيمان
بالتمني ولا بالتحلي ولكن ما وقر في القلب وصدقته الأعمال ، وإن قومًا
خرجوا من الدنيا ولا حسنة لهم ، قالوا : نحسن الظن بالله . وكذبوا ، لو
أحسنوا الظن لأحسنوا العمل .
إخوتاه ..
أين الإخلاص ؟! أين حملة
الدين ؟ أما رأيتم الرويبضة وهم يمرقون من الدين ، إن هؤلاء ما تجرأوا على
الدين إلا بسبب تقصيرنا ؟ تقصير في طاعة الله ، تقصير في الدعوة إلى الله ،
والواحد منَّا جل ما يصنع أن يقول : أنا مقصِّر ، ادعُ الله لي !! .
مقصر!! فلابد من علاج ، فليس الأمر أن تتهم نفسك في العلن ، ثمَّ لا يتبع
ذلك ندم وتوبة .
إخوتاه ..
نحن لا نيأس من رحمة الله ، والله وعدنا
إنْ أصلحنا من أنفسنا أن يغير ما نحن فيه من غربة، فالأمل سيظل معقودًا
أبدًا ، والمستقبل للإسلام ، وإن كره الملحدون والكافرون ، والتمكين للدين
آتٍ بإذن الله ، نسأل الله أن يمكن لدينه في الأرض .
إخوتاه .
من طرق العلاج :
رابعًا : زيادة الطاعات وعدم الاغترار بالعمل اليسير .
معتقد أهل السنة والجماعة أنَّ الإيمان يزيد وينقص ، يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية ، فإن لم يكن يزيد فإنه ينقص .
أريد
أن يزيد إيمانك كل يوم ، تقرب إلى الله بما تستطيع ، ولا تغتر بالعمل
اليسير ، ولا تكثر التشدق بالإنجازات ، لأنَّ هذا قد يورث العجب والفرح
بالعمل والاشتغال بالنعمة عن المنعم ،
مثال ذلك :
تجد أن الأخ إذا
وجد نفسه مقيمًا للصلوات في الجماعة ، وقام ليلة أو ليلتين ، ظن نفسه من
أولياء الله الصالحين ، وهذا قد يبتلى بترك العمل ، لأنه لم يشكر النعمة
وإنما نسب الفضل لنفسه ، ولذلك كان المؤمنون هم أكثر الناس وجلًا ، فليس
الشأن في العمل وإنما في قبوله ، قال تعالى : " وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا
آتَوا وَّقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ " [
المؤمنون / 60 ]
فالاغترار بالعمل القليل اليسير ، وكثرة الكلام عن الأعمال التي يقوم بها ، هذا دليل أنه لن يكمل ، ولن يتم فاستر نفسك .
قال
الإمام ابن القيم في مدارج السالكين : " ولله در أبي مدين حيث يقول : ومتى
رضيت نفسك وعملك لله، فاعلم أن الله عنك غير راضٍ ، ومن عرف نفسه وعرف ربه
علم أن ما معه من البضاعة لا ينجيه من النار ، ولو أتى بمثل عمل الثقلين "
.
نعم الذي يرى نفسه مؤمنًا خالصًا فهذا معجب مغتر بنفسه ، لابد أن ترى
دائمًا نفسك بعين النقص والعيب ، لابد أن تنكس رأسك وتذل لله .
ولله
المثل الأعلى : فأنت تعرف أنَّ الولد إذا رضي عن نفسه في علم من العلوم
يبدأ يهجر مدارسته ، ثمَّ بعد هذا تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن ، وقد
يرسب في هذه العلم ، بسبب تهاونه وعجبه .
وهذه قضية الأمن على الإيمان ،
وقد قال الله : " أَفَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَن يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا
بَيَاتاً وَهُمْ نَآئِمُونَ أَوَ أَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَن يَأْتِيَهُمْ
بَأْسُنَا ضُحًى وَهُمْ يَلْعَبُونَ أَفَأَمِنُواْ مَكْرَ اللّهِ فَلاَ
يَأْمَنُ مَكْرَ اللّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ " [ الأعراف/97-99]
فلا تأمن ، فإنَّ إبراهيم الخليل عليه السلام لم يأمن على توحيده ، بل
ابتهل إلى ربه وقال : " وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَن نَّعْبُدَ الأَصْنَام "
[ إبراهيم/35 ]
إخوتاه ..
من طرق العلاج :
خامسًا : عدم التسويف .
فمن
مظاهر عدم الجدية في الالتزام كثرة الوعود والأماني مع التسويف ، فتجد
المرء منَّا يمني نفسه ، تقول له : احفظ القرآن . فيقول : سأحفظ إن شاء
الله عندما أجد الوقت . وبطبيعة الحال لا يجد الوقت فهو مهموم دائمًا ،
يقول : عندما أنتهي من الدراسة سأتعلم العلم الشرعي ، وأتفرغ للدعوة إلى
الله ، ثمَّ يدخل الجيش فيقول : عندما أنتهي من هذه الفترة الشاقة سأصنع ما
أريد بإذن الله ، ثمَّ تنتهي مدة الجيش فيبدأ في البحث عن العمل ، ثمَّ
يقول : لابد أن أتزوج ، فيظل مهمومًا بأمر الزوجة والبحث عنها ، ثمَّ يجدها
فيهتم بأمر الشقة وتجهيز المنزل ، ثمَّ يتزوج فيبدأ في السعي لتحسين وضعه
الاجتماعي ، ثمَّ يرزق بالأولاد فيظل مهمومًا بأمورهم هكذا دواليك .
والعجيب أنّك قد تجد رجلًا من هؤلاء في النهاية قد رضي بهذا الضنك ، ويقول : هذه سنة الحياة !!
سنة الحياة أن تعبد الدنيا وتنسى أمر الآخرة !! سنة الحياة أن تهجر الطاعات من أجل الهوى والشهوات !!