ممـكــن لـحـظــة لــــو سـمـــحـت ؟!! .. محتاجين فتوى ضرورى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله
وصلى اللهم على سيدنا محمد وسلم تسليما كثيرا
أدعوكم للقراءة على مهلٍ .. والتمعن فى كلمات الموضوع .. فا أنا على ثقه بإنها ستفيدكم جدا إن شاء الله
إن مما أبتليت به الأمة اليوم ظهور بعض الحدثاء ممن يستبيح الفتاوى الشرعية بمجرد إطلاعه على نص أو إثنين في المسألة !!!
حكى بعض الشيوخ أن أحد الطلاب درس حديث قتل الكلاب فقام من ليلتها بقتل ما وجد من الكلاب
و
إذا به من الغد يدرس حديث نسخ قتل الكلاب !!!
إن الشريعة لا تؤخد أحادا إنما لابد من جمع نصوص المسائل و إستقراء الشريعة للوصول إلى الصواب .
قال الإمام الشاطبى بعد ذكره مناظرة بين ناصر السنة الأمام احمد بن حنبل رحمه الله وأحمد بن أبى دؤاد المعتزلى فى بدعة القول بخلق القرآن :
"ومدار الغلط في هذا الفصل إنما هو على حرف واحد ، وهو الجهل بمقاصد الشرع ، وعدم ضم أطرافه بعضها ببعض ؛
فإن مأخذ الأدلة عند الأئمة الراسخين إنما هو على أن تؤخذ الشريعة كالصورة الواحدة بحسب ما ثبت من كلياتها وجزئياتها المرتبة عليها ،
وعامها المرتب على خاصها ، ومطلقها المحمول على مقيدها ، ومجملها المفسر ببينها . . . .
إلى ما سوى ذلك من مناحيها ، فإذا حصل للناظر من جملتها حكم من الأحكام ؛ فذلك الذي نظمت به حين استنبطت .
وما مثلها إلا مثل الإنسان الصحيح السوي ،
فكما أن الإنسان لا يكون إنسانا ( حتى ) يستنطق فلا ينطق ؛
لا باليد وحدها ، ولا بالرجل وحدها ، ولا بالرأس وحده ، ولا باللسان وحده ،
بل بجملته التي سمي بها إنسانا
كذلك الشريعة لا يطلب منها الحكم على حقيقة الاستنباط إلا بجملتها ،
لا من دليل منها أي دليل كان ، وإن ظهر لبادي الرأي نطق ذلك الدليل ؛ فإنما هو توهمي لا حقيقي ؛
كاليد إذا استنطقت فإنما تنطق توهما لا حقيقة ؛ من حيث علمت أنها يد إنسان لا من حيث هي إنسان ؛ لأنه محال .
فشأن الراسخين تصور الشريعة صورة واحدة يخدم بعضها بعضا كأعضاء الإنسان إذا صورت صورة متحدة".
اهــ
قد فهم السلف هذه القاعدة و وعوها فجمعوا السنة وحفظوها و فسروا القرآن و السنة بالقرآن و السنة
و لم يضربوا الأدلة بعضها ببعض و لم يخصصوا بعضها بفهم يعارض البعض الآخر ففهم الدليل يحتاج دليلا
و قد يضل الإنسان بفهم خاطئ لحرف واحد فالحكم على الشيء فرع عن تصوره.
تمعن معى هذه الرواية الرائعه
روى أبو نعيم في كتابة «الحلية» بسنده عن الربيع بن سليمان
قال: سأل رجل من أهل بلخ الشافعي عن الإيمان
فقال للرجل: فما تقول أنت فيه؟
قال: أقول: إن الإيمان قول.
قال: ومن أين قلت؟
قال: من قول الله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ" [البقرة: 277].
فصارت الواو فصلاً بين الإيمان والعمل فالإيمان قول والأعمال شرائعه.
فقال الشافعي: وعندك الواو فصل؟
قال: نعم،
قال: فإذا كنت تعبد إلهين إلها في المشرق
وإلها في المغرب لأن الله تعالى يقول: رَبُّ الْمَشْرِقَيْنِ وَرَبُّ
الْمَغْرِبَيْنِ" [الرحمن: 17]
فغضب الرجل وقال: سبحان الله أجعلتني وثنياً؟!
فقال الشافعي: بل أنت جعلت نفسك كذلك
قال: كيف؟
قال بزعمك أن الواو فصل،
فقال الرجل: فإني أستغفر الله مما قلت بل لا أعبد إلا رباً واحداً ولا أقول بعد اليوم إن الواو فصل بل أقول إن الإيمان قول وعمل ويزيد وينقص،
قال الربيع: فأنفق على باب الشافعي مالاً عظيماً وجمع كتب الشافعي وخرج من مصر سُنياً.اهــ
فأنظر لهذا الرجل كاد يضل بحرف واحد قطعي الثبوت لكنه فهمه بغير الفهم الصحيح و لم يفهمه بغيره من النصوص الصريحة
فكيف بمن فهم حرفا ظني الثبوت بغير فهمه و عارض به غيره من النصوص الواضحة الصحيحة .
لذلك الحذر الحذر من مخالفة السلف في فهمهم
للنصوص و التريث قبل مخالفة فتاوي جمهور العلماء و تسفيههم، إن ما يفهمه
السلف بالبديهة يلزمنا عمر كامل لفهمه و إدراكه.
روي أن رجلا جاء لأبي حنيفة فقال له إن ابن أبي ليلة ـ و كان قاضيا
بالكوفة ـ جلد امرأة مجنونة ـ قالت لرجل: يا ابن الزانيين ـ حدين بالمسجد ،
و هي قائمة، فقال أبو حنفية بداهة: اخطأ من ستة أوجه.
قال ابن العربي: و هذا الذي أدركه بداهة لا يدركه بالرؤية إلا العلماء الماهرون.
قال محمد بن الحسن الحجوي رحم الله في كتابه الفكر السامي : وعن عبد الوارث بن سعد
قال: قدمت مكة فوجدت فيها أبا حنيفة وابن أبي ليلى وابن شبرمة
فسألت أبا حنيفة قلت: ما تقول في رجل باع بيعاً وشرط شرطاً؟ قال: البيع باطل والشرط باطل.
ثم أتيت ابن أبي ليلى فسألته؟ فقال: البيع جائز والشرط باطل.
ثم أتيت ابن شبرمة فسألته؟ فقال: البيع جائز والشرط جائز.
فقلت: يا سبحان الله ثلاثة من فقهاء العراق اختلفوا علي في مسألة واحدة
فأتيت أبا حنيفة فأخبرته فقال: لا أدري ما قالا حدثني عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع وشرط البيع باطل والشرط باطل.
ثم أتيت ابن أبي ليلى فأخبرته فقال: لا أدري
ما قالا حدثني هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قالت: أمرني رسول الله
صلى الله عليه وسلم أن أشتري بريرة فأعتقها البيع جائز والشرط باطل.
ثم أتيت ابن شبرمة فأخبرته فقال: لا أدري
ما قالا حدثني مسعر بن كدام عن محارب بن دثار عن جابر بن عبد الله قال:
بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم ناقة وشرط حملنا إلى المدينة. البيع
جائز والشرط جائز.
أما مالك فقد عرف الأحاديث كلها و عمل بجميعها و قسم البيع و الشرط إلى أقسام ثلاثة :
شرط يناقض المقصود كشرط العتق فيحذف.
و شرط لا تأثير له كرهن أو حميل فيجوز.
و شرط حرام كبيع جارية بشرط أنها مغنية فيبطل البيع كل،
و غيره لم يمعن النظر و لا حرر المناط.اهــ
هذه حال سلفنا الأبرار كانوا يتقون الفتوى و لا يفتون إلا بعد جمع الحديث و
فهمه و لا يفتون إلا بما صح عندهم و انظروا إلى اخلاقهم فلم يخطئ احدهم
الاخر انما عند الاختلاف اعطى كل دليله و
قال "لا ادري ما قالا".
قال النووي في مقدمته وعن ابن مسعود وابن عباس رضي الله عنهم من أفتى عن كل ما يسأل فهو مجنون .
وعن الشعبي والحسن وأبي حصين بفتح الحاء التابعيين قالوا : إن أحدكم ليفتي في المسألة ولو وردت على عمر بن الخطاب رضي الله عنه لجمع لها أهل بدر .
وعن عطاء بن السائب التابعي : أدركت أقواما يسأل أحدهم عن الشيء فيتكلم وهو يرعد ،
وعن ابن عباس ومحمد بن عجلان : إذا أغفل العالم ( لا أدري ) أصيبت مقاتله .
وعن سفيان بن عيينة وسحنون : أجسر الناس على الفتيا أقلهم علما .
وعن الشافعي وقد سئل عن مسألة فلم يجب ، فقيل له ، فقال : حتى أدري أن الفضل في السكوت أو في الجواب .
وعن الأثرم : سمعت أحمد بن حنبل يكثر أن يقول : لا أدري ، وذلك فيما عرف الأقاويل فيه .
وعن الهيثم بن جميل : شهدت مالكا سئل عن ثمان وأربعين مسألة فقال في اثنتين وثلاثين منها : لا أدري .
وعن مالك أيضا : أنه ربما كان يسأل عن خمسين مسألة فلا يجيب في واحدة منها ، وكان يقول : من أجاب في مسألة فينبغي قبل الجواب أن يعرض نفسه على الجنة والنار وكيف خلاصه ثم يجيب .
وسئل عن مسألة فقال : لا أدري ، فقيل : هي مسألة خفيفة سهلة ، فغضب وقال : ليس في العلم شيء خفيف .
وقال الشافعي : ما رأيت أحدا جمع الله تعالى فيه من آلة الفتيا ما جمع في ابن عيينة أسكت منه عن الفتيا .
وقال أبو حنيفة : لولا الفرق من الله تعالى أن يضيع العلم ما أفتيت ، يكون لهم المهنأ وعلي الوزر. اهــ
قال أبوحاتم الرازي : ( لو لم يُكتب الحديث من ستين وجهاً ما عقلناه )
و قال الإمام أحمد : ''الحديث إذا لم تجمع طرقه لم تفهمه، والحديث يفسر بعضه بعضا''
قال الشعبي : العلم ثلاثة أشبار: فمن نال شبراً منه شمخ بأنفه ، وظن أنَّه ناله ، ومن نال منه الشبر الثاني صغرت إليه نفسه ، وعلم أن لم ينله ، وأما الشبر الثالث فهيهات لا يناله أحداً أبداً .
و قال الشيخ الدكتور بكر عبد الله أبو زيد (حلية طالب العلم) : لاتكون أب شبرقيل إن العلم ثلاثة أشبار :
إذا تعلم الإنسان الشبر الأول تكبّرثم
إذا تعلم الإنسان الشبر الثاني تواضع ثم إذا تعلم الإنسان الشبر الثالث
علم أنه لا يعلم شيئاً اهــ
فمن لم يذق الحيرة في المسائل فليعلم أنه مازال في الشبر الأول و الله المستعان.