أهوال يوم القيامة - حشر الناس عراة غرلا
أهوال يوم القيامة - حشر الناس عراة غرلا
مما يدل على هول المطلع وشدته نسأل الله السلامة أن الناس يحشرون عراة كما خلقهم الله، فلا يلتفتون إلى ذلك من شدة ذلك الموقف الرهيب.
وقد تعجبت أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- من ذلك؛ حيث روى البخاري في صحيحه ) أَنَّ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تُحْشَرُونَ حُفَاةً عُرَاةً غُرْلًا، قَالَتْ عَائِشَةُ: فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، الرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ يَنْظُرُ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ؟ فَقَالَ: الْأَمْرُ أَشَدُّ مِنْ أَنْ يُهِمَّهُمْ ذَاكِ (.
وروى البخاري أيضا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا- عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: ) إِنَّكُمْ مَحْشُورُونَ حُفَاةً عُرَاةً غُرْلًا ، ثُمَّ قَرَأَ: ﴿ كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْدًا عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ ﴾ (سورة الأنبياء آية: 104) (.
قال الإمام النووي رحمه الله:
الْغُرْل: بِضَمِّ الْغَيْن الْمُعْجَمَة وَإِسْكَان الرَّاء مَعْنَاهُ: غَيْر مَخْتُونِينَ، جَمْع أَغْرَل، وَهُوَ الَّذِي لَمْ يُخْتَن،... وَالْمَقْصُود: أَنَّهُمْ يُحْشَرُونَ كَمَا خُلِقُوا لَا شَيْء مَعَهُمْ، وَلَا يُفْقَد مِنْهُمْ شَيْء، حَتَّى الْغُرْلَة تَكُون مَعَهُمْ.
وقال الحافظ ابن حجر: قَوْله (قَالَ: الْأَمْرُ أَشَدُّ مِنْ أَنْ يُهِمَّهُمْ ذَلِكَ) بِضَمِّ أَوَّله وَكَسْرِ الْهَاءِ مِنَ الرُّبَاعِيِّ يُقَالُ: أَهَمَّهُ الْأَمْرُ وَجَوَّزَ ابْن التِّين فَتْحَ أَوَّله وَضَمَّ ثَانِيهِ مِنْ هَمَّهُ الشَّيْءُ إِذَا آذَاهُ وَالْأَوَّلُ أَوْلَى وَوَقَعَ فِي رِوَايَة يَحْيَى بْن سَعِيد عَنْ حَاتِم عِنْد مُسْلِم: ) قَالَ: يَا عَائِشُ، الْأَمْرُ أَشَدُّ مِنْ أَنْ يَنْظُرَ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ"، وَفِي رِوَايَة أَبِي بَكْر بْن أَبِي شَيْبَة: "قُلْت: يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَمَا نَسْتَحْيِي؟ قَالَ: يَا عَائِشَةُ، الْأَمْرُ أَهَمُّ مِنْ أَنْ يَنْظُرَ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ (، وَلِلنَّسَائِيِّ وَالْحَاكِم مِنْ طَرِيق الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَة عَنْ عَائِشَة: ) قُلْت: يَا رَسُول اللَّه، فَكَيْف بِالْعَوْرَاتِ؟ قَالَ: ﴿ لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ ﴾ (سورة عبس آية: 37) ( وَلِلتِّرْمِذِيِّ وَالْحَاكِم مِنْ طَرِيق عُثْمَان بْن عَبْد الرَّحْمَن الْقُرَظِيِّ: ) قَرَأَتْ عَائِشَةُ: ﴿ وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَادَى كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ ﴾ (سورة الأنعام آية: 94) فَقَالَتْ: وَاسَوْأَتَاهْ، الرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ يُحْشَرُونَ جَمِيعًا يَنْظُرُ بَعْضُهُمْ إِلَى سَوْأَةِ بَعْضٍ؟ فَقَالَ: ﴿ لِكُلِّ امْرِئٍ ﴾ (سورة عبس آية: 37) الْآيَةَ (، وَزَادَ: ) لَا يَنْظُرُ الرِّجَالُ إِلَى النِّسَاءِ وَلَا النِّسَاءُ إِلَى الرِّجَالِ شُغِلَ بَعْضُهُمْ عَنْ بَعْضٍ ( وَلِابْنِ أَبِي الدُّنْيَا مِنْ حَدِيث أَنَس قَالَ: ) سَأَلَتْ عَائِشَةُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: كَيْف يُحْشَرُ النَّاسُ؟ قَالَ: حُفَاةً عُرَاةً. قَالَتْ: وَاسَوْأَتَاه، قَالَ: قَدْ نَزَلَتْ عَلَيَّ آيَةٌ لَا يَضُرُّك كَانَ عَلَيْك ثِيَاب أَوْ لَا: ﴿ لِكُلِّ امْرِئٍ ﴾ (سورة عبس آية: 37) ( وَفِي حَدِيث سَوْدَةَ عِنْد الْبَيْهَقِيِّ وَالطَّبَرَانِيِّ نَحْوه أَخْرَجَاهُ مِنْ طَرِيق أَبِي أُوَيْسٍ عَنْ مُحَمَّد بْن أَبِي عَيَّاش عَنْ عَطَاء بْن يَسَار عَنْهَا وَأَخْرَجَهُ ابْن أَبِي الدُّنْيَا وَالطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَط مِنْ رِوَايَة عَبْد الْجَبَّارِ بْن سُلَيْمَان عَنْ مُحَمَّد بِهَذَا الْإِسْنَاد فَقَالَ: "عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ" بَدَلَ سَوْدَةَ.