<blockquote>
س: تقدم إلى خطبة
ابنتي شاب عرفت من تاريخه أنه
شيوعي، ولا زال مصرا على شيوعيته،
فهل يجوز لي شرعا أن أزوجه ابنتي،
نظرا لأنه -من الناحية الرسمية-
يدين بالإسلام وأسرته مسلمة،
ويحمل اسما إسلاميا، أم يجب علي أن
أرفضه، لفساد عقيدته؟ ولكم الشكر.
ج : من الواجب
علينا -قبل إجابتنا على هذا السؤال-
أن نقدم نبذة موجزة عن موقف
الشيوعية من الدين، لكي يكون
المستفتي على بصيرة من الأمر.
الشيوعية
مذهب مادي، لا يعترف إلا بكل ما هو
مادي محس، ويجحد كل ما وراء
المادة، فلا يؤمن بالله، ولا يؤمن
بالروح، ولا يؤمن بالوحي، ولا يؤمن
بالآخرة، ولا يؤمن بأي نوع من
أنواع الغيب، وبهذا ينكر الأديان
جملة وتفصيلا، ويعتبرها خرافة من
بقايا الجهل والانحطاط
والاستغلال، وفي هذا قال مؤسس
الشيوعية كارل ماركس كلمته
المعروفة: الدين أفيون الشعوب،
وأنكر على الذين قالوا: إن الله خلق
الكون والإنسان فقال متهكما: إن
الله لم يخلق الإنسان، بل العكس هو
الصواب، فأن الإنسان هو الذي خلق
الله. أي اخترعه بوهمه وخياله.
وقال
لينين: إن حزبنا الثوري لا يمكن أن
يقف موقفا سلبيا من الدين، فالدين
خرافة وجهل.
وقال
ستالين: نحن ملحدون، ونحن نؤمن أن
فكرة "الله" خرافة، ونحن نؤمن
بأن الإيمان بالدين يعرقل تقدمنا،
ونحن لا نريد أن نجعل الدين مسيطرا
علينا لأننا لا نريد أن نكون سكارى.
هذا
هو رأي الشيوعية وزعمائها في
الدين، ولهذا لم يكن غريبا أن نرى
دستور الحزب الشيوعي ودستور
الشيوعية الدولية يفرضان على كل
عضو في الحركة الشيوعية أن يكون
ملحدا، وأن يقوم بدعاية ضد الدين.
ويطرد الحزب من عضويته كل فرد
يمارس شعائر الدين، وكذلك تنهى
الدولة الشيوعية خدمات كل موظف
يتجه هذا الاتجاه.
ولو
صح جدلا أن شيوعيا أخذ من الشيوعية
جانبها الاجتماعي والاقتصادي فقط،
دون أساسها الفكري والعقائدي -كما
خيل للبعض وهو غير واقع ولا معقول-
لكان هذا كافيا في المروق من
الإسلام والارتداد عنه، لأن
للإسلام تعاليم محكمة واضحة في
تنظيم الحياة الاجتماعية
والاقتصادية ينكرها النظام
الشيوعي إنكارا، كالملكية الفردية
والميراث والزكاة، وعلاقة الرجل
بالمرأة..الخ.. وهذا الأحكام مما
علم بالضرورة أنه من دين الإسلام،
وإنكاره كفر بإجماع المسلمين.
هذا
إلى أن الشيوعية مذهب مترابط، لا
يمكن الفصل بين نظامه العملي
وأساسه العقائدي والفلسفي بحال.
وإذا
كان الإسلام لم يجز للمسلمة أن
تتزوج بأحد من أهل الكتاب -نصراني
أو يهودي- مع أن الكتابي مؤمن بالله
وكتبه ورسله واليوم الآخر في
الجملة، فكيف يجيز أن تتزوج رجلا
لا يدين بألوهية ولا نبوة ولا
قيامة ولا حساب؟
إن
الشيوعي الذي عرفت شيوعيته يعتبر
في حكم الإسلام مارقا مرتدا
زنديقا، فلا يجوز بحال أن يقبل أب
مسلم زواجه من ابنته، ولا أن تقبل
فتاة مسلمة زواجها منه وهي ترضى
بالله ربا، وبالإسلام دينا،
وبمحمد رسولا، وبالقرآن إماما.
وإذا
كان متزوجا من مسلمة وجب أن يفرق
بينه وبينها، وأن يحال بينه وبين
أولاده، حتى لا يضلهم، ويفسد عليهم
دينهم.
وإذا
مات هذا مصرا على مذهبه فليس بجائز
أن يغسل، أو يصلى عليه، أو يدفن في
مقابر المسلمين.
وبالجملة
يجب أن تطبق عليه في الدنيا أحكام
المرتدين والزنادقة في شريعة
الإسلام، وما ينتظره من عقاب الله
في الآخرة أشد وأخزى (ولا يزالون
يقاتلونكم حتى يردوكم عن دينكم إن
استطاعوا، ومن يرتد منكم عن دينه
فيمت وهو كافر فأولئك حبطت أعمالهم
في الدنيا والآخرة وأولئك أصحاب
النار هم فيها خالدون
</blockquote>