7) استكمال الإيمان :
عن أبي أمامة رضي الله عنه قال : قال رسول الله
صلى الله عليه و سلم : " من أحبّ لله ، و أبغض لله ، و أعطى لله ، و منع
لله ، فقد استكمل الإيمان " (رواه أبو داود بسند حسن)
دخول الجنة:
عن
أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " لا
تدخلون الجنة حتى تؤمنوا و لا تؤمنوا حتى تحابوا ، أولا أدلّكم على شيء إذا
فعلتموه تحاببتم أفشوا السلام بينكم " (رواه مسلم)
9) قربهم من الله تعالى و مجلسهم منه يوم القيامة :
عن
أبي مالك الأشعري قال : " كنت عند النبي صلى الله عليه و سلم فنزلت عليه
هذه الآية :" يا أيها الذين آمنوا لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم"
(المائدة 101) قال : فنحن نسأله إذ قال : 3 إنّ لله عبادا ليسوا بأنبياء و
لا شهداء ، يغبطهم النبيون و الشهداء بقربهم و مقعدهم من الله يوم القيامة ،
قال : و في ناحية القوم أعرابي فجثا على ركبتيه و رمى بيديه ، ثم قال :
حدثنا يا رسول الله عنهم من هم ؟ قال : فرأيت في وجه النبي صلى
الله
عليه و سلم البِشر ، فقال النبي صلى الله عليه و سلم : " هم عباد من عباد
الله من بلدان شتى ، و قبائل شتى من شعوب القبائل لم تكن بينهم أرحام
يتواصلون بها ، و لا دنيا يتباذلون بها ، يتحابون بروح الله ، يجعل الله
وجوههم نورا و يجعل لهم منابر من لؤلؤ قدام الناس ، و لا يفزعون ، و يخاف
الناس و لا يخافون " (رواه أحمد و الحاكم و صححه الذهبي )
10) وجوههم نورا يوم القيامة :
من الحديث السابق في قوله :" يجعل الله وجوههم نورا"
11) لهم منابر من لؤلؤ:
نفس الحديث السابق في قوله :" يجعل لهم منابر من لؤلؤ قدام الناس "
12) لهم منابر من نور :
و
في حديث ابن عمر رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
" إنّ لله عبادا ليسوا بأنبياء و لا شهداء يغبطهم الشهداء و النبيون يوم
القيامة لقربهم من الله تعالى ، و مجلسهم منه " ، فجثا أعرابي على ركبتيه
فقال : يا رسول الله صفهم لنا و جلِّهم لنا ؟قال:" قوم من أقناء الناس من
نزّاع القبائل ، تصادقوا في الله و تحابّوا فيه ، يضع الله عزّ و جلّ لهم
يوم القيامة منابر من نور ، يخاف الناس و لا يخافون ، هم أولياء الله عزّ و
جلّ الذين لا خوف عليهم و لا هم يحزنون " ( أخرجه الحاكم و صححه الذهبي )
13) يغبطهم الأنبياء و الشهداء يوم القيامة:
من
الحديثين السابقين : حديث الأشعري و ابن عمر رضي الله عنهم في قوله صلى
الله عليه و سلم:" يغبطهم الشهداء و النبيون يوم القيامة لقربهم من الله
تعالى ،و مجلسهم منه "
14) تسميتهم بأولياء الله :
من حديث ابن عمر السابق في قوله صلى الله عليه و سلم :" هم أولياء الله عز و جل "
15) انتفاء الخوف و الحزن عنهم يوم القيامة :
من
الحديثين السابقين : حديث الأشعري و ابن عمر رضي الله عنهم : " لا خوف
عليهم و لا هم يحزنون " و قوله " و لا يفزعون ، و يخاف الناس و لا يخافون "
16) أنّ المرء بمحبته لأهل الخير لصلاحهم و استقامتهم يلتحق بهم و يصل إلى مراتبهم ، و إن لم يكن عمله بالغ مبلغهم :
عن
ابن مسعود رضي الله عنه قال:جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم
فقال: يا رسول الله ،كيف تقول في رجل أحبّ قوما ولم يلحق بهم ؟ قال :
"المرء مع من أحبّ" (الصحيحان)
و في الصحيحين أيضا عن أنس رضي الله عنه
أنّ رجلا سأل النبي صلى الله عليه و سلم متى الساعة ؟ قال : " ما أعددت
لها ؟ " قال : ما أعددت لها من كثير صلاة و لا صوم و لا صدقة ، و لكني أحبّ
الله و رسوله، قال :" أنت مع من أحببت" ، قال أنس : فما فرحنا بشيء فرحنا
بقول النبي صلى الله عليه و سلم :"أنت مع من أحببت" فأنا أحب النبي صلى
الله عليه و سلم و أبا بكر و عمر ، و أرجو أن أكون معهم بحبي إياهم ، و إن
لم أعمل بمثل أعمالهم
وعن علي رضي الله عنه مرفوعا:"لا يحب رجل قوما إلا حشر معهم"( الطبراني في الصغير)
________________________________________
من يختار للمحبة و الصحبة
قال القرافي :" ما كل أحد يستحق أن يعاشر و لا يصاحب و لا يسارر "
و
قال علقمة : اصحب من إن صحبته زانك ، و إن أصابتك خصاصة عانك و إن قلت
سدّد مقالك ، و إن رأى منك حسنة عدّها ، و إن بدت منك ثلمة سدّها ، و إن
سألته أعطاك ، و إذا نزلت بك مهمة واساك ، و أدناهم من لا تأتيك منه
البوائق ، و لا تختلف عليك منه الطرائق
و يقول الشيخ أحمد بن عطاء :
مجالسة الأضداد ذوبان الروح ، و مجالسة الأشكال تلقيح العقول ، و ليس كل
من يصلح للمجالسة يصلح للمؤانسة ، و لا كل من يصلح للمؤانسة يؤمن على
الأسرار ، و لا يؤمن على الأسرار إلا الأمناء فقط
و يكفي في
مشروعية التحري لاختيار الأصدقاء قوله صلى الله عليه و سلم : " المرء على
دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل " (رواه أبو داود و غيره)
قال الأوزاعي : الصاحب للصاحب كالرقعة للثوب ، إذا لم تكن مثله شانته
قيل
لابن سماك : أيّ الإخوان أحقّ بإبقاء المودة؟قال:الوافر دينه ، الوافي
عقله ، الذي لا يملَّك على القرب ،و لا ينساك على البعد ،إن دنوت منه داناك
، و إن بعدت منه راعاك ، و إن استعضدته عضدك ،و إن احتجت إليه رفدك،و تكفي
مودة فعله أكثر من مودة قوله
و قال بعض العلماء : لا تصحب إلا أحد
رجلين : رجل تتعلّم منه شيئا في أمر دينك فينفعك ، أو رجل تعلمه شيئا في
أمر دينه فيقبل منك ، و الثالث فاهرب منه
قال علي رضي الله عنه :
إنّ أخاك الصِّدق من كان معك *** و من يضُرُّ نفسه لينفعك
و من إذا ريب الزّمان صدعك *** شتّت نفسه ليجمعك
و
قال بعض الأدباء:لا تصحب من الناس إلا من يكتم سرّك،و يستر عيبك، فيكون
معك في النوائب،و يُؤثرك بالرّغائب،و ينشر حسنتك،و يطوي سيّئتك ، فإن لم
تجده فلا تصحب إلا نفسك
و قد ذكر العلماء فيمن تُؤثر صحبته و محبته خمس خصال :
أن يكون عاقلا ، حسن الخلق ، غير فاسق ، و لا مبتدع ، و لا حريص على الدنيا
1) أما العقل : فهو رأس المال و هو الأصل فلا خير في صحبة الأحمق
قال علي رضي الله عنه :
فلا تصحب أخا الجهل *** و إياك و إياه
فكم من جاهل أردى *** حليما حين آخاه
يُقاس المرء بالمرء *** إذا ما المرء ماشاه
و للشيء على الشيء *** مقاييس و أشباه
و للقلب على القلب *** دليل حين يلقاه
و العاقل الذي يفهم الأمور على ما هي عليه ، إما بنفسه و إما إذا فُهِّم
2)
أما حسن الخلق : فلا بدّ منه إذ ربّ عاقل يدرك الأشياء على ماهي عليه ، و
لكن إذا غلبه غضب أو شهوة أو بُخل أو جبن أطاع هواه ، و خالف ما هو المعلوم
عنده ، لعجزه عن قهر صفاته ، و تقويم أخلاقه ، فلا خير في صحبته
قال
أبو حاتم ابن حبان رحمه الله : الواجب على العاقل أن يعلم أنه ليس من
السرور شيء يعدل صحبة الإخوان ، و لا غم يعدل غم فقدهم ، ثم يتوقى جهده
مفاسدة من صافاه ، و لا يسترسل إليه فيما يشينه،و خير الإخوان من إذا عظمته
صانك ،و لا يعيب أخاه على الزّلّة،فإنه شريكه في الطبيعة، بل يصفح،و ينتكب
محاسدة الإخوان،لأن الحسد للصديق من سقم المودة ،كما أن الجود بالمودة
أعظم البذل ، لأنه لا يظهر ودّ صحيح من قلب سقيم
3) أما الفاسق : فلا فائدة في صحبته ، فمن لا يخاف الله لا تؤمن غائلته و لا يوثق بصداقته ، بل يتغيّر بتغيّر الأعراض
قال تعالى :" و لا تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا واتّبع هواه " ( الكهف 28)
و قال تعالى :"فأعرض عمّن تولّى عن ذكرنا و لم يرد إلا الحياة الدنيا"(النجم 29) ، و قال النبي صلى الله عليه
و سلم :"لا تصاحب إلا مؤمنا و لا يأكل طعامك إلا تقي "( رواه الترمذي و أبو داود)
قال
أبو حاتم رحمه الله في"روضة العقلاء":"العاقل لا يصاحب الأشرار،لأن صحبة
صاحب السوء قطعة من النار،تعقب الضغائن، لا يستقيم ودّه ، و لا يفي بعهده ،
و إن من سعادة المرء خصالا أربعا:أن تكون زوجته موافقة ، وولده أبرار ، و
إخوانه صالحين ،و أن يكون رزقه في بلده .و كل جليس لا يستفيد المرء منه
خيرا ، تكون مجالسة الكلب خيرا من عشرته ،و من يصحب صاحب السوء لا يسلم،كما
أن من يدخل مداخل السوء يتهّم "
قال بعضهم :
ابل الرجال إذا أردت إخاءهم *** و توسّمنّ أمورهم و تفقّد
فإذا ظفرت بذي الأمانة و التُّقى *** فبه اليدين قرير عين فاشدد
4) أما المبتدع : ففي صحبته خطر سراية البدعة و تعدي شؤمها إليه ، فالمبتدع مستحق للهجر و المقاطعة ، فكيف تؤثر صحبته
5)
أما الحريص على الدنيا : فصحبته سمّ قاتل ، لأنّ الطّباع مجبولة على
التشبّه و الاقتداء ، بل الطبع يسرق من الطبع من حيث لا يدري صاحبه ،
فمجالسة الحريص على الدنيا تحرّك الحرص ، و مجالسة الزاهد تزهدّ في الدّنيا
، فلذلك تكره صحبة طلاب الدنيا ، و يستحب صحبة الراغبين في الآخرة
الناس شتىّ إذا ما أنت ذقتهم *** لا يستوون كما لا يستوي الشّجر
هذا له ثمر حلو مذاقته *** و ذاك ليس له طعم و لا ثمر
________________________________________