حفيد الصحابهالمدير العام
المهنة :
الجنس :
علم الدوله :
تاريخ التسجيل : 12/10/2009
عدد المساهمات : 15075
| #1موضوع: صفحات من سيرة عمر بن عبدالعزيز رحمه الله 1434/2/8هـ الأربعاء ديسمبر 26, 2012 1:27 am | |
| صفحات من سيرة عمر بن عبدالعزيز رحمه الله 1434/2/8هـ ا لخطبة الأولى 8/2/1434هـ ( عمر بن عبدالعزيز رحمه الله)
الحمد لله الذي أظهر دينه المبين ، ومنعه بسياج متين ،.أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، سخَّر لدينه رجالاً قام بهم و قاموا به ، واعتزَّ بدعوتهم وجهادهم و اعتزوابه ، وأشهد أن نبينا محمداً عبده ورسوله ، كان يربّي ويعلّم ويدعو ، ويصوم ويقوم ويغزو .صلوات ربي وسلامه عليه ، وعلى آله وأصحابه الطيبين الطاهرين وتابعيهم بإحسان إلى يوم الدين . أيها المؤمنون أقدم اليوم رمزًا من رموز المتقين أهل العدالة على مر تاريخ الإنسانية، أقدمه لكم غضًّا طريًّا، وأنا أشعر بالحرج، لأنني مهما قلت، فسوف أقصر في سيرته وترجمته، إنه حياة لضمير الأجيال، إنه رمز لعدالة الإسلام.كان واليًا تحبه الرعية كأجل ما تحب الرعية الولاة، لأنه لم يفعل ما يدعو إلى السخط والبغض، ولأنه كان يتقي الله في أمة محمد صلى الله عليه وسلم، ولأنه جعل القرآن قائده، والتقوى رائده، ولأنه كان يُعظِّم سنة النبي صلى الله عليه وسلم، ويحب الفقراء والمساكين
أحبتي في الله : كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يعس ليلا في المدينة يتحسس أحوال الرعية ، فتلك هي مسئولية الحاكم المؤمن الذي يخاف عقاب الله ويرجو ثوابه وكان يسير معه مولاه أسلم فسمع امرأة تقول لفتاة لها وقد ظنت ألا يسمعها أحد:قومي إلى ذلك اللبن فامذقيه بالماء .فقالت الفتاة:أوما علمت أن أمير المؤمنين عمر نهى عن مذق اللبن بالماء .قالت المرأة: قومي إلى اللبن فامذقيه بالماء فإنك بموضع لا يراك عمر قالت الفتاة: إن كان عمر لا يراني فإن رب عمر يراني.وهنا عجب عمر من قولها وقوة إيمانها ومخالفتها أمها التي أرادتها على المعصية مع فقرها وحاجتها إلى المال.فقال عمر لمولاه أسلم .علم الباب يا أسلم واعرف المكان .وفي الصباح أرسل أسلم ليعرف له القائلة والمقول لها، فأخبره بأنها فتاة من بني هلال تعيش هي وأمها في ذلك البيت وليس لهما من عائل .فجمع عمر أولاده على الفور وقال لهم:هل فيكم من يحتاج إلى امرأة أزوجه؟ ولو كان بأبيكم قدره ما سبقه أحد منكم إلى هذه الجارية فقال له عاصم : يا أبت، إنه لا زوجة لي فزوجني .فقال له عمر :اذهب يا بني فتزو جها فما أحراها أن تأتي بفارس يسود العرب فتزوجها عاصم فولدت له أنثى لقبت بأم عاصم ، فتربت في بيت الزهد والتقشف فنشأت كما نشأوا وتعلمت رواية الحديث من أبيها وجدها حتى قدر الله أن تزوجها عبد العزيز بن مروان وكان واليا على مصر فولدت له أربعة أبناء منهم عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه ولد عمر بمصر بحلوان وأبوه أمير عليها سنة إحدى وقيل ثلاث وستين وأمه أم عاصم بنت عاصم بن عمر بن الخطاب رضي الله عنه وتربى في عز من الملك وبحبوحة من العيش ثم ذهب إلى المدينة المنورة مع أمه لزيارة أخواله ومكث ما شاء الله أن يمكث بها فأرسل والده إلى زوجته بالقدوم عليه ومعها ابنها إلا أنها استشارت عمها عبد الله بن عمر في ذلك فأشار عليها بالذهاب وحدها وترك عمر في المدينة ليتعلم العلم ويتأدب بأدبها . كان ابن الخطاب قد رأى رؤيا فقام وهويقول: من هذا الذي يكون أشج من ولدي ويسير بسيرتي
وانتظر هذه الرؤيا كثير من الناس وكان الحجاج بن يوسف يفزع عند ذكر تلك الرؤيا ويخاف أن تتحقق في حياته وفي إحدى زيارات عمربن عبدالعزيز لأبيه في مصر دخل بصحبة أخ له اصطبل الخيل ينتقل فيه من مكان إلى مكان بين الخيول الكثيرة ورفسته بغلة فشجت جبهته وسال الدم منها غزيرا فلم يصح أخوه بل ظل يضحك ضحكا عاليا حتى اجتمع الناس حوله وعلموا بالأمر فأسرع والداه وأخذا بيده وتعجبوا من ضحك أخيه فانتهره أبوه ولكنه صاح قائلا: الله أكبر هذا أشج بني مروان الذي يملك فتنبه عبد العزيز بن مروان وقال لزوجته أم عاصم فرحا:ويحك إنه أشج بني مروان وإنه لسعيد ومنذ ذلك الحين أطلق على عمر أشج بني مروان أو بني أمية أو أشج قريش
ذهب عمر إلى المدينة فقد كان لها محبا وبها خالط العلماء وأخذ عنهم وأقبل على حفظ القرآن والحديث وروى عن كثير من الصحابة وأعلام التابعين حتى صار حجة في العلم يفتي العلماء والعامة على السواء وقد قال عمرو بن ميمون : كانت العلماء مع عمر بن عبد العزيز تلامذة
ثم فكر في الزواج فتقدم إلى عمه عبد الملك بن مروان للزواج من ابنته فاطمة وكان عبدالملك يفكرفيه ففرح عمر فرحا شديدا وقال :- وصلك الله يا أمير المؤمنين فقد أجزلت وكفيت فسر عبد الملك وأعجب برده وجوابه وأبدى له استحسانه وفي يوم دخل عمر على عمه عبدالملك وعنده أولاده فقال :يا عمر كم نفقتك ؟ فقال عمر:الحسنة بين السيئتين يا أمير المؤمنين قال :وما هي؟قال :{ وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَٰلِكَ قَوَامًا }فقال عبد الملك لأولاده ومن علمه هذا ؟
مات عبد العزيز بن مروان وكانت له ولاية العهد بعد عبد الملك إلا أن عبد الملك جعل ولاية العهد لابنه الوليد ثم سليمان
وجعل عمر بن عبد العزيز أميرا على خناصرة سنة خمس وثمانين للهجرة وهي بلدة في حلب قريبة من البادية
وظل على إمارتها حتى وفاة عبد الملك وفي عهد الوليد ولاه المدينة في شهر ربيع الأول من سنة سبع وثمانين للهجرة ، فدخلها في موكب عظيم يتألف من ثلاثين بعيرا ، وفرح أهلها بلقائه وحل في دار جده مروان ، وسلم الناس عليه بالإمارة ورحبوا به ترحيبا كبيرا فقد عقدوا عليه الأمل في إزاحة الظلم عنهم وقرب عمر الفقهاء إليه وكون منهم مجلسا استشاريا يأخذ برأيهم ولا يقطع أمرا دونهم ، ويراقبون المظالم ويكونون عونا للحق والعدل وتقواهم ،
كان عمر في شبابه يلبس من الثياب الناعم منها حتى إذا لبسها مرة تركها إلى غيرها يقول السيوطي كان قبل الخلافة على قدم الصلاح أيضا إلا أنه كان يبالغ في التنعم فكان الذين يعيبونه من حساده لا يعيبونه إلا بالإفراط في التنعم والاختيال في المشية وكان يتطيب من أحسن الطيب حتى أن الناس كانوا يذهبون إلى المغسلة لغسل ثيابهم مكان ثيابه حتى ينالها من طيبه وعطره
وما زال الفقهاء بعمر حتى أزاحوا عنه تلك القشرة الخارجية ، وكشفوا عن معدنه الأصيل الثمين بالتعاون مع مزاحم مولاه حتى استيقظ الإيمان في نفسه والخوف من الله سبحانه وتعالى وعقابه حتى لقد قال عمر :إن أول من أيقظني لهذا الشأن مزاحم ، فوالله ما هو إلا أن قال ذلك حتى كشف عن وجهي الغطاء فأصبح يميل إلى الحق وإلى الخوف والخشية من الله ، فإذا وعظه واعظ بكى واستغفر،
وأراد الوليد أن يصل إلى ما لم يستطع عبد الملك أن يصل إليه من توسعة المسجد النبوي ، فكتب إلى عمر وهو يثق من قيامه بهذه المهمة خير قيام فجمع عمر الفقهاء وأعلمهم بما قال الوليد ، فوافقوا على قوله ، ورضي الناس حين رضي الفقهاء وأدخلت بيوت أمهات المؤمنين التسعة في المسجد واشترى عمرماجاورالمسجد وتم البناء وزخرف وزين وقدمت القبلة وجوف المحراب ورفعت المنارة وقام الوليد بزيارة المدينة فتلقاه عمر بموكب حافل من وجهاء المدينة وقصد الوليد المسجد ينظر إلى بنائه وتشييده وأخلي المسجد من الناس إلا من سعيد بن المسيب رحمه الله فقد بقي يكمل حزبه
لقد كان الحجاج يحقد على عمر بن عبد العزيز حقدا شديدا ، وصار يتحين الفرصة المناسبة للإيقاع به عند الخليفة وقد واتته تلك الفرصة وذلك أنه بعد وقام الوليد بزيارة للمدينة غضب أهلها عليه لأسباب كثيرة منها : أنه جرهم وراءه مشيا لدعوتهم إلى الفداء ومنها أنه أراد إخلاء المسجد من الناس حتى يكون له وحده ساعة دخوله ، ومنها أنه وزع الأموال على الأغنياء وترك الفقراء ، فعندما علم أهل العراق بغضب أهل المدينة لجئوا إليهم فارين من ظلم الحجاج بن يوسف الثقفي ، فزاد الأمور تعقيدا عزل الحجاج عن طريق المدينة المؤدي إلى مكة برأي عمر
وما زال الحجاج بالوليد حتى أوغر صدره على عمر فقررعزله عن إمارة المدينة فوصله الخبروأقبل الوالي الجديد للمدينة
وهو يتهددهم ويتوعدهم وأرسل حراسه يبحثون عن العراقيين ويسوقونهم إلى السجن أما عمر فقد خرج ليلا من المدينة هوومزاحم خفية عن أعين الناس وتذكر حين خروجه قول رسول الله صلى الله عليه وسلم : والذي نفس محمد بيده ما خرج أحد من المدينة رغبة عنها إلا أبدلها الله خيرا منه أو ماله ، وتذكر أيضا قوله صلى الله عليه وسلم : المدينة تنفي خبثها فاضطرب وقال : يا مزاحم نخاف أن نكون ممن نفته المدينة وفي الموطأ أن عمر بن عبد العزيز حين خروجه من المدينة التفت إليها ثم بكى وقال : يا مزاحم : أتخشى أن نكون ممن نفته المدينة وواصل رحلته حتى وصل قرب دمشق وأقام بالسويداء بمقاطعة له بعيدا عن الضوضاء وجلس عمر في مقاطعته بالسويداء وراجع نفسه وما حوله فوجد العالم الإسلامي يموج في بحر متلاطم من الظلم والجور ، فالولاة يظلمون الناس وينهبون أموالهم ويأكلونها ظلما وعدوانا ولا رقيب عليهم ولا حسيب ، والوليد يسمع ويرى ويعينهم على ظلمهم وبغيهم ، وقد أطلق يد الحجاج في قصف رقاب العباد وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق ومن أجل هذا كله فكر عمر ثم رأى أن من واجبه أن يتحرك وأن ينصح الخليفة فإذا لم يسمع النصيحة ويستجب لها يكون قد أدى ما عليه تجاه دينه ولا يهمه أغضب الخليفة أم رضي ، ما دام قد أوصل كلمة الحق إليه وأعلنها صريحة مدوية ليبرئ ذمته أمام الله يوم القيامة
وقدم النصيحة للخليفة بأن لايقتل أحد إلا بعلمه وأمره ولكن بقي الأمر على ماخطط له الماكر الحجاج حتى مات وحزن عليه الخليفة أما عمر بن عبدالعزيز رحمه الله فقد سجدلله شكرا أن خلصهم من هذا الطاغية الباغي ثم مات من بعده الخليفة الوليد بن عبدالملك بأرض فلسطين ثم تولى الخلافة سليمان بن عبدالملك من بعده وبايعه عمر ثم جعله من المقربين والمستشارين وقد كان رجلا صالحا يسمع النصح
وحج عمر مع سليمان وفي عرفات أبرقت السماء وأرعدت حتى كاد البرق يخطف أبصارهم فخاف سليمان كما خاف أهل الموقف جميعا إلا أن عمر قال: يا أمير المؤمنين هذه رحمة الله قد أفزعتك فكيف لو جاءك عذابه
ومرض سليمان بن عبد الملك فلما أيقن بالموت قال لرجاء بن حيوة إنه منذ مات ابني أيوب لم أجد بعده من يصلح للخلافة من أولادي ] ودنا الموت فقلق سليمان وأمر رجاء بن حيوة أن يعرض عليه أولاده في السيوف ودروع القتال لعله يرى في أحدهم مخايل رجولة أو شجاعة فيوصي له بالخلافة ، فقال سليمان :إن بني صبية صغار أفلح من كان له كبارفقال له عمر بن عبد العزيز : يقول الله تعالى:{ قد أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّىٰ} وأعاد عمر قول الله تعالى حين أعاد سليمان قوله فاتعظ سليمان ، ثم نوى في نفسه ليعقدن عقدا لا يكون فيه للشيطان نصيب
وفي مكة أحس بمرض الموت فاستشار الوزير رجاء بن حيوة بمن يعهد له بالخلافة فأشار عليه بـ عمر بن عبدالعزيز رحمه الله ولكن كيف يعهد له بها مع وجود إخوانه وبني عمومته ؟ فكتب كتابا يعهد لـ عمر بالخلافة ثم طواه وجمع قرابته
فطلب إليهم أن يبايعوا لمن في العهد المطوي المختوم فبايعوا وأسلمه لرجاء ولما مات سليمان بايع الناس مرة أخرى الخليفة الجديد ولكن كانت المفاجئة لهم لما فتحوا الكتاب فوجدوا أن سليمان قد عهد بالخلافة لـ عمررحمه الله
أما عمر فقد انصدع قلبه من البكاء، وهو في الصف الأول، فأقامه العلماء على المنبر وهو يرتجف، ويرتعد، وأوقفوه أمام الناس، فأتى ليتحدث فما استطاع أن يتكلم من البكاء قال لهم: بيعتكم بأعناقكم لا أريد خلافتكم فبكى الناس وقالوا: لا نريد إلا أنت، فاندفع يتحدث، فذكر الموت، وذكر لقاء الله وذكر مصارع الغابرين حتى بكى من بالمسجد. يقول رجاء بن حيوة: والله لقد كنت أنظر إلى جدران مسجد بني أمية ونحن نبكي هل تبكي معنا!وقال :والله إن هذا الأمر ما سألته قط ومشى إليه رجاء مسلما بالإمارة طالبا إليه أن يقوم إلى المنبر فقال عمر: أنشدك الله يارجاء فقال له :أناشدك الله أن يضطرب بالناس حبل وأخذ بيد رجاء وأصعده المنبر فجلس طويلا لا يتكلم والناس في لهفة ينتظرون فلما تكلم خلع نفسه وأراد الناس أن يختاروا رجلا آخر ولكن الناس ضجوا وهاجوا وماجوا وصاحوا قائلين:قد اخترناك ورضينا بك فل أمرنا باليمن والبركة
وخطب عمر خطبة قال فيها : أيها الناس إنه لا كتاب بعد القرآن ولا نبي بعد محمد عليه الصلاة والسلام ألا وإني لست بفارض ولكني منفذ ولست بمبتدع ولكني متبع ولست بخير من أحدكم ولكني أثقلكم حملا ألا لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق وكان ذلك في يوم الجمعة لعشر مضت من صفر سنة تسع وتسعين
ونام القيلولة في اليوم الأول، فأتاه ابنه الصالح عبد الملك بن عمر بن عبد العزيز فقال: يا أبتاه تنام وقد وليت أمر أمة محمد، فيهم الفقير والجائع والمسكين والأرملة، كلهم يسألونك يوم القيامة، فبكى عمر واستيقظ. وتوفي ابنه هذا قبل أن يكمل العشرين.
ويهم عمر بمغادرة المسجد بعد انتهاء الخطبة فإذا بموكب الخلفاء ينتظره عند الباب خيول ومراكب ، وسرادقات وفرسان وصخب فيشيح عن هذا كله ويقول : إيتوني ببغلتي ويجتاز الطريق من المسجد صوب الدار فإذا بالطريق مغطى بالفرش والسجاد الذي لم يستعمل من قبل ، والذي كان من تقاليد بني مروان أن يضعوه لكل خليفة جديد كي تطأه قدماه أول ما تطأ فجعل عمر يركله برجله حتى يفضي إلى الحصير ويلتفت إلى مزاحم قائلا : ضم هذا لأموال المسلمين .ويتقدم إليه أهل سليمان قائلين : هذا لنا وهذا لك . فيجيبهم قائلا : ما هذا لي ولا لسليمان ولا لكم ، ولكن يا مزاحم ضم هذا لبيت مال المسلمين .وكتب إلى علماء العالم الإسلامي رسالة، إلى من؟ إلى الحسن البصري، ومُطرّف بن عبد الله بن الشّخِّير، وسالم بن عبد الله بن عمر؛ أن اكتبوا لي كتبًا انصحوني وعِظوني، قبل أن ألقى الله ظالماً، فكتبوا له رسائل، تتقطع منها القلوب، وتشيب لها الرؤوس.وخوّفوه ووعدوه
وأتى بمزاحم مولاه، وهو مولىً أسود، قوي البُنية، يخاف الله. قال: يا مزاحم، والله إني أحبك في الله، أنت وزيري. قال: ولِم يا أمير المؤمنين، قال: رأيتك يومًا من الأيام تصلي وحدك في الصحراء صلاة الضحى، لا يراك إلا الله. ورأيتك يا مزاحم تحب القرآن، فكن معي، قال: أنا معك. واستدعى مهاجرًا أحد الوزراء وقال: كن بجانبي فإذا رأيتَني ظلمت مسلمًا أو انتهكت عرضاً، أو شتمت مؤمناً، فخذ بتلابيب ثوبي وقل: اتق الله يا عمر فكان وزيره مهاجر يهزه دائمًا ويقول: اتق الله يا عمر.
ثم يتفرس عمر في وجوه الحرس فيرى عمرو بن مهاجر الأنصاري وكان تقيا : فقال له عمر حين رآه : والله إنك لتعلم يا عمرو أنه ما بيني وبينك قرابة إلا قرابة الإسلام ، ولكني قد سمعتك تكثر تلاوة القرآن ورأيتك تصلي في موضع تظن أن لا يراك أحد فرأيتك حسن الصلاة . خذ هذا السيف وقد وليتك حرسي
هذا الشاب الذي كان يلبس الحلة بألف دينار ولا يلبسها إلا مرة واحدة ،نراه بعد أن تولى الخلافة وتحمل المسئولية لا يلبس إلا قميصا واحدا ، وينظر فيرى زوجته فاطمة بنت عبد الملك تلبس عقدا رائعا من جوهر ثمين كان أبوها عبد الملك قد أهداها إياه ، فيتقدم إليها ويضعها أمام اختيار صعب قال : اختاري . إما أن تردي حليك إلى بيت المال ، وإما أن تأذني لي في فراقك ؛ فإني أكره أن أكون أنا وأنت وهو في بيت واحد قالت فاطمة: لا بل أختارك عليه وعلى أضعافه .
تلك هي المرأة التي يقول فيها الشاعر :-
بنـت الخليفـة والخليفـة جدهـا أخـت الخـلائف والخليفـة زوجهـا
ذلك هو الوفاء وهذا هو الإيمان الذي إمتد إلى ما بعد وفاته فيعرض عليها يزيد بن عبد الملك ما تخلت عنه من الجواهر والحلي فترد قائلة : - لا والله لا أطيب به نفسا في حياته ، وأرجع فيه بعد موته
لقد كان انقلابا كبيرا ، وكان على عكس التيار لا يستطيعه إلا من أوتي قوة في العقيدة وصلابة في الحق وإيمانا راسخا ، لقد رد الجواري إلى أهلهن وبلادهن ، ورد المظالم إلى أهلها ، وألغى المجالس التي أشبهت مجالس الأباطرة والقياصرة ، وتمسكت بسنن كسرى وقيصر إلى بساطتها الأولى ووضعها الإسلامي ، فنهى عن القيام له وابتدأ بالسلام ، وأباح دخول المسلمين عليه بغير إذن
واستمر به الحال على هذا المستوى، أما حياته الشخصية فحدّث ولا حرج، كان إذا صلى العشاء دخل مصلاه، فيستقبل القبلة، ويجلس على البطحاء، ويُمرّغ وجهه في التراب، ويبكي حتى الصباح. قالوا لامرأته فاطمة بعد أن توفي: نسألك بالله، أن تصِفي عمر؟ قالت: والله ما كان ينام الليل، والله لقد اقتربت منه ليلة فوجدته يبكي وينتفض، كما ينتفض العصفور بلَّله القطْر، قلت: مالك يا أمير المؤمنين؟ قال: مالي !! توليت أمر أمة محمد، وفيهم الضعيف المجهد، والفقير المنكوب، والمسكين الجائع، والأرملة، ثم لا أبكي، سوف يسألني الله يوم القيامة عنهم جميعاً، فكيف أُجيب؟!
إعتلى عمر بن عبد العزيز المنبر، وكان بيده دفتر، كتب فيه معلومات ضرورية ووقف مزاحم بالسيف، والأمراء الظلمة من بني أمية، الذين أخذوا أراضي الناس، وبيوتهم وضربوهم وآذوهم جعلهم في الصف الأول فأتى إلى الصكوك طيلة صلاة الجمعة، يُشققها طولاً وعرضاً لأنها صكوك بُنيت على الظلم. ومن أصلح ما بينه وبين الله أصلح الله له ما بينه وبين الناس.
أتى إلى بيت المال يزوره، فشم رائحة طيب، فسدّ أنفه، قالوا: مالك؟ قال: أخشى أن يسألني الله عزوجل يوم القيامة لم شممت طيب المسلمين في بيت المال. إلى هذه الدرجة، إلى هذا المستوى، إلى هذا العُمق. دخل عليه أضياف في الليل، فانطفأ السراج في غرفته، فقام يصلحه، فقالوا: يا أمير المؤمنين: اجلس قال: لا، فأصلح السراج، وعاد مكانه، وقال: قمت وأنا عمر بن عبد العزيز، وجلست وأنا عمر بن عبد العزيز. كان عالماً مجتهداً يُفتي للمسلمين فتح الله عليه من فتوحاته، لأنه يتقي ربه، ويعدل في رعيته. خرج في نزهة يومًا، فمروا به على حديقة من حدائق دمشق العاصمة، فوقف يبكي على سور الحديقة، قالوا: مالك؟ قال: هذا نعيم منقطع، فكيف بجنة عرضها السماوات والأرض، أوّاه، لا حُرمنا الجنة. ومر يوم العيد، بعد أن صلى بالمسلمين وهو على بغلته مرَّ بالمقابرفقال: انتظروني قليلاً ذكر ذلك ابن كثيرانتظروني قليلاً فوقف الوزراء، والصلحاء، والأمراء، والناس ونزل عن بغلته، فوقف على المقبرة، التي فيها الخلفاء من بني أمية، والتي فيها الأغنياء، وقال: أتيت القبورَ فنـاديتهـا أيـن المعظّـَم والمحتقـر تفانوا جميعا فمامخبر وماتوا جميعًا ومات الخبـر فياسائلي عن أناس مضوا أمـالَك فيما مضـى معتبر ثم وقف على طرف المقبرة وقال: يا موت، ماذا فعلت بالأحبة؟ يا موت ماذا فعلت بالأحبة؟ ثم بكى وجلس ينتحب، حتى كادت أضلاعه أن تختلف، ثم عاد إلى الناس، وقال: أتدرون ماذا قال الموت؟ قالوا: ما ندري. قال: يقول بدأت بالحدَقتين، وأكلت العينين، وفصَلت الكفين من الساعدين، والساعدين من العضدين، والعضدين من الكتفين، وفصلت القدمين من الساقين، والساقين من الركبتين، والركبتين من الفخذين.
وقف يومًا من الأيام وقال: والله لا أعلم ظالماً إلا أنصفتكم منه، ولا يحول بيني وبين الظالم أحد، حتى آخُذ الحق منه، ولو كان ابني. قال الناس: صدقت. وكان عمر يستعجل القاضي فيحكم بالحكم متى علم بالمظلمة ووثق من وقوعها حتى لا يلحق بالمظلوم ضرر من طول مدتها ، إلا أن يكون هذا بقطع أو قتل يرجع فيه إلى الخليفة ، وكان لا يسمح بالتعذيب أو الإيذاء للحصول على اعتراف من المتهم ؛ لأن ذلك ينافي الكرامة الإنسانية ،
ومنذ الساعات الأولى لتولي عمر الخلافة أعلن للناس بتحديد قاطع لا غموض فيه أن من أراد أن يصحبنا فليصحبنا بخمس: يوصل إلينا حاجة من لا تصل إلينا حاجته ويدلنا من العدل إلى ما لا نهتدي إليه ويكون عونا لنا على الحق ويؤدي الأمانة إلينا وإلى الناس ولا يغتب عندنا أحدا ومن لم يفعل فهو في حرج من صحبتنا والدخول علينا
وكان عمر يراقب عماله وولاته فإذا أخطأ بعضهم كان التوبيخ وكان الإنذار فإذا تمادى العامل أو الوالي في خطئه كان العزل والتنحية عن العمل .وجعل عمر موسم الحج مؤتمرا عاما لجميع المسلمين يسمع مشورتهم ، ويأخذ منهم ويعرف عن طريقهم أحوال بلادهم وولاتهم هذه هي العدالة التي توخاها عمر بن عبد العزيز ، إنصاف الناس جميعا ، رفع الظلم عن المظلومين وإحقاق الحق والعمل بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ولنسمع إلى صرخاته وهو يطلقها في جموع الحجيج " أنا معول كل مظلوم ألا وإن أي عامل من عمالي رغب عن الحق ولم يعمل بالكتاب والسنة فلا طاعة له عليكم كان يدور في ظلام الليل يسأل: هل من مريض فأعوده، هل من أرملة فأقوم عليها، هل من جائع فأطعمه. يقول أحد ولاته: ذهبت إلى إفريقيا، أوزع الزكاة، فو الله ما وجدت فقيراً في طريقي، لقد أغنى عمر بن عبد العزيز الفقراء، فما بقي فقير، ولا جائع، ولا مَدين، ولا شاب أعزب!! كان يُصلي الجمعة، فيقوم نوّابه، معهم دفاتر بأسماء الناس، فيوزع الأُعطيات على طلبة العلم، واليتامى، والمساكين، والمرضى، والأرامل، والمحتاجين، والمعوزين، فيهتفون بعد الصلاة: اللهم اسق عمر بن عبد العزيز من سلسبيل الجنة، ضَمُر جسمه بعد الخلافة، أصبح وجهه أصفر شاحباً، يقول أحد العلماء: والله لقد رأيت عمر بن عبد العزيز وهو والٍ على المدينة المنورة، فرأيته بضًّا أبيض سمينًا، فلما ولي الخلافة، رأيته يطوف وقد رفع الإحرام عن جنبه، ووالله لقد كنت أعد عظام ساعديه من الضعف والضمور. دخل عليه زياد المولى أحد العلماء، فرأى وجهه شاحبًا باكيًا، أثر الدموع في أجفانه، أثر الجوع والفقر على خديه، ثوبه مُرقّع، قال: يا أمير المؤمنين: أين القصور التي كنت تسكنها، والملابس التي كنت تلبسها، والنعيم الذي كنت تعيشه، قال: هيهات يا زياد، ذهب ذلك، لَعلّي تغيرت عليك. قال: أي والله، قال: كيف بي لو رأيتني بعد ثلاث ليالٍ، إذا طُرحت في القبر، وقطعت أكفاني، وسار الدود على خدي، وأكل عيني، ووقع التراب على أنفي، والله لقد كنت أشدّ تغيرًا مما تراه!!
عمل عمر جهده وصرف عنايته على نشر الدعوة الإسلامية بتبليغها للناس ودعوتهم إليها بالحسنى ، فصار يرسل إلى القادة وإلى الأمراء والحكومات يدعوهم إلى الإسلام ، ويرسل الفقهاء لدعوة الناس وتعليمهم الدين الصحيح وحقيقة التوحيد ، وقد آتى ذلك ثماره ودخل الناس في دين الله أفواجا ، فوضع عمر الجزية عمن أسلم ، فكان ذلك دافعا لدخول الناس في الدين الجديد حين علموا صفاءه ونقاءه ، وأنه لا يرهق الناس ولا يبخسهم حقهم ، وأهدى إلى عمر بن عبد العزيز من بعض أقاربه تفاحاً فاشتمه، ثم رده على المهدي، وقال له: قد بلغت محلها فقال له رجل يا أمير المؤمنين إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقبل الهدية وهذا رجل من أهل بيتك فقال له عمر: إن الهدية كانت لرسول الله صلى الله عليه وسلم هدية، فأما نحن فهي لنا رشوة .
أقول ما تسمعون، وأستغفر الله العزيز الجليل لي ولكم، ولجميع المسلمين، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية
الحمد لله ثم الحمد الله، الحمد لله أعز أولياءه وأكرم المؤمنين أحمده سبحانه، جعل لكل شيء أجلاً، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، أحاط بكل شيء علماً، وأشهد أن سيدنا نبينا وحبيبنا وقائدنا محمد رسول الله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وأصحابه أجمعين. أمابعد عبادالله :
ذهب عمر في زيارة إلى الشمال ، وهناك في دير سمعان مرض ، ولما أيقن عمر أنها النهاية نام للعلة ، وكانت العلة هي السم الذي دسه له بنو أمية حتى يتخلصوا منه ، وكان عمر يعرف أن السم من يد الخادم ، واعترف له الخادم بذلك وأقر له بالمبلغ الذي تقاضاه ، فرد عمر المبلغ إلى بيت مال المسلمين ، وأمر الخادم بالذهاب حيث لا يراه أحد. أيها الموفقون في سيرة عمر بن عبد العزيز مثال واضح للمناوئين للحق والمضادين للمصلحين فيسجل المؤرخون أن هؤلاء المعادين قد استأجروا خادم عمر بن عبد العزيز ليضع السم له فكأن الله ألهم عمر ذلك فاستدعى خادمه فقال له : أسألك بالذي يجمع الناس ليوم لا ريب فيه أأنت سممتني في الطعام ؟
قال الخادم : إي، والله . قال : فكم أعطوك على ذلك ؟ قال : ألف دينار .قال : اذهب فأنت حرٌ لوجه الله والله يحب المحسنين
دخل عليه الناس يعودونه فكان كلما عاده أحد قال له: اعف عني , عفا الله عنك .
فلم يزل يعاني من مرضه وأثر هذا السم حتى جاء ضحى يوم عيد الفطر حلت بعمر سكرات الموت التي لا بد من حلولها. ونفس عمر قد تاقت شوقا إلى الله وإلى لقائه ، وأحب أن يموت من علته ، ولقد كان يقول : إن لي نفسا تواقة لم تتق إلى منزلة إلا تاقت إلى ما هي أرفع منها ، حتى بلغت اليوم المنزلة التي ليس بعدها منزلة ، وإنها اليوم قد تاقت إلى الجنة
فأوصى رحمه الله قبل وفاته إذا غسلتموني وكفنتموني ووضعتموني في لحدي فاكشفوا عن وجهي فإن ابيض فاهنئوا، وإن اسود فويل لي ثم ويل لي .يقول رجاء بن حيوة: فكنت فيمن غسله وأدخله في لحده وحللت العقد من كفنه ثم نظرت إلى وجهه فإذا هو كالقراطيس بياضاً, بيض الله وجهه يوم تبيض وجوه وتسود وجوه .
لقد جاءت جاءت سيرته رحمه الله مفتتحة بالخوف من الله مختومة بالإنابة إليه
من آخر ما كلامه رحمه الله:"إنكم لم تُخلَقوا عبثًا ولن تُتركوا سدى وإن لكم معادًا ينزل الله فيه للحكم فيكم، والفصل بينكم وقد خاب وخسر من خرج من رحمة الله التي وسعت كل شيء وحُرم الجنةَ التي عرضها السماوات والأرض، ألا وأعلموا أنما الأمان غدًا لمَن حذر الله وخافه، وباع نافدًا بباقٍ، وقليلاً بكثير وخوفًا بأمان ألا ترون أنكم في أسلابِ الهالكين، وسيخلفها بعدكم الباقون كذلك حتى ترد إلى خير الوارثين؟ وفي كل يومٍ تشيعون غاديًا ورائحًا إلى الله قد قضى نحبه وانقضى أجله، فتغيبونه في صدعٍ من الأرض، ثم تدعونه غير موسد ولا ممهد، قد فارق الأحبة، وخلع الأسباب فسكن التراب وواجه الحساب، فهو مرتهن بعمله، فقير إلى ما قدَّم غني عما ترك، فاتقوا الله قبل نزول الموت وانقضاء مواقعه، وأيم الله إني لأقولكم هذه المقالة وما أعلم عند أحد من الذنوب أكثر مما عندي" .ثم رفع طرف ردائه، فبكى حتى شهق وأبكى الناس حوله، ثم نزل فكانت كلماته هذه آخر خطبة خطبها لم يخطب بعدها حتى مات رحمه الله.
قال أهل التاريخ: أغفى التاريخ إغفاءة عن أبناء عمر بن عبد العزيز السبعة أو الثمانية، وقد خلّف لكل واحد منهم اثني عشر درهمًا فقط، وأما هشام بن عبد الملك الخليفة، فخلّف لكل ابن من أبنائه مائة ألف دينار، وبعد عشرين سنة، أصبح أبناء عمر بن عبد العزيز، يُسرجون الخيول في سبيل الله، منفقين متصدقين من كثرة أموالهم، وأبناء هشام بن عبد الملك في عهد أبي جعفر المنصور، يقفون في مسجد دار السلام، يقولون: من مال الله يا عباد الله! إنَّ من حفظ الله حفظه الله، ومن ضيّع الله ضيّعه الله، هذه سنة من سنن الله – عز وجل – ثم أمر عمر أبناءه بالخروج فخرج أطفاله أمام عينيه، ينظر إليهم، ومع كل طفل يخرج، قطَرَات من الدموع تسقط، وقال: أَدخِلوا أمّكم عليَّ، فدخلت امرأته، فودعها، وسألها أن تتقي الله، وأن تبقى على الزهد وعلى الفقر، لتكون زوجته في الجنة، ثم قال: يا فاطمة، إني أرى نفَرًا، ليسوا بإنس ولا جن، أظنهم ملائكة، فاخرجي عنّي، فخرجت زوجته، وأغلقت الباب، ودخل الملائكة على عمر بن عبد العزيز مبشرة إنّ الذين قالوا ربُّنا الله ثم استقاموا تتنزّل عليهم الملائكةُ ألا تخافوا ولا تحزنوا وأبشروا بالجنةِ التي كنتم توعدون * نحن أولياؤكم في الحياة الدنيا وفي الآخرة ولكم فيها ما تشتهي أنفسكم ولكم فيها ما تدَّعون. نُزُلاً من غفور رحيم مات عمر، وفتحت زوجته الباب فوجدته في عالم الآخرة، سلام عليك في الصالحين وهكذا فلتكن العدالة". وإنني مقصر في سيرته وترجمته، فعودوا إلى عمر، فبطون التاريخ مليئة بذكره، قد غمرت فضائله الكتب والموسوعات، رحم الله عمر بن عبد العزيز، رضي الله عن عمر بن عبد العزيز، جمَعنا الله بعمر بن عبد العزيز في الجنة.
رحم الله عمر ، وكل من سار بسيرته وعدل كعدله وزهد كزهده .
وأتت سكرات الموت، أتدرون كم تولى الخلافة؟ سنتين، لكنها عند الله عز وجل أفضل من قرنين، إن أناسًا في التاريخ، تولى الواحد منهم خمسين سنة، فلما مات لعنه الناس واستبشّر بعض المسلمين يزوال حكم الطغاة قديما وحديثا ، فليس العمر بالكثرة، العمر بالبركة، تولى سنتين، فأزال الظلم، فتح بابه، فتح صدره، فتح عينه، فتح قلبه ففتح الله عليه.حضرته سكرات الموت، فجمع أبناءه السبعة أو الثمانية، فلما رآهم بكى واستعبر، ودمعت عيناه، ثم قال لأبنائه: والله ما خلّفت لكم من الدنيا شيئًا عنده غرفة واحدة –إن كنتم صالحين فالله يتولى الصالحين، وإن كنتم فجَرة فلن أُعينكم بمالي على الفجور. تعالوا، فاقتربوا فقبّلَهم واحدًا واحدًا، ودعا لهم، وكأن قلبه يُسَلُّ من بين جوارحه، وخرج أبناؤه.
وكان ذلك لعشر بقين وقيل : لخمس بقين من رجب سنة إحدى ومائة ، وله حينئذ تسع وثلاثون سنة وستة أشهر .
وذهب شهيد العدالة والمبادئ السامية التي أقرها الإسلام وأراد تطبيقها كاملة لإسعاد البشرية وظلت سيرته ماثلة في أذهان الناس وفي قلوبهم ، واسمه يملأ الأزمان وشهد له الأعداء قبل الأصدقاء وحزن عليه المسلمون حزنا شديدا ،فهؤلاء هم خير المجتمع ،وهم الصفوة ،وعلى يدهم ينتشر الخير ،وبسببهم يهتدي الناس ،فالشباب الصالح هم الأمل بعد الله عز وجل ،وهم الروح الذي يسري في بدن الأمة ،فالأمة الإسلامية ،تنتظرهم ،وتأملُ فيهم الشيء الكثير، إن في عرض قصص هؤلاء الرجال ليبعث الأمل في النفوس ،ويشحذ الهمم ،لأن قلوب الناس قد أصابها اليأس وأصابها الوهن ،والمسلمون،فقدوا كل أمل ،لأنهم يرون بأعينهم ،ويسمعون بآذانهم ،أخبار الأمة،وما يجري بها ،وما يُفعل بها ،ولا يرون تقدماً. فنقول بأن الأمل كبير ،والله جل وتعالى لن يترك دينه ولن يتخلى عن أوليائه. فالأمة الإسلامية ،مر بها فترات عصيبة جداً في تاريخها وفي أماكن متعددة من أراضيها ،فأوجد الله جل وتعالى أمثال شيخ الإسلام ،والإمام أحمد ،والعز بن عبد السلام،وصلاح الدين وعمر المختار ،ومحمد بن عبد الوهاب وعمر بن عبدالعزيز رحمهم الله وغيرهم فأنقذ الله بهم الأمة ،وأعزَّ الله بهم الدين ،فرفع الناس رؤوسهم ،وشعروا بكرامتهم ،وسيوجد الله تعالى غيرهم وغيرهم ،وستكون حركات الإصلاح على أيديهم بإذنه سبحانه وتعالى.
عبادالله في يوم الإثنين الماضي نعى الديوان الملكي إمام الحرم المكي الشيخ/ "محمد بن عبدالله السبيل"،الذي توفي بعد معاناة طويلة مع المرض، وصلي عليه بعد صلاة العصر يوم الثلاثاء في الحرم المكي عرف عن الشيخ السبيل الصدق، الإخلاص، الأريحية، التواضع، الدفء عند التوجيه والوعظ والإرشاد، الاهتمام بشؤون العامة، العناية بمصالح الناس، والنصح لولاة الأمر. رحمه الله وأسكنه فسيح جنته وغفر الله له ورفع درجته في عليين والشيخ رحمه الله حفظ القرآن الكريم على يدي والده والشيخ عبدالرحمن الكريدس، وقرأ التجويد على الشيخ سعدي ياسين، وتعلم القراءة والكتابة في الكتاتيب، وألحقه والده بحلقات الدرس لمشايخ العلم في القصيم آنذاك ليدرس على أيديهم النحو والقواعد العربية والفرائض والحديث والتوحيد والفقه والتاريخ، أشهرهم: القاضي الشيخ محمد المقبل، وأخوه الشيخ عبدالعزيز السبيل، والشيخ محمد بن عبدالرحمن الخزيم، والشيخ محمد بن صالح الخزيم، والشيخ عبدالله بن محمد بن حميد.وتزيد فترة إمامته وخطابته وتدريسه في المسجد الحرام على أربعين عاما (1385هـ)، وفي تلك الفترة كان رئيسا للمدرسين والمراقبين في رئاسة الإشراف الديني على المسجد الحرام للشؤون الدينية (حاليًا بمسمى الرئاسة العامة لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي) التي أصبح رئيسها (1411هـ)، ومن قبل نائبًا لرئيسها عندما كانت بالمسمى القديم « رئاسة الإشراف الديني على المسجد الحرام » (1393هـ)، ثم أُحيل إلى التقاعد حسب رغبته عام 1422هـ . وكان الشيخ قد بدأ حياته العملية 1367هـ مدرسًا للفقه والتوحيد والنحو وجزء من الحساب في أول مدرسة في بلدته البكيرية، ثم مدرسًا في المدرسة السعودية 1367هـ ثم المدرسة العزيزية 1373هـ ثم في أول معهد علمي في بريدة
عبادالله : صلوا وسلموا على خير خلق الله .........................
ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنامن لدنك رحمة انك أنت الوهاب وأصلح اللهم أحوالنا في الأمور كلها وبلغنا بما يرضيك أمالنا واختم اللهم بالصالحات أعمالنا وبالسعادة أجالنا وتوفنا يا رب وأنت راض عنا اللهم جعل جمعنا هذا جمعا مباركا مرحوما وتفرقنا من بعده معصوما ربنا لا تدع لنا ذنبا إلا غفرته ولا هما إلا فرجته ولا مريضا إلا شفيته ولا ميتا إلا رحمته ولا طالبا أمرا من أمور الخير إلا سهلته له ويسرته اللهم وحد كلمة المسلمين واجمع شملهم واجعلهم يدا واحدة على من سواهم وانصر اللهم المسلمين واخذل الكفرة المشركين أعدائك أعداء الدين اللهم إنا نسألك لولاة أمورنا الصلاح والسداد اللهم كن لهم عونا وخذ بأيديهم إلى الحق والصواب والسداد والرشاد ووفقهم للعمل لما فيه رضاك وما فيه صالح العباد والبلاد اللهم اجعل بلدنا ءامنا وارزقه من كل الخيرات وجنبه الفتن ما ظهر منها وما بطن وألف اللهم ما بين قلوبنا واجعلنا يا ربنا باسمك متحابين وعلى نصرة دينك متعاونين للهم إنا نستعيذ بك من شر ما خلقت ومن كل عين حاسد و نسألك اللهم التوفيق والسداد والهداية والرشاد وحسن العقبى وحسن الميعاد.اللهم أسبغ علينا نعمتك وعلى جميع المسلمين للهم املأ قلوبنا بالإيمان والقناعة والزم جوارحنا العبادة والطاعة. واغفر اللهم لنا ولوالدينا ولأقاربنا ومشايخنا ولجميع من سبقنا بالإيمان واتنا من لدنك رحمة وهيئ لنا من امرنا رشدا واتنا ربنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين.
|
|
أبومحمدالمدير العام
المهنة :
الجنس :
علم الدوله :
العمر : 49
تاريخ التسجيل : 21/12/2009
عدد المساهمات : 2589
| #2موضوع: رد: صفحات من سيرة عمر بن عبدالعزيز رحمه الله 1434/2/8هـ الأربعاء ديسمبر 26, 2012 12:28 pm | |
| |
|
!! الغامض !!عضو مشارك
المهنة :
الجنس :
علم الدوله :
العمر : 27
تاريخ التسجيل : 29/10/2012
عدد المساهمات : 345
| #3موضوع: رد: صفحات من سيرة عمر بن عبدالعزيز رحمه الله 1434/2/8هـ الإثنين مارس 18, 2013 12:21 pm | |
| |
|