حكم معرفة طبائع الناس وصفاتهم من خلال أبراجهم
السؤال :
آمل أن تكونوا بخير، أنا مدمنة على موقعكم فقد ساعدني كثيراً ما شاء الله ،
لكني لم أجد شيئاً خاصّاً بما أنا على وشك السؤال عنه .
وسؤالي يتعلق بأبراج الميلاد كالميزان والجوزاء وما إلى ذلك ، وأنا أعلم
أنه من الشرك قراءة الطالع ، كما أعلم أن تصديق المنجمين ينطبق عليه ذات
الحكم ، لكن ما حكم معرفة برج الشخص وقراءة خصائص شخصيته ؟ فأنا على سبيل
المثال من مواليد برج الميزان وخصالي الشخصية تتطابق تماما مع الخصال
الشخصية لبرج الميزان ، وهناك معلومة تقول بأن مولود برج الميزان يتناغم مع
مولود برج الثور ، وفي رأيي فإن هذا ليس من قراءة الطالع أو المستقبل بل
إنها ببساطة مناقشة خصال الشخصية وخصائصها ، وعندما تواجهني مشكلة مع
صديقتي التي هي من مواليد الجوزاء وأقرأ على الإنترنت كيف أتعامل مع قلق أو
غضب مواليد برج الجوزاء وأطبق ما قرأته : فإن المشكلة تحل ، فهل هذا أيضا
حرام أو شرك ؟ وأنا لا أرفض تكوين صداقات أو عروض زواج مستقبلية بناء على
معلومات ملائمة هذه الأبراج معي ، فهل يكون هذا حراماً أيضاً ؟ .
الجواب :
الحمد لله
أولاً :
القارئ لـ " أبراج الحظ " في الجرائد والمجلات ، والمشاهد لها في القنوات : إن
اعتقد أن النجوم والأفلاك والكواكب تؤثر في الخلق وأفعالهم : فهو مشرك ، وإن قرأها
وطالعها للتسلية: فهو عاصٍ ، آثم ، ولا يقبل الله منه الصلاة أربعين يوماً .
وانظر جواب السؤال رقم (82704)
.
وأما الظن أو الاعتقاد أن مواليد كل برج لهم صفات معينة فهذا ظن غير صحيح ، فإنه
يولد في الساعة الواحدة الألوف من الناس ، وهؤلاء لا يحملون الصفات نفسها ، فضلاً
عن مواليد اليوم نفسه ، فضلاً عن مواليد الشهر الواحد .
ومما يدل على بطلان ذلك الاعتقاد : اختلاف المنجمين أنفسهم في عدد البروج ، وفي
أسمائها ، وفي مدتها ، وفي دلالتها على طباع الخلق وصفاتهم .
قال
الدكتور
عبد
المجيد بن سالم المشعبي وفقه الله :
"الوجه
السابع : اختلاف أصحابها في الأصول التي يبنون عليها أمرهم ، ويفرعون عنها أحكامهم
، فمن ذلك :
أولاً : اختلافهم في البروج التي تؤثر في هذا العالم – بزعمهم - ، والتي تُبنَى
عليها أحكامهم ، والاختلاف فيها في ثلاثة أمور :
الأمر الأول :
في
أسمائها : تختلف أسماء البروج بين أمم المنجمين اختلافاً بيِّناً ، فالبروج عند
اليونانيين والمصريين والعرب اثنا عشر برجاً ، وهي : الحمل ، والثور ، والجوزاء ،
والسرطان ، والأسد ، والسنبلة ، والميزان ، والعقرب ، والقوس ، والجدي ، والدلو ،
والحوت .
أما
الصينيون فالبروج عندهم كما يلي : برج الفأر ، والقط ، والحصان ، والديك ، والجاموس
، والتنين ، والماعز ، والكلب ، والنمر، والثعبان ، والقرد ، والخنزير .
الأمر الثاني : اختلاف أحكامهم في دلالة هذه البروج على طباع الناس بناء على
اختلافهم في أسمائهم ، إذ إنهم جعلوا طبائع المولود تابعة لطبيعة الحيوان الذي
سمِّي باسمه البرج الذي ولد فيه هذا المولود ، ولنأخذ مثالاً على ذلك قول أبي معشر
في مواليد برج الحمل باعتباره أول البروج عند اليونانيين ومن تابعهم قال : "
المولود بهذا البرج يكون رجلاً أسمر اللون ، طويل القامة ، كبير الرأس ، صعب المراس
، سريع الغضب ، قريب الرضا ، سريع الانتقال من مكان إلى مكان ، يقول الحق ويكره
الباطل ، لا يعمل إلا برأيه ، ويكون استقلاله بمشورته فيه بعض فساد تارة ، وتارة
يستغني ، حاله حسن ، صبوراً على الأهوال " .
فقد
استمدوا بعض صفات الحمَل وجعلوها صفات لمواليد هذا البرج كما مضى من قول أبي معشر :
" سريع الغضب ، قريب الرضا ، وثاباً ، سريع الانتقال من مكان إلى مكان ... " وهذه
صفات الحمَل .
وكذلك فعل الصينيون ، إلا أنهم بحكم اختلافهم في البروج جعلوا للمولود صفات تختلف
عن الصفات التي جعلها اليونانيون ، فأول البروج عند الصينيين - كما سبق - برج الفأر
، وقالوا في صفات من ولد فيه ، " ولد الفأر في برج الفتنة ، والعدوان ، وهو يبدو
للوهلة الأولى هادئاً متزناً ، فرحاً ، ولكن حذار ، فإن تحت هذا المظهر الوديع يكمن
مزيج من العدوان والقلق المتواصل ، والفأر خلاق للمواقف الحرجة ، مهتم بتوافه
الأمور ، مختل الأعصاب أحياناً ، بادئ بالتذمر دائماً ، ويميل الفأر أن يكون ضمن
مجموعة " ، وهذه صفات الفأر ، طبقوها على من ولد في هذا البرج .
الأمر الثالث : اختلافهم في المدة التي تجعل لكل برج : لا شك أن اليوم الواحد بل
الساعة الواحدة لها أثر في اختلاف حكم النجوم المزعوم ، فكيف لو امتدت المدة أشهراً
؟! بلا ريب سيكون الاختلاف واضحاً بين الحكمين - على حد زعمهم - إلا أننا نجد أن
مدة كل برج عند اليونانيين وأتباعهم ما يقارب الشهر ، فيكون أثر هذا البرج خلال هذه
المدة ، أما الصينيون فقد جعلوا لكل برج من بروجهم سنة كاملة ، وهذا يجعل جميع
مواليد أبراج اليونانيين تحت حكم واحد ، وهذا البون الشاسع دلالة واضحة على كذب
هؤلاء" انتهى .
"
التنجيم والمنجمون وحكم ذلك في الإسلام " ( ص 215 ، 217 ) .
وعلى هذا ، فلا يجوز الاعتماد في تحديد صفات الناس على معرفة تاريخ ميلادهم وبرجهم
الذي ينتسبون إليه ، فكل ذلك من الباطل ، وهو من تضييع الأوقات في غير فائدة ، ومن
البناء على أسس غير سليمة ، ويُخشى على فاعل ذلك أن يتمادى في ذلك حتى يعتقد تأثير
تلك الأبراج في أهلها ، فيقع في الشرك الأكبر .
والنصيحة لك أن تنشغلي بحفظ القرآن الكريم ، وقراءة كتب أهل العلم الثقات ، كما
يمكنك قراءة الكتب المصنفة في الدعوة وطريقة التعامل مع المدعوين واكتساب الأصدقاء
وثقة الناس .
ونسأل الله لك التوفيق والسداد .
والله أعلم