عشرة أســـــــباب لزوال الذنوب عنالعـــــــــــبد
إن عقوبة الذنوب تزول عن العبد بنحو عشرة أسباب ذكرها شيخ الاسلام ابنتيمية رحمه الله فذكر:
((" قد دلت نصوص الكتاب والسنة على أن عقوبة الذنوب تزول عن العبد بنحوعشرة أسباب :
أحدها-الأول- :
التوبة ، وهذا متفق عليه بين المسلمين . قال تعالى : { قل يا عباديالذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هوالغفور الرحيم } ،وقال تعالى : { ألم يعلموا أن الله هو يقبل التوبة عن عباده ويأخذالصدقات وان الله هو التواب الرحيم } ، وقال تعالى : { وهو الذي يقبل التوبة عنعباده ويعفو عن السيئات } ، وأمثال ذلك .
السبب الثاني :
الاستغفار كما في الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلمأنه قال : " إذا أذنب عبدٌ ذنباً فقال أي رب أذنبت ذنباً فاغفر لي ، فقال : علمعبدي أن له رباً يغفر الذنب ويأخذ به ، قد غفرت لعبدي .. " .الحديث رواه البخاري (6953) ومسلم (4953) .
وفيصحيح مسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " لو لم تذنبوا لذهب الله بكمولجاء بقومٍ يذنبون ثم يستغفرون فيُغفَرُ لهم " (التوبة/4936).
السبب الثالث :
الحسناتالماحية ، كما قال تعالى : { أقم الصلاة طرفي النهار وزُلَفَاً من الليل إن الحسناتيذهبن السيئات } ، وقال صلى الله عليه وسلم : " الصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعةورمضان إلى رمضان مكفرات لما بينهن إذا اجتنبت الكبائر " رواه مسلم (344) وقال : " من صام رمضان إيماناً واحتساباً ، غُفِرَله ما تقدم من ذنبه " رواه البخاري (37) ومسلم (126 وقال : " من قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غُفِرَله ما تقدم من ذنبه " رواه البخاري (176 ، وقال : " من حجَّ هذا البيت فلم يرفث ولم يفسق رجع من ذنوبهكيوم ولدته أمه " رواه البخاري (1690) ، وقال : " فتنة الرجل في أهله وماله وولدهتكفرها الصلاة والصيام والصدقة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر " رواه البخاري (494) ومسلم (5150) ، وقال : " من أعتق رقبةً مؤمنةً أعتق الله بكل عضوٍ منها عضواًمنه من النار ، حتى فرجه بفرجه " رواه مسلم (2777). وهذه الأحاديث وأمثالها فيالصحاح ، وقال : " الصدقةُ تُطْفِئُ الخطيئة كما يُطْفِئُ الماءُ النارَ، والحسديأكل الحسنات كما تأكل النارُ الحطبَ . "
والسبب الرابع :
الدافع للعقاب : دعاءُ المؤمنين للمؤمن ، مثل صلاتهم علىجنازته ، فعن عائشة ، وأنس بن مالك عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " ما منميت يصلى عليه أمةٌ من المسلمين يبلغون مائة كلهم يشفعون إلا شُفِعُوا فيه " رواهمسلم (1576) ، وعن ابن عباس قال : " سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " مامن رجلٍ مسلمٍ يموت ، فيقوم على جنازته أربعون رجلاً لا يشركون بالله شيئاً ، إلاشفعهم الله فيه " رواه مسلم (1577) . وهذا دعاء له بعد الموت .
السبب الخامس :
" ما يعمل للميت منأعمال البر ، كالصدقةِ ونحوها ، فإن هذا ينتفع به بنصوص السنة الصحيحة الصريحة ،واتفاق الأئمة ، وكذلك العتق والحج ، بل قد ثبت عنه في الصحيحين أنه قال : " من ماتوعليه صيام صام عنه وليه ." رواه البخاري (5210) ومسلم (4670) .
السبب السادس :
شفاعة النبي صلى اللهعليه وسلم وغيره في أهل الذنوب يوم القيامة ، كما قد تواترت عنه أحاديث الشفاعة ،مثل قوله في الحديث الصحيح : " شفاعتي لأهل الكبائر من أمتي " صححه الألباني فيصحيح أبي داوود (3965) ، وقوله صلى الله عليه وسلم : " خيرت بين أن يدخل نصف أمتيالجنة وبين الشفاعة ، فاخترت الشفاعة ..." انظر صحيح الجامع (3335) .
السبب السابع :
المصائب التييُكَفِرُ الله بها الخطايا في الدنيا ، كما في الصحيحين عنه صلى الله عليه وسلم ،أنه قال : " ما يُصيب المؤمن من وصبٍ ولا نصب ولا همٍ ولا حزن ولا غم ولا أذى حتىالشوكة يشاكها ، إلا كفر الله بها من خطاياه " رواه البخاري (5210) ومسلم (4670) .
السبب الثامن :
ما يحصل في القبر منالفتنة ، والضغطة ، والروعة ( أي التخويف ) ، فإن هذا مما يُكَفَرُ به الخطايا .
السبب التاسع :
أهوال يوم القيامةوكربها وشدائدها .
السبب العاشر :
رحمة الله وعفوه ومغفرته بلا سبب من العباد ."
الخطوات العملية للتخلُّص منالذنوب
إنَّ التخلية لابد أن تأتي دومًا قبل التحلية
.. فعلى المرء أن يُقلِع عن ذنـــوبه قبل التفكير في الارتقاء بمنزلته عند الله جلَّ وعلا ..
لأنك لن تستطيع أن تتقرب إلى الله عزَّ وجلَّوتزداد محبتك له سبحانه، وأنت مازلت مصرًا على الوقوع في بعض الذنـــوب ..
كان الحسن البصري يقول "ماعُبِّدَ العابدون بشيءٍ أفضل من ترك ما نهاهم الله عنه" [جامع العلوم والحكم (11:22)]
وإن قلت: أنك ترغب في الإقلاع عنالمعاصي، لكن كلما حاولت فشلت ..
عليك أن تسألنفسك: هل تكره الذنب بالفعل وتكره أن تقع فيما يُغضِب الله عزَّ وجلَّعليك؟!
أم أنك تخشى أعين الناس ولا تخشى عينهالناظرة إليك؟!!
وهو الرقيــب الشهيــدالبصيـــر .. يسمع كلامك ويرى مكانك ويعلم سركوعلانيتـــك،،
وصدق منقال:
يَا كَاتِمَ السِّرِّ وَمُخْفِيهِ ... أَيْنَمِنَ اللهِ تُوَارِيهِ
بَارَزْتَ بِالْعِصْيَانِرَبَّ الْعُلَى ... وَأَنْتَ مِنْ جَارِكَ تُخْفِيه
عن بكر بن عبد الله المزني، قال: "من يأت الخطيئة وهويضحك، دخل النار وهو يبكي
فلا يوجدذنب بلا عقوبة، إلا ذنبٍ استدرك العبد منه نفسه في الحال فتـــاب من قريب ..
فأوقف نزيــــف المعاصي والذنـــوب، حتى تخرجمن ذل المعصية إلى عز الطاعة ..
كان داود الطائييقول"ما أخرج الله عبداً من ذل المعاصي إلى عز التقوى إلا أغناهبلا مال، وأعزه بلا عشيرة، وآنسه بلا أنيس
وحينها فقط تتذوق طعم الحيـــاة الطيــبة ..
الخطوات العملية للتخلُّص منالذنـــــوب
الخطوةالأولى: كراهيــــة الذنـــب ..
فتُكثــِر منالدعــاء؛ حتى يُكَرِه الله تعالى إليـــك الذنــوب ويحفظك منها ويُطَهِّر قلبك منآثـــارها ..
اللهمَّ كَرِّه إلينــا الكفر والفسوقوالعصيان، وباعد بيننا وبين الخطايا كما باعدت بين المشرقوالمغرب،،
الخطوةالثانية: معرفة عقوبــات الذنـــوب ..
فتعرفأن كل بلية وكل همِّ وكل ضيق وكل عسر، إنما هو بسبب المعاصي والذنـــوب..
وإليـــك العقوبــات لبعض الذنــوب التي يتهاون الكثير من الناس في الوقوعبها::
1)التهاون فيالصلاة ...
وليس المقصود تارك الصلاةبالكلية، إنما من يتهاون في صلاة الفجر أو شهود صلاة الجماعة .. أما تاركها فمصيبتهأعظم والعياذ بالله ..
ومن عقوبــات من ينـــام عنصلاة الفريضة .. عن سمرة بن جندب قال: أنَّ النبي قال "إنه أتانيالليلة آتيان وإنهما ابتعثاني وإنهما قالا لي: انطلق، وإني انطلقت معهما، وإناأتينا على رجل مضطجع وإذا آخر قائم عليه بصخرة، وإذا هو يهوي بالصخرة لرأسه فيثلغرأسه فيتدهده الحجر، فيأخذه فلا يرجع إليه حتى يصح رأسه كما كان، ثم يعود عليهفيفعل به مثل ما فعل المرة الأولى" [صحيح الترغيب والترهيب (578)] .. وَقَالَ النَّبِيِّ "أَمَّا الَّذِي يُثْلَغُ رَأْسُهُ بِالْحَجَرِفَإِنَّهُ يَأْخُذُ الْقُرْآنَ فَيَرْفِضُهُ وَيَنَامُ عَنْ الصَّلَاةِالْمَكْتُوبَةِ" [صحيح البخاري]
2)الكذب ..
وفينفس الحديث السابق قال " فأتينا على رجل مستلق على قفاه وإذا آخر قائم عليه بكلوبمن حديد، وإذا هو يأتي أحد شقي وجهه فيشرشر شدقه إلى قفاه ومنخره إلى قفاه وعينهإلى قفاه، قال: ثم يتحول إلى الجانب الآخر فيفعل به مثل ما فعل بالجانب الأول، قال: فما يفرغ من ذلك الجانب حتى يصح ذلك الجانب كما كان ثم يعود عليه فيفعل مثل ما فعلفي المرة الأولى" .. فلما سأل النبي عن حال هذا الرجل، قالوا ".. فإنه الرجل يغدومن بيته فيكذب الكذبة تبلغ الآفاق" [صحيح الترغيب والترهيب (578)] .. كالذي يُكثِرمن المزاح، فيكذب ويخوض في أعراض النــاس وتنتشر هذه الأكاذيب .. فيكون هذا عذابهفي القبر والعياذ بالله.
3)الزنــــا ..
قال "فانطلقنا فأتينا على مثلالتنور (أي: الموقد الكبير)، قال: فأحسب أنه كان يقول فإذا فيه لغط وأصوات. قال: فاطلعنا فيه فإذا فيه رجال ونساء عراة، وإذا هم يأتيهم لهب من أسفل منهم، فإذاأتاهم ذلك اللهب ضوضوا (أي: صرخوا)".. فقالوا للنبي "إنهم الزناةوالزواني" [صحيح الترغيب والترهيب (578)]
وفي هذا العصر انتشر الزنا الذي هو من أكبر الكبائر، وأعظم الموبقات التي تمحق الإيمانوتستوجب غضب الرحمن .. ومن يقع فيه تُعجَّل عقوبته في الدنيا، ويُعاقب من جنسعمله.
4) مقدمــاتالزنــــا ..
فلا يتورع الناس عن النظرللحرام، فيتساهلون في الدخول إلى المواقع الإباحية، ومشاهدة الأفلام والمسلسلاتوالأغاني السيئة الخبيثة.
ولا يعلمون أن العين تزنيوزناها النظر .. عَنْ النَّبِيِّ "إِنَّ اللَّهَ كَتَبَ عَلَىابْنِ آدَمَ حَظَّهُ مِنْ الزِّنَا أَدْرَكَ ذَلِكَ لَا مَحَالَةَ؛ فَزِنَاالْعَيْنِ النَّظَرُ، وَزِنَا اللِّسَانِ الْمَنْطِقُ، وَالنَّفْسُ تَمَنَّىوَتَشْتَهِي وَالْفَرْجُ يُصَدِّقُ ذَلِكَ كُلَّهُ وَيُكَذِّبُهُ" [صحيحالبخاري]