★★مِنْ رَوَاِئعِ التَّابِعِيْن ( مُتَجَدِّدٌ بِإِذْنِ اللهِ تَعَالَى )★★
بسم الله و الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله محمد بن عبد الله صلى الله عليه و سلم وعلى آله و صحبه و من والاه أما بعد فهذا
الموضوع لعدد من التابعين رحمهم الله و رضي عنهم أجمعين نستشف من خلاله
حياتهم الإيمانية و نقتبس منهم مواقف تذكرنا بالله تعالى و تجلوصدأ قلوبنا
عسى الله أن ينفع بها وهب بن منبه قال:وجدتُ على حاشية التوراة اثنين
وعشرين حرفًا كان صلحاء بني إسرائيل يجتمعون فيقرءونها ويتدارسونها: لا كنز
أنفع من العلم، ولا مال أربح من الحلم، ولا حسب أوضع من الغضب، ولا قرين
أزين من العمل، ولا رفيق أشين من الجهل، ولا شرف أعز من التقوى، ولا كرم
أوفى من ترك الهوى، ولا عمل أفضل من الفكر، ولا حسنة أعلى من الصبر، ولا
سيِّئة أخزى من الكبر، ولا دواء ألين من الرفق، ولا داء أوجع من الخُرْق،
ولا رسول أعدل من الحقِّ، ولا دليل أنصح من الصدق، ولا فقر أذلّ من الطمع،
ولا غنى أشقى من الجَمْعِ، ولا حياة أطيب من الصحَّة، ولا معشية أهنأ من
العفَّة، ولا عبادة أحسن من الخشوع، ولا زهد خير من القنوع، ولا حارس أحفظ
من الصمت، ولا غائب أقرب من الموت. نسبه ونشأتههو وهب بن منبه بن كامل بن سيج أبو عبد الله الصنعانيويقال: الذماري وذمار من صنعاء سيج، وكان مولده في زمن عثمان_بن_عفان
عثمان بن عفان
سنة أربع وثلاثين، وعده أصحاب السير من الطبقة الثالثة من التابعين، وثقه
ابن حجر، وقال عنه الذهبي صدوق، وكان يتكلم في القدر إلا أنه ندم على ذلك،
روى له الإمام_البخاري]
البخاري - مسلم- أبو_داود_المحدث]
أبو داود - الترمذي- النسائي_المحدث]
النسائي - /ابن_ماجه_المحدث]
ابن ماجه في التفسير. الصحابة الذين تعلم على أيديهمتعلم وهب بن منبه على يد حبر الأمة /عبد_الله_بن_العباس]
عبد الله بن عباس ، وروى عن أبي هريرة، وأبي سعيد الخدري و /النعمان_بن_بشير]
النعمان بن بشير و /جابر_بن_عبد_الله]
جابر بن عبد الله وابن عمر و /عبد_الله_بن_عمرو]
عبد الله بن عمرو بن العاص على خلاف فيه. وروايته للمسند قليلة وإنما
غزارة علمه في الإسرائيليات ومن صحائف أهل الكتاب قال عنه أحمد: كان من
أبناء فارس له شرف قال وكل من كان من أهل اليمن له ذي هو شريف يقال فلان له
ذي و فلان لا ذي له. من ملامح شخصيتهاجتهاده في العلم والعبادةكان وهب ممن ساق نفسه إلى الله
ملازمًا لطلب العلم، مجتهدًا للعبادة، فكان ممن قرأ الكُتب ولزم العبادة
وواظب على العلم وتجرد للزهادة، وعن عبد المنعم بن إدريس عن أبيه قال: صلى
وهب بن منبه وطاووس اليماني الغداة بوضوء العتمة أربعين سنة. ويقول كثير:
أنه سار مع وهب فباتوا بصعدة عن رجل فخرجت بنت الرجل فرأت مصباحًا؛ فاطلع
صاحب المنزل فنظر إليه صافا قدميه في ضياء كأنه بياض الشمس فقال الرجل
رأيتك الليلة في هيئة وأخبره فقال اكتم ما رأيت. وكان عابدا فاضلا قرأ
الكتب نصحه للآخرينيقول وهب
موجهًا نصيحته لعطاء الخراساني: كان العلماء قبلنا قد استغنوا بعلمهم عن
دنيا غيرهم فكانوا لا يلتفتون إلى دنيا غيرهم وكان أهل الدنيا يبذلون لهم
دنياهم رغبة في علمهم فأصبح أهل العلم اليوم فينا يبذلون لأهل الدنيا علمهم
رغبة في دنياهم وأصبح أهل الدنيا قد زهدوا في علمهم لما رأوا من سوء
موضعهم عندهم فإياك وأبواب السلاطين فان عند أبوابهم فتنا كمبارك الإبل لا
تصيب من دنياهم شيئا إلا وأصابوا من دينك مثله ثم قال يا عطاء إن كان يغنيك
ما يكفيك فكل عيشك يكفيك وإن كان لا يغنيك ما يكفيك فليس شيء يكفيك إنما
بطنك بحر من البحور وواد من الأودية لا يسعه إلا التراب. وجاءه
رجل فقال له: قد حدثت نفسي أن لا أخالط الناس قال: لا تفعل إنه لا بد لك
من الناس، ولا بد لهم منك ولهم إليك حوائج ولك نحوها، لكن كن فيهم أصم
سميعًا أعمى بصيرًا سكوتًا نطوقًا. عفوه وصفحه عمن أساء إليهيقول
مولى الفضل بن أبي عياش: كنت جالسا مع وهب بن منبه فأتاه رجل فقال: إني
مررت بفلان وهو يشتمك فغضب وقال: ما وجد الشيطان رسولاً غيرك، فما برحت من
عنده حتى جاءه ذلك الرجل الشاتم فسلم على وهب فرد عليه ومد يده وصافحه
وأجلسه إلى جنبه. من كلماتهقال وهب بن منبه:إذا مدحك الرجل بما ليس فيك فلا تأمنه أن يذمك بما ليس فيك. وقال: العلم خليل المؤمن، والحلم وزيره، والعقل دليله، والعمل قيمة، والصبر أمير جنوده، والرفق أبوه، واللين أخوه. وقال: المؤمن ينظر ليعلم، ويتكلم ليفهم، ويسكت ليسلم، ويخلو ليغنم. وقال:استكثر من الإخوان ما استطعت فإن استغنيت عنهم لم يضروك وإن احتجت إليهم نفعوك. وفاتهمات وهب بن منبه سنة 114هـ. المصادر التاريخ الكبير - رواة التهذبيين - سير أعلام النبلاء - صفة الصفوة - مشاهير علماء الأمصار - حلية الأولياء - الثقات لابن حبان. عبد الله بن المبارك النسب والقبيلةعبد الله بن المبارك بن واضح
الحنظلي مولاهم التركي ثم المروزي الحافظ. فريد الزمان وشيخ الإسلام. كانت
أمه خوارزمية ولد سنة 118هـ وتوفي سنة 181هـ وقيل 182هـ. وعن زواج أبيه بأمه تقول
الروايات أن أباه كان يعمل لدى قاض اسمه نوح بن مريم وكان رئيسا أيضا وكانت
له بنت ذات جمال خطبها جماعة من الأعيان والأكابر، فذهب يوما إلى البستان
فطلب من غلامه شيئا من العنب فأتى بعنب حامض فقال له: هات عنبا حلوا فأتى
بحامض فقال القاضي: ويحك ما تعرف الحلو من الحامض. فقال: بلى ولكنك أمرتني
بحفظها وما أمرتني بالأكل منها ومن لا يأكل لا يعرف فتعجب القاضي من كلامه
وقال: حفظ الله عليك أمانتك. وزوج منه ابنته فولدت عبد الله بن المبارك
المشهور بالعلم والورع وكان يحج سنة ويغزو في سنة أخرىوأكثر الترحال والتطواف إلى الغاية في طلب العلم والجهاد والحج والتجارة. نشأة عبد الله بن المبارك لقد نشأ
عبد الله يبن المبارك في بيت تقوى وورع فأبوه الذي كان يعمل في بستان لا
يعرف حلو الفاكهة من حامضها وتزوج بامرأة ذات دين وخلق وهي ابنة صاحب
البستان فكان أثر ذلك عبد الله ابن المبارك الذي كان يحج عاماً ويغزو عاماً
الذي اشتهر بالزهد والورع والتقوى. وكانت نشأته أيضاً بمرو هذا
البلد الذي اشتهر عنه العلم، فتربى عبد الله ابن المبارك على يد أبويه
التقوى والورع وأخذ العلم عن علماء بلدته كما أنه لم يكتف بذلك بل رحل في
طلب العلم فكان له في ذلك شأن كبير. جهادهيقول عبدة بن سليمان المروزي:
كنا في سرية مع ابن المبارك في بلاد الروم. فصادفنا العدو ولما التقى
الجمعان خرج رجل للمبارزة فبرز إليه رجل فقتله ثم آخر فقتله ثم آخر فقتله
ثم دعا إلى البراز فخرج إليه رجل فطارده ساعة ثم طعنه فقتله فازدحم الناس
فزاحمت فإذا هو ملثم وجهه فأخذت بطرف ثوبه فمدته فإذا هو عبد الله بن
المبارك فقال: وأنت يا أبا عمرو ممن يشنع علينا. وعن عبد
الله بن سنان قال: كنت مع ابن المبارك والمعتمر بن سليمان بطرسوس فصاح
الناس النفير فخرج ابن المبارك والناس فلما اصطف المسلمون والعدو خرج رومي
وطلب البراز فخرج إليه رجل فشد العلج على المسلم فقتله حتى قتل ستة من
المسلمين وجعل يتبختر بين الصفين يطلب المبارزة ولا يخرج إليه أحد. قال:
فالتفت إلي ابن المبارك وقال: يا فلان إن حدث بن الموت فافعل كذا وكذا.
وحرك دابته وبرز للعلج فعالج معه ساعة فقتل العلج وطلب المبارزة فبرز إليه
علج آخر فقتله حتى قتل ستة علوج وطلب البراز. قال: فكأنهم كاعوا عنه فضرب
دابته وطرد بين الصفين وغاب. فلم نشعر بشيء إذ أنا بابن المبارك في الموضع
الذي كان. فقال لي: يا أبا عبد الله لأن حدثت بهذا أحدا وأنا حي وذكر كلمة.
أخلاقه حكي عنه رحمه الله عليه أنه
قال: خرجت للغزو مرة فلما تراءت الفئتان خرج من صف الترك فارس يدعو إلى
البراز فخرجت إليه فإذا قد دخل وقت الصلاة قلت له: تنح عني حتى أصلي ثم
أفرغ لك فتنحى فصليت ركعتين وذهبت إليه فقال لي: تنح عني حتى أصلي أنا أيضا
فتنحيت عنه فجعل يصلي إلى الشمس فلما خر ساجدا هممت أن اغدر به فإذا قائلا
يقول:"وأوفوا بالعهد إن العهد كان مسئولا" فتركت الغدر فلما فرغ من صلاته
قال لي لما تحركت؟ قلت: أردت الغدر بك قال: فلم تركته؟ قلت لأني أمرت
بتركه. قال الذي أمرك بترك الغدر أمرني بالإيمان وآمن والتحق بصف المسلمين.
فقد دعته أخلاقه ألا يغدر بأعدائه فكانت بركة أخلاقه أن انضم عدوه إلى
الإسلام بعد أن كان من المحاربين له. قالوا عنه قال عنه ابن حنبل: لم يكن في زمانه مثله ولا أطلب منه للعلم. وقال
العباس بن مصعب: جمع ابن المبارك والحديث والفقه والعربية وأيام الناس
والشجاعة والسخاء ومحبة الفرق له. وكان غنياً رأس ماله نحوٌ من أربعمائة
ألف درهم وكان من فحول الشعراء ولما بلغ الرشيد موته قال: مات سيد العلماء.
قال
إسماعيل بن عياش ما على وجه الأرض مثله وما أعلم خصلة من الخير إلا وقد
جعلها الله في ابن المبارك ولقد حدثنى أصحابي أنهم صحبوه من مصر إلى مكة
فكان يطعمهم الخبيص وهو الدهر صائم وقدم مرة الرقة وبها /خلافة-هارون-الرشيد]
هارون الرشيد
فلما دخلها احتفل الناس به وازدحم الناس حوله فأشرفت أم ولد للرشيد من قصر
هناك فقالت ما للناس فقيل لها قدم رجل من علماء خراسان يقال له عبد الله
بن المبارك فانجفل الناس إليه فقالت المرأة هذا هو الملك لا ملك هارون
الرشيد. من كلماتهقال ابن المبارك: رب عمل صغير تكبره النية ورب عمل كبير تصغره النية.وقال حبيب الجلاب: سألت ابن المبارك: ما خير ما أعطي الإنسان؟قال: غريزة عقلقلت: فإن لم يكن قال: حسن أدبقلت: فإن لم يكن قال: أخ شفيق يستشيرهقلت: فإن لم يكن قال: صمت طويلقلت: فإن لم يكن قال: موت عاجلقال عبد الله: إذا غلبت محاسن الرجال على مساوئه لم تذكر المساويء وإذا غلبت المساويء على المحاسن لم تذكر المحاسن. وقال في رسالة بعث بها إلى الفضيل بن عياض: يا عابد الحرمين لو أبصرتنا *** لعلمت أنك بالعبادة تلعبمن كان يخطب خده بدموعه *** فنحورنا بدمائنا تتخضبوغبار خيل الله في أنف امرء *** ودخان نار جهنم لا يذهبهذا كتاب الله يحكم بيننا *** ليس الشهيد كغيره لا يكذب وفاته قال أبو عمر بن عبد البر: أجمع العلماء على قبوله وجلالته وإمامته وعدله.توفي عبد الله بن المبارك سنة 181هـ عن ثلاث وستين سنة