الحديث السابع الدين النصيحه
عن أبـي رقــيـة تمـيم بن أوس الـداري -رضي الله تعالى عنه- أن النبي -صلى الله عـليه وسـلم- قـال :( الـديـن النصيحة ). قلنا : لمن ؟ قال : (لله ، ولـكـتـابـه ، ولـرسـولـه ، ولأئـمـة الـمـسـلـمـيـن وعــامـتهم ) [رواه مسلم].
بسم
الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، وصلى الله على نبينا محمد،
وعلى آله وأصحابه أجمعين، نسأل الله -عز وجل- أن يرزقنا العلم النافع،
والعلم الصالح، وأن يعلمنا ما ينفعنا، وأن ينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا
علما إنه سميع قريب مجيب.
قال المصنف -رحمه الله-: عن أبى رقية تميم بن أوس الداري -رضى الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (الدين النصيحة) قلنا: لمن؟ قال: (لله، ولرسوله، وللأئمة المسلمين وعامتهم) هذا الحديث [رواه مسلم] في صحيحه.
وفي بعض الروايات عند أصحاب السنن، قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: الدين النصيحة ثلاث مرات (الدين النصيحة، الدين النصيحة، الدين النصيحة).
قوله: (الدين النصيحة)
الدين: هو الملة، والمراد به: دين الإسلام، والنصيحة هي في الأصل اللغوي:
من النصح: وهو الخلوص، تقول: نصحت العسل إذا خلصته من الشمع، وفي الشرع
المراد بالنصيحة: هي إرادة الخير للمنصوح له، ففلان نصح فلانا بمعنى: أنه
أراد له الخير في هذه المسألة، أو هذه القضية التي نصح فيها.
وقوله: (الدين النصيحة) كأنه حصر الدين بالنصيحة، هذا من باب الاهتمام بهذه النصيحة، بأن النصيحة تحتل مكانا كبيرا في هذا الدين، مثل قوله: (الحج عرفة) وهذا يدل على: أن عرفة الركن الأعظم من أركان الحج؛ لأنه جعل الحج هو عرفة، يعنى الوقوف بعرفة. كذلك هنا قال: (الدين النصيحة) كأنه جعل الاهتمام بالنصيحة، لأن النصيحة تأخذ مكانا عظيما في الدين.
قلنا: لمن يا رسول الله؟ قال:(لله، ولكتابه، ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم)
لله -عز وجل- ولرسوله لنبي الله محمد -صلى الله عليه وسلم- ولكتابه
القرآن، ولأئمة المسلمين حكامهم وعلمائهم، أئمة المسلمين: فالحكام هم الذين
يديرون شئون المسلمين، وعلمائهم هم الذين يديرون أمر دينهم، وعامتهم سوى
الحكام والعلماء.
هذا
الحديث فيه مسائل كثيرة نقتصر على أهم هذه المسائل: المسألة الأولى: عظم
أمر النصيحة في دين الله -عز وجل- هذه العظمة أين أخذناها؟ من قوله: (الدين النصيحة)
كأنه حصر الدين بالنصيحة، فهذا يدل على الاهتمام بهذا الأمر، ومن المعلوم
أن الدين ليس مجرد النصيحة، بل الدين يشمل: أركان الإسلام، أركان الإيمان،
يشمل واجبات كثيرة، يشمل مستحبات كثيرة، لكن كون الرسول -صلى الله عليه
وسلم- حصر الدين بالنصيحة مما يدل على الاهتمام بهذه النصيحة، أيضا في هذا
الحديث أعطانا المفهوم الكبير والشامل للنصيحة، لما تقول: النصيحة كأنه
يتبادر إلى ذهنك أن فلان ينصح فلان، لكن النبي -صلى الله عليه وسلم- بين أن
للنصيحة مفهوما كبيرا مفهوما ليس محصورا في شيء معين، وإنما مفهوم كبير
يشمل ما يتعلق بالله -عز وجل- وما يتعلق بكتابه -عز وجل- وما يتعلق برسوله
-صلى الله عليه وسلم- وما يتعلق بالعلاقة مع أئمة المسلمين وعامتهم، إذا
مفهوم النصيحة مفهوم شامل لا يقتصر على أمر معين.
أما
النصيحة لله وهي المسألة الثالثة فيعني بها: الإيمان بالله -عز وجل- وما
يندرج تحت الإيمان بالله -سبحانه وتعالى- ما يندرج تحته من توحيد الله
-سبحانه وتعالى- بتوحيده في وجوده، في ذاته -سبحانه وتعالى- في ربوبيته، في
ألوهيته، في أسمائه وصفاته، وكذلك في إخلاص العبادة له -جل وعلا، في
طاعاته -سبحانه وتعالى- في تجنب معصيته، القيام بأداء ما أوجبه -جل وعلا-
والاجتناب لما ن هي عنه -سبحانه وتعالى- إذًا النصيحة لله شاملة، يندرج تحت
هذا الشمول: الإيمان بالله وما يتفرع عنه من توحيده -جل وعلا- في ذاته، في
وجوده، في ربوبيته، في أسمائه وصفاته، في ألوهيته، في القيام بما أوجبه
-جلا وعلا- في القيام والانتهاء عما ن هي عنه الله -سبحانه وتعالى- وإخلاص
هذه العبادة له -سبحانه وتعالى- هذه هي النصيحة لله -جلا وعلا-.
أما
النصيحة لكتابه فالمقصود بالكتاب هنا: إما أن يكون المقصود الكتب المنزلة
كلها، والكتب المنزلة كما سبق معنا منها ما فصل لنا كالتوراة، والإنجيل،
والزبور، وصحف إبراهيم، وصحف موسى، والقرآن، أو أن المراد القرآن فقط، إذا
من المراد الكتب المنزلة كلها سواء المفصل منها ما ذكر، أو ما لم يفصل يكون
الإيمان به إجمالا، أو أن المراد هو كتاب الله -عز وجل- وهو القرآن، فعلى
أية حال من النصيحة للقرآن الإيمان بما جاء به القرآن من هذه الكتب؛ لأن
كتب منزلة من عند الله -جل وعلا- وأن خاتمها وآخرها هو أيش ؟ القرآن
الكريم، ولا يجوز العمل إلا به إلا بالقرآن، أن نؤمن بأنه كلام الله نزله
على رسوله -صلى الله عليه وسلم- ليقرأ ويتلى ويحفظ ويعمل به ويحكم في شئون
الحياة كلها، ومن ثم اتباع أوامره واجتناب نواهيه والوقوف عند حدوده مع
تلاوته وتأمله وتدبره ونشره للناس.
وكذلك
النصيحة لرسوله -صلى الله عليه وسلم- يكون بالتصديق برسول الله -صلى الله
عليه وسلم- يكون بالإيمان بأنه رسول من عند الله نأتمر بأمره ونجتنب ما ن
هي عنه -عليه الصلاة والسلام- لا نعبد الله إلا بما شرع -عليه الصلاة
والسلام- وهذا كله يقتضي محبته -صلى الله عليه وسلم- ويقتضي نشر العمل
بسنته ونشرها للناس، كما يقتضي الدفاع عن سنته -عليه الصلاة والسلام- هذه
هي النصيحة لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- ابتداء من الإيمان به،
والتصديق بما جاء به، والائتمار بأمره -عليه الصلاة والسلام- والاجتناب عما
ن هي عنه التصديق بأخباره -عليه الصلاة والسلام- ألا يعبد الله إلا بما
شرع -عليه الصلاة والسلام- محبته -عليه الصلاة والسلام- وتقديم هذه المحبة
على النفس والمال والوالد والولد والناس أجمعين -عليه الصلاة والسلام-
والعمل بسنته -عليه الصلاة والسلام- نشر سنته -عليه الصلاة والسلام- الدفاع
عن سنته -عليه الصلاة والسلام- هذه هي النصيحة لرسول الله -صلى الله عليه
وسلم-.
ثم قال (النصيحة لأئمة المسلمين وعامتهم)
النصيحة لأئمة المسلمين كما عرفنا أن أئمة المسلمين: هم حكامهم وعلمائهم،
وحكامهم النصيحة لهم أولا طاعتهم فيما لم يخالف أمر الله -سبحانه وتعالى-
ثم حب صلاحهم؛ لأن صلاحهم صلاح للأمة كلها، وأيضا اجتماع الأمة عليهم، وعدم
الخروج عليهم بالقول أو بالفعل أو بالسيف، ثم إعطائهم المشورة فيما
يطلبون، أو فيما يرى الناصح أنه يبلغهم هذه المشورة التي يرى فيها الخير،
إذًا النصيحة لأئمة المسلمين: أولا: الائتمام بإمامتهم، ثانيا: حب صلاحهم؛
لأن صلاحهم صلاح للمجتمع كله، اجتماع الأمة عليهم، عدم الخروج عليهم بالقول
أو بالفعل، الخروج بالقول يعنى: يتحدث الإنسان بضرورة الخروج؛ لأنه يجب
الخروج، أو بالفعل بأن يخرج بنفسه أي بأفعاله، أو الخروج بالسيف، وكل هذا
يجب أن يرفض، ويحب الإنسان ويعمل به، يحب الاجتماع عليهم، ويعمل بهذا
الاجتماع، أو أيضا الدعاء لهم بالهدى والصلاح والتوفيق والتسديد، ويكثر من
هذا الدعاء، وأيضا تقديم المشورة عند طلبها، وتقديم المشورة فيما حتى لو لم
تطلب فيما يراه هذا الناصح بأن يقدم هذه المشورة هذه هي النصيحة لأئمة
المسلمين.
والنصيحة
لعلماء المسلمين كما قيل لأئمة المسلمين: بالدعاء لهم، بحب صلاحهم، بحب
إقامتهم بشرع الله -عز وجل- وكذلك النصح لهم، وعدم الهمس والغمز في
أعراضهم، والتعدي على ما يصدرونه من أحكام وفتاوى وأحكام، فهم علماء الأمة.
أما
النصيحة لعامة المسلمين فيندرج تحتها أمرهم بالمعروف، ونهيهم عن المنكر،
إرشادهم لما فيه الخير والصلاح والتقى لهم، وفيما يسعدهم في دينهم ودنياهم،
هذه النصيحة لعامة المؤمنين، هذا ما يدل عليه ظاهر الحديث.
ونحن
نتكلم عن النصيحة لابد أن نشير إلى بعض الأمور: من الأمور التي يشار إليها
بإيجاز آداب النصيحة، كما عرفنا أهمية النصيحة وعظم شأنها في دين الله -عز
وجل- فآدابها كثيرة فأهمها:
الأمر
الأول: إخلاص الناصح لنصيحته، بمعنى أن يخرج الناصح هذه النصيحة بإخلاص
لله -عز وجل- ويعتقد أن ذلك عبودية لله -سبحانه وتعالى- فيخلص هذه العبودية
لله -جل وعلا- يخلصها بمعنى أن يطلب الأجر من نصيحته هذا الأمر الأول من
الآداب.
الأمر
الثاني: إرادة الخير للمنصوح له، بمعنى هدف النصيحة ما هدف النصيحة؟ أريد
الخير لنفسي بهذه النصيحة، أريد الخير للمنصوح له من حكام المسلمين، من
علماء المسلمين، من عامة المسلمين، لكتاب الله، لرسوله -صلى الله عليه
وسلم- وهكذا. إذًا الأدب الثاني الهدف من النصيحة هو إرادة الخير، إشاعة
الخير في المجتمع، إشاعة الخير بين الناس هذا الذي أريد. إذًا لابد أن يكون
لهذه النصيحة هدفا واضح بمعنى أنني أبتغي الخير للناس. الأمر الثالث: من
آداب النصيحة أن تكون في محلها، فالنصيحة ما بين الإنسان، وما بين المنصوح
له، بين الناصح والمنصوح له، وقيل من نصحك أمام الناس فقد فضحك، فكما أنت
لا تريد أن يفضحك الناس بعملك أو بقولك أو حياتك، كذلك الناس لا يريدون ذلك
إلا إذا كانت النصيحة لعامة الناس بإجمال مثل: خطيب الجمعة ممكن أن يقول:
ما بال أقوام، وإذا كانت ظاهرة أو شائعة في المجتمع يقول: ما بال الناس
يعملون كذا، إما إذا كانت النصيحة موجهة لفرد أو أفراد من الناس معينين
فيجب أن تكون فيما بينه وبينهم؛ لأن النفس ترفض أن يعلن عن خفاياها وعن
أمورها وعن أسرارها عند الناس، فما بالك إذا كان المنصوح له قيمة في
المجتمع أو مسئولية، وهذه النصيحة تمس مسئوليته، وكلما كانت النصيحة فيما
بين الناصح والمنصوح له أدت ثمارها وآثارها الإيجابية التي يريدها الناصح.
الأمر
الرابع: من الآداب أيضا العلم؛ لأن الناصح لا يتبع الشائعات، فيجب العلم
بالمنصوح فيه، والعلم أيضا بما يقتضيه كتاب الله وسنة رسوله -صلى الله عليه
وسلم- بهذا المنصوح، كثير من الناس ينصح وهو لا يدرى بما ينصح، يعترض على
الأمر وهو لا يدرى لمَ يعترض على هذا الأمر؟ لأن الناس قالوا: والله فلان
أرسلنا بالجوال، وقال: انصح بكذا، انشر كذا، افعل كذا، تقليدا يتبع الناس،
هذا لا يجوز، إذًا العلم بالمنصوح فيه، والعلم بما دل عليه الكتاب والسنة
بالمنصوح فيه، والعلم بطرائق النصح، والعلم لمن تنصح وبما تنصح، فإذًا لابد
من الآداب أن تنصح بعلم؛ لأجل أن تؤدي هذه النصيحة دورها، وأن تؤدي ثمارها
اليانعة -بإذن الله عز وجل-.
الأمر
الخامس: من الآداب والأخير استخدام الألفاظ الطيبة، الكلام الحسن، القول
اللين في هذه النصيحة، يكفى أن نضرب مثالا واحد: الله -سبحانه وتعالى- لما
أرسل موسى وهارون إلى فرعون ماذا قال؟ : ﴿فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا ﴾ لماذا؟ ﴿لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى ﴾ [طه : 44]، الله -سبحانه وتعالى- هو ما يعلم إن فرعون لن يتذكر، ولن يخشاه، يعلم -سبحانه وتعالى- فلماذا قال؟ ﴿فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا ﴾ وقال: ﴿لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى ﴾ [طه : 44]،
إنما ليرسم منهجا لهذه الدعوة، لهذه النصيحة: أن تكون بالقول اللين؛ لكي
تؤتي ثمارها، وإلا فالله -سبحانه وتعالى- يعلم أن فرعون لن يتذكر، ولن
يخشى، ولن يأتي أطغى من فرعون؛ لأنه قال: أنا ربكم الأعلى، ولن يأتي أفضل
من موسى وهارون، سوى محمد صلى الله عليه وسلم، ومع ذلك قال: ﴿فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا ﴾
ما قال: خذ عصا واضربه، ما قال: تحدث أو تكلم معه بألفاظ قويه ومشينا،
واجعله ما يسوى شيء، فيه وما لا فيه من الأشياء المشينة، لا، قال: ﴿فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى ﴾ [طه : 44]،
مع سابق علم الله -عز وجل- أنه لن يتذكر، ولن يخشى، وأنه أطغى الطغاة، وأن
الله -سبحانه وتعالى- جعله عبرة إلى يوم القيامة، فما بالك بأخيك المسلم
الذي أمن بالله ربا، وبالإسلام دينا، وبمحمد -صلى الله عليه وسلم- نبيا
ورسولا، وفيما ترى أنت عليه بعض المخالفات ألا تقول له: قولا لينا، ما بالك
بمسئولك في العمل، ما بالك بأستاذك، ما بالك بزوجتك، بأولادك وجيرانك، هل
هؤلاء لا يستحقون القول اللين ويستحقه فرعون؟! لذلك الله -سبحانه وتعالى-
يرسم لنا منهج في الدعوة إلى الله في النصيحة أن تكون بالأسلوب الحسن
والحكمة، ووضع الشيء في موضعه وهكذا؛ ولذلك يقول الله -سبحانه وتعالى- : ﴿ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ﴾.
نأسف
أننا نتكلم عن المدرسين بعض الشيء، المدرس تقوله له: لماذا أنت مكفهر
الوجه أو المدرسة، قال: والله الطلاب أو الطالبات لا يستحقون إلا العصا،
وهناك بعض أساتذة المرحلة الابتدائية معه عصا، قد يكون معه عصا للتهييب لا
بأس، لكن لماذا تكون مكفهر الوجه، لماذا تكون سيف مصلت؟! لماذا يكرهونك
طلابك؟! لماذا البنات يكرهن معلمتهن؟! لهذا السبب، لو حاروا وداروا لا يمكن
لو كانت المادة العلمية قليلة، إنما الأسلوب حسن لا يكره هذا المعلم وتلك
المعلمة، لا يكرهون للأسلوب الحسن، ويكرهون للأسلوب المشين، والتعامل
باللفظ الغليظ، كأن الإنسان يتعامل من سطح عالٍ مع هؤلاء؛ ولذلك حتى بعضهم
يتجاوز، ويقول: لا، هؤلاء إذا أعطيتهم الدرجة كاملة هذا لا يستحقون، لازم
أنقص الدرجة من أجل أن يجتهدوا أكثر، لا، هذه حقوق ويجب أن يكون هدف
التعليم والتربية كما هو الأصل، لا يكون هدف التعليم والتربية أن أظهر
شخصيتي وأنا ما مثلى أحد، وأنا الذي أقوم وأفعل وأترك والجميع يتبع لي،
فالمعلمة تعامل الطالبات بسوء الظن، فإذا التفتت إحداهن للأخرى فسرت ذلك
بسوء ظن وحاسبتها وشددت عليها، وكذلك معاملة المعلم للطلاب.
المهم
أن نستخدم في تعليمنا في تربيتنا في نصيحتنا الأسلوب الحسن واللين، وهب
أنه هذا ابنك، مادام طالبا عندك وما دامت الطالبة عند معلمتها هي ابنتها
وتعاملها كما تعامل ابنتها في البيت، إذًا من أهم العادات لتؤتي النصيحة
ثمارها م هي ؟ الأسلوب الحسن، والقول اللين كما شرع ربنا -جل وعلا- هذه
الآداب كفيلة بإذن الله أن تعطى آثارا إيجابية كبيرة للنصيحة.
باقي معنا مسألة وهي عندما قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (الدين النصيحة)
يبين أن علينا النصح، ولكن ليس علينا النتائج، فالنتائج على من ؟ على الله
-سبحانه وتعالى-، قد يؤخذ كلامك فهذا حسن، قد لا يؤخذ كلامك، فلست أفضل من
النبي الذي يأتي يوم القيامة وليس معه أحد، ونوح -عليه السلام- دعا قومه
كم سنة ؟ تسعمائة وخمسين سنة ما معه إلا عدد قليل، لم يستجب إلا عدد قليل،
إذًا فالنتائج على الله -سبحانه وتعالى-، لا تقول: إن الناس لا يستجيبون
إلا بالعصا، الناس لا يستجيبون إلا بهذا الكلام، هذه نوعية أبنائي لا
يستجيبون إلا أن أكون شديد عليهم، ليس عليك هذا، عليك النصح، النتائج
والثمار على الله -سبحانه وتعالى- إذًا اعمل على الطريق السليم، ومن ثم
النتائج على الله -جل وعلا- فأنت إذا اتبعت هذا الحديث بأن قمت بالنصيحة،
ورسمت هدفك بهذه النصيحة، واتبعت الطريق السليم بهذه النصيحة، واستعملت
الأساليب الحسنة، واعتقدت أنك بنصيحتك هذه هذا هو الواجب عليك، وليس الواجب
أن الناس يستجيبون، إن النصيحة من أهدافها معذرة إلى ربكم، ولو لم
يستجيبوا وإلا لما أمر الله –سبحانه وتعالى- موسى وهارون أن يذهبا إلى
فرعون وإلا لعاقب موسى وهارون، لما لم يستجيب فرعون، ولعاقب النبي محمد
-صلى الله عليه وسلم- لما لم يستجب عمه أقرب الناس إليه، إذا على الناصح
النصيحة، وليس عليه النتائج، فالنتائج على الله -سبحانه وتعالى-، ثم حينئذ
تؤتي النصيحة ثمارها في الدنيا على الناصح، وعلى أسرته، وعلى ذريته، وعلى
أعماله فيبارك الله له في أعماله فتؤتي النصيحة على المجتمع بإذن الله
يستجيبون، وإذا عمت النصيحة سلم المجتمع من العقاب؛ لأن المجتمع الذي يؤمر
فيه بالمعروف، وينهي فيه عن المنكر لا يعاقبه الله -سبحانه وتعالى-، من
الثمار أيضا ما يحصله الله في الآخرة؛ لأن من سن سنة حسنة فله أجر من عمل
به إلى يوم القيامة، وكذلك في الحديث الآخر: ( من دعا إلى هدى كان له مثل ) أيش (مثل أجر من تبعه إلى يوم القيامة، من غير أن ينقص من أمور الآخرين شيء) بهذا نكون قد أتينا على هذا الحديث ،إذا كان في أسئلة حول على هذا الحديث، أو أن ننتقل إلى الحديث الآخر.