الإنابة
الإنابة
معنى الإنابة:
لغة: الرجوع. تدل على اعتياد مكان والرجوع إليه.
اصطلاحا: إخراج القلب من ظلمات الشّبهات. وقيل: الرجوع من الكل إلى من له
الكل. وقيل: الرجوع من الغفلة إلى الذكر ومن الوحشة إلى الأنس. وقيل:
الرجوع عن كل شيء إلى الله تعالى . مقاييس اللغة (5\367)، الكليات للكفوي
(ص: 308).
قال ابن
تيمية: " فإن الإنابة إلى الله والمتاب هو الرجوع إليه بعبادته وطاعته
وطاعة رسوله والعبد لا يكون مطيعا لله ورسوله - فضلا أن يكون من خواص
أوليائه المتقين - إلا بفعل ما أمر به وترك ما نهى عنه ويدخل في ذلك
التوكل " مجموع فتاوى ابن تيمية (2 \258).
قال ابن القيم: " الإنابة: الإسراع إلى مرضاة الله مع الرجوع إليه في كل وقت وإخلاص العمل له " مدارج السالكين 01\467).
وقال : "
الإنابة: وهي الرجوع إلى الله عز و جل فمتى أكثر الرجوع إليه بذكره أورثه
ذلك رجوعه بقلبه إليه في كل أحواله فيبقى الله عز و جل مفزعه وملجأه
وملاذه ومعاذه وقبلة قلبه ومهربه عند النوازل والبلايا". الوابل الصيب (ص:
62).
قال ابن القيم: " وحقيقة الإنابة عكوف القلب علي طاعة الله ومحبته والإقبال عليه " الفوائد (ص: 13).
وقال ابن
القيم : " والإنابة الرجوع إلى الله وانصراف دواعي القلب وجواذبه إليه
وهي تتضمن المحبة والخشية فإن المنيب محب لمن أناب إليه خاضع له خاشع ذليل
والناس في إنابتهم على درجات متفاوتة فمنهم المنيب إلى الله بالرجوع
إليه من المخالفات والمعاصي وهذه الإنابة مصدرها مطالعة الوعيد والحامل
عليها العلم والخشية والحذر " طريق الهجرتين (ص: 272).
أهمية الإنابة:
قال
ابن تيمية: " الشيطان يكثر تعرضه للعبد إذا أراد الإنابة إلى ربه والتقرب
إليه والاتصال به ؛ فلهذا يعرض للمصلين ما لا يعرض لغيرهم ويعرض لخاصة
أهل العلم والدين أكثر مما يعرض للعامة ولهذا يوجد عند طلاب العلم
والعبادة من الوساوس والشبهات ما ليس عند غيرهم لأنه لم يسلك شرع الله
ومنهاجه ؛ بل هو مقبل على هواه في غفلة عن ذكر ربه . وهذا مطلوب الشيطان
بخلاف المتوجهين إلى ربهم بالعلم والعبادة " مجموع الفتاوى (7\282).
قال ابن رجب: " فالمؤمن
إذا أصابه في الدنيا بلاء ، رجع على نفسه باللوم ، ودعاه ذلك إلى الرجوع
إلى الله بالتوبة والاستغفار " جامع العلوم والحكم (2/ 32).
قال
ابن القيم: " وأما السائرون إليه فظالمهم قطع مراحل عمره في غفلاته وإيثار
شهواته ولذاته على مراضي الرب سبحانه وأوامره مع إيمانه بالله وكتبه
ورسله واليوم الآخر لكن نفسه مغلوبة معه مأسورة مع حظه وهواه يعلم سوء
حاله ويعترف بتفريطه ويعزم على الرجوع إلى الله فهذا حال المسلم وأما من
زين له سوء عمله فرآه حسنا وهو غير معترف ولا مقر ولا عازم على الرجوع
إلى الله والإنابة إليه أصلا فهذا لا يكاد إسلامه أن يكون صحيحا أبدا ولا
يكون هذا إلا منسلخ القلب من الإيمان ونعوذ بالله من الخذلان " طريق
الهجرتين - (ص: 314).
قال
ابن القيم: " المحاسبة متقدمة على التوبة بالرتبة أيضا فإنه إذا حاسب
العبد نفسه خرج مما عليه وهي حقيقة التوبة وأن منزلة التوكل قبل منزلة
الإنابة لأنه يتوكل في حصولها فالتوكل وسيلة والإنابة غاية وأن مقام
التوحيد أولى المقامات أن يبدأ به " مدارج السالكين ( 1\134).
قال ابن
القيم: " التبصر آلة البصر و التذكرة آلة الذكر وقرن بينهما وجعلهما لأهل
الإنابة لأن العبد إذا أناب إلى الله أبصر مواقع الآيات والعبر فاستدل
بها على ما هي آيات له فزال عنه الإعراض بالإنابة والعمى بالتبصرة
والغفلة بالتذكرة " مدارج السالكين (1\442).
قال ابن
القيم: " التوكل نصف الدين والنصف الثاني الإنابة فإن الدين استعانة
وعبادة فالتوكل هو الاستعانة والإنابة هي العبادة ومنزلته : أوسع المنازل
وأجمعها ولا تزال معمورة بالنازلين لسعة متعلق التوكل وكثرة حوائج
العالمين وعموم التوكل ووقوعه من المؤمنين والكفار والأبرار والفجار
والطير والوحش والبهائم" مدارج السالكين(2\113).
عن مرة قال :
قال عبد الله : « إذا كان العبد في صلاته فإنه يقرع باب الملك ، وإنه من
يبدأ بقرع باب الملك يوشك أن يفتح له » الزهد والرقائق لابن المبارك (ص
25)
أنواع الإنابة:
قال
ابن القيم : " والإنابة إنابتان : إنابة لربوبيته وهي إنابة المخلوقات
كلها يشترك فيها المؤمن والكافر والبر والفاجر قال الله تعالى : { وإذا مس الناس ضر دعوا ربهم منيبين إليه
} الروم : (33). فهذا عام في حق كل داع أصابه ضر كما هو الواقع وهذه
الإنابة لا تستلزم الإسلام بل تجامع الشرك والكفر كما قال تعالى في حق
هؤلاء: { ثم إذا أذاقهم منه رحمة إذا فريق منهم بربهم يشركون ليكفروا بما
آتيناهم } الروم : (3334). فهذا حالهم بعد إنابتهم.
والإنابة الثانيةإنابة أوليائه وهي إنابة لإلهيته إنابة عبودية ومحبة وهي
تتضمن أربعة أمور : محبته والخضوع له والإقبال عليه والإعراض عما سواه
فلا يستحق اسم المنيب إلا من اجتمعت فيه هذه الأربعة وتفسير السلف لهذه
اللفظة يدور على ذلك وفي اللفظة معنى الإسراع والرجوع والتقدم و المنيب
إلى الله : المسرع إلى مرضاته الراجع إليه كل وقت المتقدم إلى محابه " مدارج السالكين (1\343).
قال ابن القيم: " قال
صاحب المنازل : الإنابة في اللغة : الرجوع وهي ههنا الرجوع إلى الحق وهى
ثلاثة أشياء : الرجوع إلى الحق إصلاحا كما رجع إليه اعتذارا والرجوع
إليه وفاء كما رجع إليه عهدا والرجوع إليه حالا كما رجعت إليه إجابة لما
كان التائب قد رجع إلى الله بالاعتذار والإقلاع عن معصيته كان من تتمة
ذلك : رجوعه إليه بالاجتهاد والنصح في طاعته " مدارج السالكين (
1\434-435).
قال
ابن القيم: " إذا صفت له الإنابة إلى ربه تخلص من الفكرة في لذة الذنب
وعاد مكانها ألما وتوجعا لذكره والفكرة فيه، فما دامت لذة الفكرة فيه
موجودة في قلبه فإنابته غير صافية فإن قيل : أي الحالين أعلى حال من يجد
لذة الذنب في قلبه فهو يجاهدها لله ويتركها من خوفه ومحبته وإجلاله أو
حال من ماتت لذة الذنب في قلبه وصار مكانها ألما وتوجعا وطمأنينة إلى ربه
وسكونا إليه والتذاذا بحبه وتنعما بذكره قيل : حال هذا أكمل وأرفع وغاية
صاحب المجاهدة أن يجاهد نفسه حتى يصل إلى مقام هذا ومنزلته ولكنه يتلوه
في المنزلة والقرب ومنوط به فإن قيل : فأين أجر مجاهدة صاحب اللذة وتركه
محابه لله وإيثاره رضى الله على هواه وبهذا كان النوع الإنساني أفضل من
النوع الملكي عند أهل السنة وكانوا خير البرية، والمطمئن قد استراح من
ألم هذه المجاهدة وعوفي منها فبينهما من التفاوت ما بين درجة المعافى
والمبتلى؟ قيل : النفس لها ثلاثة أحوال : الأمر بالذنب ثم اللوم عليه
والندم منه ثم الطمأنينة إلى ربها والإقبال بكليتها عليه وهذه الحال أعلى
أحوالها وأرفعها وهي التي يشمر إليها المجاهد وما يحصل له من ثواب
مجاهدته وصبره فهو لتشميره إلى درجة الطمأنينة إلى الله فهو بمنزلة راكب
القفار والمهامه والأهوال ليصل إلى البيت فيطمئن قلبه برؤيته والطواف به
والآخر بمنزلة من هو مشغول به طائفا وقائما وراكعا وساجدا ليس له التفات
إلى غيره فهذا مشغول بالغاية وذاك بالوسيلة وكل له أجر ولكن بين أجر
الغايات وأجر الوسائل بون وما يحصل للمطمئن من الأحوال والعبودية
والإيمان فوق ما يحصل لهذا المجاهد نفسه في ذات الله وإن كان أكثر عملا
فقدر عمل المطمئن المنيب بجملته وكيفيته أعظم وإن كان هذا المجاهد أكثر
عملا وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء "مدارج السالكين (1\438).
عن الحارث المحاسبي قال : « العلم يورث الخشية ، والزهد يورث الراحة ، والمعرفة تورث الإنابة » شعب الإيمان للبيهقي (4/338).
حواجب على طريق الإنابة:
قال ابن القيم: " وأما أسباب الإنقاطات عن الله عز وجل والمساقط وهي التي تعرف باللعاين:
فأولها السقوط الذي يستحق به الأعراض وتتبعه الإستهانة.
والثاني السقوط الذي يستحق به الحجاب ويتبعه الإستخفاف.
والثالث السقوط الذي يستحق بالطرد ويتبعه المقت.
والرابع السقوط الذي يستحق به الخسأة ويتبعه البغض. وإنما يشقى العبد إذا حصل على أربع خلال.
أولها الكسل والبطالة ويتبعهما ضياع الزمان وفناء العمر بغير فائدة إنسانية.
والثاني الغباوة والجهل المتولدان عن ترك النظر ورياضة النفس بالتعاليم التي أحصيناها في كتاب مراتب السعادات.
والثالث:
الوقاحة التي ينتجها إهمال النفس إذا تتبعت الشهوات وترك زمامها لركوب
الخطايا والسيئات، والرابع الإنهماك الذي يحدث من الاستمرار في القبائح
وترك الإنابة وهذه الأنواع الأربعة مسماة في الشريعة بأربعة أسماء، فالأول
هو الزيغ والثاني هو الرين والثالث هو الغشاوة، والرابع هو الختم.
الاستقامة بعد الإنابة:
قال ابن قيم
الجوزية: " قاعدة في ذكر طريق يوصل إلى الاستقامة في الأحوال والأقوال
والأعمال: وهي شيئان أحدهما حراسة الخواطر وحفظها والحذر من إهمالها
والاسترسال معها فإن أصل الفساد كله من قبلها يجيء لأنها هي بذر الشيطان
والنفس في أرض القلب، فإذا تمكن بذرها تعاهدها الشيطان بسقيه مرة بعد
أخرى حتى تصير إرادات ثم يسقيها بسقيه حتى تكون عزائم ثم لا يزال بها حتى
تثمر الأعمال، ولا ريب أن دفع الخواطر أيسر من دفع الإرادات والعزائم
... "
فإن قلت فما الطريق إلى حفظ الخواطر قلت أسباب عدة:
أحدها: العلم الجازم باطلاع الرب سبحانه ونظره إلى قلبك وعلمه بتفصيل خواطرك.
الثاني: حياؤك منه.
الثالث: إجلالك له أن يرى مثل تلك الخواطر في بيته الذي خلق لمعرفته ومحبته.
الرابع: خوفك منه أن تسقط من عينه بتلك الخواطر.
الخامس: إيثارك له أن تساكن قلبك غير محبته.
السادس: خشيتك أن تتولد تلك الخواطر ويستعر شرارها فتأكل ما في القلب من الإيمان ومحبة الله فتذهب به جملة وأنت لا تشعر.
السابع: أن
تعلم أن تلك الخواطر بمنزلة الحَب الذي يلقى للطائر ليصاد به فاعلم أن كل
خاطر منها فهو حبة في فخ منصوب لصيدك وأنت لا تشعر.
الثامن: أن
تعلم أن تلك الخواطر الرديئة لا تجتمع هي وخواطر الإيمان ودواعي المحبة
والإنابة أصلا بل هي ضدها من كل وجه، وما اجتمعا في قلب إلا وغلب أحدهما
صاحبه وأخرجه واستوطن مكانه فما الظن بقلب غلبت خواطر النفس والشيطان فيه
خواطر الإيمان والمعرفة والمحبة فأخرجتها واستوطنت مكانها لكن لو كان
للقلب حياة لشعر بألم ذلك وأحس بمصابه.
التاسع: أن
يعلم أن تلك الخواطر بحر من بحور الخيال لا ساحل له، فإذا دخل القلب في
غمراته غرق فيه وتاه في ظلماته فيطلب الخلاص منه فلا يجد إليه سبيلا فقلب
تملكه الخواطر بعيد من الفلاح معذب مشغول بما لا يفيد.
العاشر: أن
تلك الخواطر هي وادي الحمقى وأماني الجاهلين فلا تثمر لصاحبها إلا
الندامة والخزي وإذا غلبت على القلب أورثته الوساوس وعزلته عن سلطانها
وأفسدت عليه رعيته وألقته في الأسر الطويل ... ولهذا لما تحققت طائفة من
السالكين ذلك عملت على حفظ الخواطر فكان ذلك هو سيرها وجل أعمالها وهذا
نافع لصاحبه بشرطين:
أحدهما أن لا يترك به واجبا ولا سنة.
والثاني أن
لا يجعل مجرد حفظها هو المقصود بل لا يتم ذلك إلا بأن يجعل موضعها خواطر
الإيمان والمحبة والإنابة والتوكل والخشية فيفرغ قلبه من تلك الخواطر
ويعمره بأضدادها وإلا فمتى عمل على تفريغه منها معا كان خاسرا فلا بد من
التفطن لهذا ومن هنا غلط أقوام من أرباب السلوك وعملوا على إلقاء الخواطر
وإزالتها جملة فبذر فيها الشيطان أنواع الشبه والخيالات فظنوها تحقيقا
وفتحا رحمانيا وهم فيها غالطون وإنما هي خيالات شيطانية والميزان هو الكتاب
الناطق والفطرة السليمة والعقل المؤيد بنور النبوة ". طريق الهجرتين
(ص277-274).
المنيبون:
قال ابن
القيم: " وأما الأبرار المقتصدون فقطعوا مراحل سفرهم بالاهتمام بإقامة
أمر الله وعقد القلب على ترك مخالفته ومعاصيه فهممهم مصروفة إلى القيام
بالأعمال الصالحة واجتناب الأعمال القبيحة فأول ما يستيقظ أحدهم من منامه
يسبق إلى قلبه القيام إلى الوضوء والصلاة كما أمره الله فإذا أدى فرض
وقته اشتغل بالتلاوة والأذكار إلى حين تطلع الشمس فيركع الضحى ثم ذهب إلى
ما أقامه الله فيه من الأسباب فإذا حضر فرض الظهر بادر إلى التطهر
والسعي إلى الصف الأول من المسجد فأدي فريضته كما أمر مكملا لها بشرائطها
وأركانها وسننها وحقائقها الباطنة من الخشوع والمراقبة والحضور بين يدي
الرب فينصرف من الصلاة وقد أثرت في قلبه وبدنه وسائر أحواله آثارا تبدو
على صفحاته ولسانه وجوارحه ويجد ثمرتها في قلبه من الإنابة إلى دار
الخلود والتجافي عن دار الغرور وقلة التكالب " طريق الهجرتين (ص: 314).
قال ابن
القيم: " ومن علامات الإنابة : ترك الاستهانة بأهل الغفلة والخوف عليهم
مع فتحك باب الرجاء لنفسك فترجو لنفسك الرحمة وتخشى على أهل الغفلة
النقمة ولكن ارج لهم الرحمة واخش على نفسك النقمة فإن كنت لا بد مستهينا
بهم ماقتا لهم لانكشاف أحوالهم لك ورؤية ما هم عليه فكن لنفسك أشد مقتا
منك لهم وكن لهم أرجى لهم لرحمة الله منك لنفسك قال بعض السلف : لن تفقه
كل الفقه حتى تمقت الناس في ذات الله ثم ترجع إلى نفسك فتكون لها أشد
مقتا وهذا الكلام لا يفقه معناه إلا الفقيه في دين الله فإن من شهد حقيقة
الخلق وعجزهم وضعفهم وتقصيرهم بل تفريطهم وإضاعتهم لحق الله وإقبالهم
على غيره وبيعهم حظهم من الله بأبخس الثمن من هذا العاجل الفاني لم يجد
بدا من مقتهم ولا يمكنه غير ذلك ألبتة ولكن إذا رجع إلى نفسه وحاله
وتقصيره وكان على بصيرة من ذلك : كان لنفسه أشد مقتا واستهانة فهذا هو
الفقيه " مدارج السالكين ( 1\438).
أعلى أنواع الإنابة:
قال ابن
القيم: " فأعلى أنواع الإنابة: إنابة الروح بجملتها إليه لشدة المحبة
الخالصة المغنية لهم عما سوى محبوبهم ومعبودهم وحين أنابت إليه أرواحهم لم
يختلف منهم شيء عن الإنابة فإن الأعضاء كلها رعيتها وملكها تبع للروح،
فلما أنابت الروح بذاتها إليه إنابة محب صادق المحبة وليس فيه عرق ولا
مفصل إلا وفيه حب ساكن لمحبوبه، أنابت جميع القوى والجوارح فأناب القلب
أيضا بالمحبة والتضرع والذل والإنكسار، وأناب العقل بانفعاله لأوامر
المحبوب ونواهيه وتسليمه لها وتحكيمه إياها دون غيرها، فلم يبق فيه
منازعة شبهة معترضة دونها، وأنابت النفس بالانقياد والانخلاع عن العوائد
النفسانية والأخلاق الذميمة والإرادات الفاسدة وانقادت لأوامره خاضعة له
وداعية فيه ومؤثرة إياها على غيره فلم يبق فيها منازعة شهوة تعترضها دون
الأمر وخرجت عن تدبيرها واختيارها تفويضا إلى مولاها ورضىً بقضائه
وتسليما لحكمه ..." . طريق الهجرتين (ص 274-273).