الحديث الامس عشر مـن كـان يـؤمن بالله، والـيـوم الآخـ
عن أبي هـريـرة –رضي الله تعالى عـنه- أن رســول الله -صلي الله عـليه وسـلـم- قــال : (
مـن كـان يـؤمن بالله، والـيـوم الآخـر، فـلـيـقـل خـيـرًا، أو لـيـصـمـت،
ومـن كــان يـؤمن بالله، واليـوم الآخر، فـليكرم جاره، ومن كان يؤمن
بالله، واليوم الآخر، فليكرم ضيفه.)، [رواه البخاري ومسلم].
بسم
الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، وصلى وسلم وبارك على نبينا
محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، نسأل الله – عزّ وجلّ –أن يرزقنا العلم
النافع، والعمل الصالح، وأن يعلمنا ما ينفعنا، وأن ينفعنا بما علمنا، وأن
يزيدنا علما، إنه سميع قريب مجيب .
قال المصنف -رحمه الله-: عن أبي هـريـرة -رضي الله تعالى عـنه- أن رســول الله -صلي الله عـليه وسـلـم- قــال : (
مـن كـان يـؤمن بالله، والـيـوم الآخـر، فـلـيـقـل خـيـرًا، أو لـيـصـمـت،
ومـن كــان يـؤمن بالله، واليـوم الآخر، فـليكرم جاره، ومن كان يؤمن
بالله، واليوم الآخر، فليكرم ضيفه.) [رواه البخاري ومسلم] .
هذا الحديث أخرجه الإمام البخاري، والإمام مسلم، فالحديث متفق عليه ، عرفنا أن الحديث المتفق عليه من أعلى درجات الصحة .
قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم– :(مـن كـان يـؤمن بالله، والـيـوم الآخـر )
،هذه الصيغة ترد في بعض الأحاديث، والمقصود هنا: من كان يؤمن إيماناً
كاملاً، ولا يصح تقدير من كان يؤمن وضدها لا يؤمن مطلقاً؛ لأنه المقصود
الإيمان الكامل .
( من كان يؤمن بالله )
:الإيمان بالله عرفناه سابقاً في حديث جبريل، وكذلك الإيمان باليوم الآخر،
وعرفنا باليوم الآخر، وسبب الجمع بين الإيمان بالله، والإيمان باليوم
الآخر: أن المصدر للأفعال هو الإيمان بالله – عزّ وجلّ- ، وأن مآل هذه
الأفعال: هي يوم القيامة- الإيمان باليوم الآخر- بما يحصل المرء نتيجة هذا
الإيمان، وهذه الأفعال التي يفعلها في هذه الحياة، ( فليقل خيراً )، خيراً عامة: أي خير، ( أو ليصمت )، والصمت هو: السكوت عن الكلام .
( ومـن كــان يـؤمن بالله، واليـوم الآخر، فـليكرم جاره )، الجار هو:- في الأصل- الملاصق للبيت، الملاصق لبيت الإنسان.
واختلف
أهل العلم في حد الجار، فمنهم من قال: ما يطلق في العرف، الجار عرفاً تقول
:هذا جاري عرفاً ، و منهم من حده بأربعين بيتاً من كل جهة ، ولا شك أن
كلما قرب الجار كان أولى بالحقوق من غيره .
( ومن كان يؤمن بالله، واليوم الآخر، فليكرم ضيفه .)، والإكرام سيأتينا، إكرام الجار، وإكرام الضيف، والضيف هو: القادم للإنسان من مكان بعيد يقدم إلى هذا الشخص .
هذا الحديث فيه مسائل، ومسائل مهمة، وهذه المسائل في الآداب، فهو من قواعد الآداب العامة، أو من أصول الأخلاق.
القاعدة الأولى أو القضية الأولى أو الوحدة الأولى: ما يتعلق بالكلمة .
الكلمة
في ميزان الله- تعالى- لها أهمية كبرى، الكلمة قد ترفع الإنسان في أعلى
عليين عند الله - سبحانه وتعالى – وقد تخفضه في أسفل سافلين في الدرك
الأسفل من النار.
إذاً،
هذه العضلة -هذا اللسان- بما يخرج من كلام، قد يرفع الإنسان، وقد يضعه، قد
يرفعه عند الله - سبحانه وتعالى –، ويخرجه من النار إلى الجنة، وقد ينزله
إلى أن يكون في أسفل سافلين، وكما أن هذا الارتفاع، وهذا الانخفاض في
الآخرة، فكذلك في الدنيا، قد يقول الإنسان كلمة، فيرتفع بها في مقام أعلى
في هذه الدنيا، وقد يقول كلمة فينخفض بها .
إذاً،
هذا اللسان له أهمية كبرى، لماذا هذه الأهمية الكبرى؟ لما يترتب عليه من
آثار خطيرة في الدنيا، وفى الآخرة، في الآخرة كما عرفنا قد يرفعه إلى أعلى
عليين عند الله، وينقله من النار إلى الجنة، وقد يخفضه بأن ينقله من الجنة
إلى النار، بل يكون في أسفل سافلين .
وبناء على هذا: تأتي المسألة الأخرى، ما هي الكلمة التي تنقل الإنسان في أعلى عليين، وما هي الكلمة التي تخفضه في أسفل سافلين ؟
أنا
سأمثل ببعض الأمثلة، ونطلب من الأخوة الذين يتابعوننا أن يزيدوا من
الأمثلة،الأمثلة التي ترفع مكانة الإنسان في الآخرة، أو تخفضه في الآخرة،
من ذلك مثلا:ً كلمة التوحيد، لا إله إلا الله محمد رسول الله ، قال عنها
النبي – صلى الله عليه وسلم – عندما كان يدعو عمه أبا طالب قال: ( قل لي كلمة أحاج لك بها عند الله ، يا عم قل لا إله إلا الله )
، في اللحظات الأخيرة من حياته يطلب هذه الكلمة، هذه الكلمة لو قالها
لنقلته من النار إلى الجنة، إذاً. الكلمة ترفع الإنسان في الآخرة، وهذا
مثال،
وقد
تخفضه إلى أسفل سافلين ما تضادها، وهي كلمة الشرك، عندما يشرك بالله -
سبحانه وتعالى – وينطق بأن الصنم إلهه مثل،اً أو بأن هذا الوثن يعبده، أو
نحو ذلك من الكلمات التي تنقل الإنسان إلى أن تجعله في أسفل سافلين، وكذا
كلمة النفاق، عندما يتلفظ بها، مثل: الذين استهزءوا بالنبي - صلى الله عليه
وسلم – وأصحابه عندما رجعوا من غزوة تبوك قالوا: لم نرى مثل قومنا أجبن
عند اللقاء، أو أكبر بطونا،ً وأطول ألسنا،ً وأجبن عند اللقاء .
فهذه
الكلمة أنزلتهم إلى أسفل سافلين؛ لأنها كلمة نفاق، فالاستهزاء بالله، أو
بآياته، أو برسوله – صلى الله عليه وسلم –، تهوي بالإنسان إلى أسفل سافلين،
وبينهما مساحات كبرى،فهناك كلمات ترفع الإنسان في الآخرة، مثل: قراءة كتاب
الله – عزّ وجلّ – ، هذه ترفع الإنسان، وتزيده مثل: أذكار الله – سبحانه
وتعالى– ، مثل الدعاء، مثل الأمر بالمعروف، النهي عن المنكر باللسان، مثل
الدعوة إلى الله – عزّ وجلّ –، إرشاد الضال، كذلك الدلالة على الحق في أمر
من الأمور، النهي عن شيء قد يضر الإنسان، الدلالة على ما فيه مصلحة هذا
الإنسان، وهكذا الكلمات كثيرة التي ترفع الإنسان.
والكلمات التي تهبط به أيضا كثيرة مثل إيش ؟
سب
الله – سبحانه وتعالى – ، أو رسوله، أو آياته، كذلك أيضاً شهادة الزور،
اللعن، والسباب، والشتائم، إيش أيضا: الكذب، الغيبة، النميمة، قول الزور،
الكلام بالباطل، القذف( قذف المحصنات، قذف الرجال بغير حق)،
كل هذه من الكلمات التي تهبط بالإنسان، والمثال على ذلك: ما قاله النبي –
صلى الله عليه وسلم :– في أمر الغيبة، لما أشارت إحدى زوجاته عن أخرى،
أنها تغمز بها، وتتكلم عنها بصفة (فيها هي هذه الصفة)،
لكن ذكرتها علي سبيل التنقص، فقال لها النبي – صلى الله عليه وسلم :– إنك
قلت كلمة، لو مزجت بماء البحر لغيرته، أو لمزجته كما في بعض الروايات .
إذاً، الكلمة ترفع الإنسان، والكلمة تهبط بالإنسان؛ ولذلك قال النبي – صلى الله عليه وسلم :( فليقل خيراً، أو ليصمت ) ؛ ولذلك أمر اللسان أمر مهم، والنبي - صلى الله عليه وسلم – عندما أوصى معاذا في الحديث الطويل، قال في آخره: ( وكف عنك هذا، وأشار إلى لسانه)، قال معاذ: وإنا لمؤاخذون بما نتكلم به؟ قال: (ثكلتك أمك يا معاذ، وهل يكب الناس في النار على وجوههم إلا حصائد ألسنتهم) ،
الكلمة
خطيرة؛ ولذلك من كان آخر كلامه من الدنيا لا إله إلا الله، حرم الله وجهه
عن النار،ومن كانت كلمته الأخيرة الشرك حرم عن الجنة، وبقي في النار
والعياذ بالله .
إذاً،
قال النبي – صلى الله عليه وسلم :– كف عنك هذا؛ ولهذا الإنسان يتكلم
كثيرا، ثم إن اللسان هو المعبر عن مكنونات الإنسان، معبر عن الضمير، معبر
عن الخواطر، معبر عن العلم الذي
يحمله،
الإنسان معبر عن العقيدة التي يتبناها، الإنسان معبر عن الأفكار الذي
يقولها الإنسان؛ ولذلك في الخواطر لا يؤاخذ، لكن عندما يتكلم يؤاخذ،
الخواطر كثيرة تذهب، وتجيئ.
والخاطرة
عفا الله عنها، لكن عند ما تنتقل هذه الخاطرة إلى أن يعبر عنها بلسانه،
حينئذ يؤاخذ عليها، الإنسان يرفع بها عند الله - سبحانه وتعالى – ،أو يخفض
عند الله - سبحانه وتعالى – يوم القيامة .
ثم
إن، هذه الكلمة لها آثار أيضاً في حياة الإنسان، لها أثر في حياة الإنسان
الدنيوية، في علاقته مع الآخرين إذا استعمل السباب، الشتائم، اللعان،
الكذب، الزور، الناس كرهوه، وقطعوا العلاقة به، وحينئذ: رأوه بمنظار أسود،
كل ما تكلم به لا يصدق، ويخشونه، ويتركونه اتقاء شره، وهذا من شر الناس،
بينما الآخر الذي إذا قابله سلم، ثم يدعو له، إما أن يدله على خير، وإما أن
يستفيد منه فائدة، وإما أن ينقل له أمراً مفيدا،ً فهذا فيه خير، ويحبه
الناس .
يبقى
لنا مسألة مهمة: وهي في كلام الناس الكثير الذي نسميه السواليف، هذه
السواليف والقصص والأخبار، والاستمتاع بالسمر مع الأهل، والأصدقاء، مع
الزملاء، قصة حدثت، حكاية، هذه في دائرة المباح، فإن انتقل هذا المباح إلى
أمر خير، تأتي بالقصة فيها فوائد، فذلك خير تؤجر عليه، تأتي بالحكاية من
الحكايات، تأتي بقضية حصلت فيها فائدة لك خير، فيها شر تأثم على ذلك، ما
بينهما الأمر مباح، إذاً، الكلام إما أن يكون خيراً، فيجب على الإنسان أن
يبادر فيه، إما أن يكون شراً فيصمت، ولا يتكلم به،إما أن يكون مباحاً، فإن
كان هذا المباح فيه دلاله على خير، انتقل إلى الجانب الأول، إن كان هذا
المباح فيه دلالة على الشر، انتقل إلى الجانب الثاني، إذا كان لا هذا، ولا
هذا لمجرد الاستمتاع، والأخذ، والعطاء، فهذا مباح، ودائرته واسعة، لا
يؤاخذ، ولا يثاب على ذلك .
بقي لنا أيضاً مسألة: في وحدة اللسان، والكلمة أيهما أفضل الكلام، أم السكوت ؟
الكلام إذا كان خيراً فهو أفضل، فإن لم يكن خيراً فالسكوت أولى .
إذاً،
الكلام أفضل، أو السكوت أفضل؟ فيجب أولاً هنا المقارنة، فيها تفصيل، إذا
كان الكلام خيراً فهو أفضل مثلما قلنا في مسألة الذكر، والقرآن، والأمر
بالمعروف، والنهي عن المنكر، إذا كان هذا الكلام سيؤدى إلى شر، فالسكوت
أفضل؛ ولذلك قال النبي – صلى الله عليه وسلم – هنا: ( فليقل خيراً، أو ليصمت ) .
بناء
على هذا: فعلى المسلم أن يعوِّد لسانه على الكلام الطيب، وعلى الكلام الذي
فيه نفع، وفيه فائدة، و فيه دلالة على الخير، يرفعه عند الله - سبحانه
وتعالى – ولا يخفضه، ومن تعود لسانه من صغره ،أو اعتمد على كلمات مشينة،
أو على كلمات لا يدرك معناها، مثل: بعض العامة، قد تتعود ألسنتهم على أدعية
غير مناسبة، فهل يسأل عنها، ويكف عنها ؟
يقول النبي – صلى الله عليه وسلم – في أمر أهمية اللسان : ( لا يستقيم إيمان العبد حتى يستقيم قلبه، ولا يستقيم قلبه حتى يستقيم لسانه. )، وإن كان هذا من حيث الإسناد فيه ضعف، إلا أن معناه كبير، وسليم .
هل يفهم من هذا الحديث مسألة اللغو، مسألة الكلام مثلاً بدون قصد، بدون إرادة لحقيقة الكلام التي قالها الشخص ؟
إذا
كان الجاري على الألسنة لا والله مثلاً هذه تبقى له، أو بعض الأدعية التي
لا تراد على حقيقتها، حتماً بقرائنها مثل: ثكلتك أمك كما قال النبي – صلى
الله عليه وسلم– (ثكلتك أمك يا معاذ)، فهذه لا شيء فيها؛ لأنها لا تجري على مقاصدها.
ننتقل
إلى الوحدة الثانية: وهي ممكن نسميها وحدة نفع الآخرين، ونفع الآخرين له
مجالات كبيرة وكثيرة، وهذا النفع مثل له النبي – صلى الله عليه وسلم –
بمثالين :
المثال الأول : إكرام الجار .
المثال الثاني : إكرام الضيف .
إذاً، هذان المثالان مثل بهما النبي – صلى الله عليه وسلم – على نفع الغير .
أما
القاعدة فهي: نفع الغير، فكل ما كان عمل الإنسان فيه نفع للآخرين، ففيه
أجر عظيم عند الله - سبحانه وتعالى –؛ ولذلك النبي – صلى الله عليه وسلم –
هنا جاء بصيغة الأمر، فليكرم جاره، فليكرم ضيفه، وعرفنا الجار، وعرفنا
الضيف .
صيغ إكرام الجار ما هي ؟ صيغ الإكرام كثيرة من أهمها :
عدم الإيذاء، فلا تؤذي جارك، وجاء في حديث: ( من كان يؤمن بالله، واليوم الآخر، فلا يؤذي جاره ) ، ولأهمية هذا الجار بعدم الإيذاء، النبي – صلى الله عليه وسلم – قال: ( ما زال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه ) .
إلا
أن الجار ليس من أهل المواريث، لكن قوة العلاقة مع الجار، يجب أن ترتفع
إلى مستوى كبير تبدأ بعدم الإيذاء، من ذلك أيضاً السلام والتحية لهذا
الجار، وما يتبع السلام، والتحية، من السؤال عن حاله، فالاطلاع على أحواله
العامة، صحته، مرضه، أحواله الاجتماعية، أحواله المالية، إذا كان يحتاج إلى
مساعدة يساعد، الهدية كذلك، لا يلزم أن يكون مساعدة، وإنما هدية يهدي له
جاره من طعامه، من شرابه، من لباسه، من أمواله، يهدي له بما يناسب حاله .
كذلكم
زيارته بين الفينة والأخرى، ومما يذكر فيشكر، ما تفعله بعض الأحياء خاصة
بعد توسع المدن وكثرتها، وبخاصة إذا كانوا يصلون في مسجد واحد، من أن يضعوا
لهم لقاء في الشهر، لقاء في كل شهرين، يجتمع فيه الجيران، سواء من الذكور،
أو من الإناث؛ ولأن طبيعة المدن الآن يعني: تشعبت، وتنوعت، واختلف
الجيران، وتعددت أنواع العلاقات بين الناس، فلا مانع من أن يكون هناك لقاء
بين وقت، وآخر يعرف فيه المريض من الصحيح، يعرف فيه حال فلان من حال فلان،
يتواصى الناس على الخير، يتذاكرون أحوالهم في هذا المسجد، ونحو ذلك .
كذلكم
من الإحسان إلى الجار، أو من إكرام الجار، النصيحة، إذا كان يحتاج إلى
نصيحة، إذا كان مقصر في أمر من الأمور، فمن أعظم ما يهدى لهذا الجار، هو
نصيحته، والنبي - صلى الله عليه وسلم – طبق هذا مع جاره اليهودي، عندما
مرض، مع أنه يهودي، وزاره النبي - صلى الله عليه وسلم – ، ودعاه إلى
الإسلام، وكان شاباً، فالتفت الشاب إلى أبيه كأنه يستأذنه، قال: أطع أبا
القاسم، ففرح النبي – صلى الله عليه وسلم – فرحاً شديداً قال: ( الحمد لله الذي أنقذه بي من النار )، وهذا من أعظم ما يكرم به الجار .
كذلك،
من إكرام الجار الصبر على ما يأتي من أذى، والأذى متنوع، أذى أحياناً
بتسريب المياه، أذى بوقوف السيارة أمام البيت، أذى بالأصوات المزعجة، سواء
أصوات الملهيات، أو أصوات التلفزيون، أو أصوات يعني مسجلات، أو أدوات أخرى،
أو أصوات أهل البيت أيضاً، أو أصوات الضيوف المتكررين، كل هذا من إيذاء
الجار الآخر، فهذا الإيذاء يجب أن يزال، وفى حال وجوده ينبغي للجار الآخر
أن يصبر على أذى جاره، ولا مانع من أن يطلب منه أنه يؤذينا هذا الأمر،
يؤذينا تسريب المياه، يؤذينا وقوف السيارة باستمرار عند الباب، يؤذينا وضع
النفايات أمام الباب، تؤذينا الأصوات المزعجة التي ترد عندكم بين فترة
وأخرى، بأسلوب حسن، ويجب أن يكون التناصح فيما بين الجيران بأسلوب مناسب.
النقطة
الأخيرة في مسألة الجار: الجار له حق أياً كان، فإن كان قريباً لجاره، فله
ثلاثة حقوق، حق القرابة، حق الجوار، حق الإسلام، إن كان ليس قريباً، وهو
مسلم فله حقان :حق الإسلام، وحق الجوار، وإن كان الجار كافراً، فله حق
واحد، وهو حق الجوار، إذاً، الجار على أي صفة من الصفات فله حق، حتى ولو
كان كافراً، لا كما يظن بعض الناس، فالجار وإن كان كافراً فله حق، فإطعامه،
واشرابه، بهدية له، بزيارته بالتحية له،ودعوته إلى هذا الدين بالمعاملة
الحسنة معه وهكذا ،
المثال
الآخر في نفع الآخرين: إكرام الضيف، والضيف عادة من يقبل من مكان بعيد،
فله حق الإكرام، وإكرام الضيف، بإطعامه، بما يسقيه، بما يؤويه، فيكرم،
فاليوم الأول بمنزلة الواجب، واليوم الثاني، والثالث بمنزلة المستحب،
فإكرامه ثلاثة أيام، واليوم الرابع، صدقة من الصدقات.
وهنا
الضيف له حق؛ لأنه يكون غريب عن البلد، يكون لا يعرف هذه البلد، لا يعرف
مكانها، فإكرامه مع تقديم الشراب له ،إيواءه أيضاً، كذلك دلالته على ما
يكمل به حاجته من هذا البلد، وهكذا .
من
هنا: نلخص إلى أن المسلم كالنخلة، أينما وجدت نفعت، والنخلة كل ما فيها
ينفع، ابتداء بثمرتها إلى سعفها إلى خوصها، إلى كربها، وكل ما فيها فهو
نافع المسلم، كذلك كما أخبر النبي – صلى الله عليه وسلم –، فأينما هو حي،
فهو نافع للآخرين، وهو إيجابي مع الآخرين، وهذان المثالان، خير حق على بيان
هذه الإيجابية .
المسألة
الأخيرة في هذا الحديث: أن الإيمان يزيد، وينقص، يزيد بالأعمال الطيبة،
وينقص بالأعمال غير الصالحة، يزيد بالأعمال الصالحة، وينقص بالمعاصي،
والسيئات؛ ولذلك النبي – صلى الله عليه وسلم – قال: من كان يؤمن بال،له
واليوم الآخر، فليقل خيراً، أو ليصمت، والقول هو عمل، وكذلك ليكرم جاره،
وإكرام الجار عمل، وليكرم ضيفه، إكرام الضيف عمل، كل هذا مما يزيد الإيمان،
وهذا هو مذهب أهل السنة والجماعة في الإيمان؛ لأن العمل من الإيمان، وأن
العمل يزيد الإيمان، أو ينقص من الإيمان ، بهذا ننتهي من هذا الحديث. إذا
كان ننظر إجابات ونسمع بعضها.