صور واقعية للندامة
صور ومقاطع حقيقية واقعية صورها رب البريات وعرضها عرضا حقيقيا قبل وقوعها نظرا لأهميتها , وجرس إنذار للغافلين من قبل أن تطم الطامة وتصخ الصاخة ويتيه الناس سكاري وما هم بسكاري ولكن عذاب الله شديد..
لكل متكبر جبار أذاق الناس ويلات كبره وجبروته
لكل منافق متملق لا يري في الحياة إلا خدمة نفسه بأي وسيلة كانت
لكل شاب غرته عافيته وأمانيه وأحلامه فضرب وشتم وسب وفجر وأفسد الأرض وجو السماء
لكل فتاة مفتونة ظنت أنها فاتنة , مغدورة ظنت أنها غادرة , مقتولة ظنت أنها قاتلة
لكل لاعب بدينه متقدم أو متأخر .. مذنب ظن أنه تائب .. أو تائب ظن أنه تحت ظل العرش نائم
لكل جاهل متعالم عن الله غافل .. لا تنفع شهادات إلا شهادة واحدة عليها قامت السموات والأرض
إليكم جميعا البيان التالي :
الصورة الأولي من الندم عند الفراق ( الموت )
وقد التفت الساق بالساق "إلي ربك يومئذ المساق" .. وفي لحظة فارقة , فاصلة ـ لا بين ليل ونهار أو بين مشرق ومغرب ـ بل بين الدنيا والآخرة .. حينها يأتيه شريط اللحظات والساعات والأيام والأعوام فيجد أن أكثرها فراغ , فراغ مغبون فيه " نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس الصحة والفراغ" حينها * يندم * ويتمني الرجوع ليستدرك ما فات..."حتي إذا جاء أحدهم الموت قال رب ارجعون * لعلي أعمل صالحا فيما تركت" فهذه أول الأماني عند أول لحظة *ندم * عند أول غيب تراه عين .. لكن هيهات أن ينطلي ذلك علي علام الغيوب الذي قال "ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه وإنهم لكاذبون" لذا يقال لهذا النادم المتمني " كلا إنها كلمة هو قائلها ومن ورائهم برزخ إلي يوم يبعثون".
الصورة الثانية للندم - عض الأيدي في أرض القيامة
وهو يري أن أهون أهل النار عذابا في هذا اليوم رجل يوضع في أخمص قدميه جمرتان , يغلي منهما دماغه , وفي رواية : له نعلان وشراكان من نار يغلي منهما دماغه - كما يغلي المرجل - ما يري أن أحدا أشد منه عذابا , وإنه لأهونهم عذابا " حينها تتخايل أمامه تلك الضحكات والقهقهات والجلسات والشراب المحرم ومااقترفته يداه بسبب اصدقاء وأحباب تمني أنه ما عرفهم "ويوم يعض الظالم علي يديه يقول ياليتني اتخذت مع الرسول سبيلا * يا ويلتي ليتني لم أتخذ فلانا خليلا * لقد اضلني عن الذكر بعد إذ جاءني وكان الشيطان للإنسان خذولا" يقول سيد قطب رحمه الله : فلا تكفيه يد واحدة يعض عليها إنما هو يداول بين هذه وتلك أو يجمع بينهما لشدة ما يعانيه من الندم اللاذع المتمثل في عضه اليدين في نتيجة طبيعية لمصاحبة أصحاب السوء ومعاداة أهل الصلاح.
الصورة الثالثة من الندم -عند العرض ..
الكتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها ووجدوا ما عملوا حاضرا" ينبؤ الإنسان يومئذ بما قدم وأخر" وهذه الأعمال تعرض أمام الخلائق والكل ينظر " يوم تبلي السرائر فما له من قوة ولا ناصر" وهذا الكتاب لا أحد يقرأه إلا صاحبه " اقرأ كتابك كفي بنفسك اليوم عليك حسيبا " ويتلقاه الإنسان إما بيمينه دليل بشري , وإما بشماله أو من وراء ظهره دليل مصيبة بل نكبة هي نكبة الأبد فإذا سارعت شماله لالتقاط الكتاب * يندم * صائحا : " ياليتني لم أوت كتابيه و* لم أدر ما حسابيه * ياليتها كانت القاضية * ما أغني عني ماليه * هلك عني سلطانيه" فلم ينفعه مال ولا جاه أو سلطان فيتحسر ويندم بعد أن يقرأ الفضيحة تلو الأخري والله والملائكة والعالمين شهود فيتمني لو كان ترابا وطئته الأقدام بل إنه يتمني الموت ويكون أغلي أمانيه.
الصورة الرابعة من الندم -عند مجيء النار
يقول النبي صلي الله عليه وسلم : " يؤتي بجهنم يومئذ لها سبعون ألف زمام , مع كل زمام سبعون ألف ملك يجرونها" رواه مسلم . أربعة مليارات وتسعمائة مليون ملك يجرون جهنم بعد وقفة العرض والتقاط الكتب .. "وجيء يومئذ بجهنم يومئذ يتذكر الإنسان وأني له الذكري " لا تنفع اليوم ذكري أو ندم ومجيء جهنم هنا مجرد إبراز وإظهار "وبرزت الجحيم للغاوين " يقول الإنسان عندذاك "ياليتني قدمت لحياتي" وما أعظم ندم من استحق العذاب ورأي بأم عينه جهنم -مقر العذاب- حتي الآمنون من العذاب يتحسرون : أخرج أحمد بسنده عن محمد بن عميرة وكان من أصحاب النبي صلي الله عليه وسلم قال : لو أن عبدا خر علي وجهه من يوم ولد إلي أن يموت هرما في طاعة الله , لحقره يوم القيامة ولودَّ أنه رد إلي الدنيا كيما يزداد من الأجر والثواب "
الصورة الخامسة من الندم - عند وقوفهم علي النار
سيقف المكذبون علي النار ويرونها ويتمنون العودة وأن يكونوا من المؤمنين الذين كانوا يضطهدونهم في الدينا "ولو تري إذ وقفوا علي النار فقالوا ( ياليتنا ) نرد ولا نكذب بآيات ربنا ونكون من المؤمنين" لم يكن ذاك قبل الوقوف علي النار.. إنه المكر والنفاق الذي علق بقلوبهم , لكن الله يمكر بهم ويفضحهم بقوله "بل بدا لهم ماكانوا يخفون من قبل ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه وإنهم لكاذبون" نعم كاذبون ولا ينفع ذلك الندم الكاذب مع الله.
الصورة السادسة من الندم - بعد دخول النار (والعياذ بالله)
"يوم تقلب وجوههم في النار يقولون ( ياليتنا ) أطعنا الله وأطعنا الرسولا * وقالوا ربنا إنا أطعنا سادتنا وكبراءنا فأضلونا السبيلا * ربنا آتهم ضعفين من العذاب والعنهم لعنا كبيرا " إن أكثر الناس أضلهم الكبراء والسادة فرضوا بالذلة والجبن والصغار معهم في الدنيا فرافقوهم في النار في الآخرة . "قال الذين استكبروا إنا كل فيها إن الله قد حكم بين العباد"..
ندم ثم ندم ولا يجتر النادم إلا الحسرة "أن تقول نفس ياحسرتي علي ما فرطت في جنب الله وإن كنت لمن الساخرين أو تقول لو أن الله هداني لكنت من المتقين أو تقول حين تري العذاب لو أن لي كرة فأكون من المحسنين -بلي قد جاءتك آياتي فاستكبرت وكنت من الكافرين ..
فمن تذكر احوال الندم هذه أفلا يسارع إلي ندم التوبة والمحاسبة كل يوم وليلة ولحظة من هذا العمر القصير الذي كتبه الله علينا ليبلونا أينا أحسن عملا , أنشكر أم نكفر .. اللهم رحمتك